مقالات

تعليق قانوني على تكليف جمعية المصارف دفع أموال المحامين/بسّام وهبة

القاضي بسّام وهبة(رئيس غرفة في ديوان المحاسبة):
جانب جمعية المصارف:”نُكلّفكم بدفع المبالغ العائدة للمحامين سواءٌ بالعملة الأجنبية أو العملة الوطنية بناءً لِطَلب المحامي”. (المرجع: النيابة العامة المالية، الموضوع: حسابات المحامين المصرفية، رقم الصادر ٢٠١٩/٨٢٩٥، تاريخ ٢٠٢٠/٤/٧، القاضي علي إبراهيم).
بدايةً، إنَّ القضاء هو إحدى السُّلطات الثلاث التي تحكم لبنان بموجب الدستور والقوانين والأنظمة المرعية الإجراء، له كيانٌ خاص ومستقلّ. وتنصُّ المادة 20 من الدستور اللبناني على الآتي: “السُّلطة القضائية تتولّاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينصُّ عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاة والمتقاضين الضمانات اللازمة.”
ومع تقديرنا الكبير للنائب العام المالي ولنقابة المحامين والأساتذة المحامين، ولنا أصدقاء أعزّاء كُثُرٌ بينهم، نحن نؤيِّد وندعم ونطالب بإلحاح أن تقوم المصارف العاملة في لبنان، مجتمعةً أو فُرادى، بتنفيذ موجباتها العقدية تُجاهَ زبائنها كافةً عن طريق تسليمهم أموالهم الخاصة المستحقّة لهم بناءً لِلطَّلب ووفقًا للأصول وقوانين الموجبات والعقود والتجارة والنقد والتسليف وغيرها، دون إبطاء ولا تأخير. وينسحبُ هذا الأمر على جميع المواطنين وعُملاء المصارف، كائنًا مَن كانوا، دون استثناء ولا تمييز.
ليت الكتاب (أعلاه) يكون قابلاً للتنفيذ وينتج جميع مفاعيله القانونية والعقدية بين المصارف والمحامين وسائر الزبائن لديها. ولكن لِكي يكون أيُّ حُكم، أو قرار أو تدبير قضائي، قابلاً للتنفيذ، فلا بُدَّ أن تتوفّر فيه جُملةٌ من العناصر والشروط مجتمعةً:
1- يجب أن يكون القرار صادرًا عن مرجع قضائيٍّ مختص (compétant) قانونًا. ومعلومٌ، نصًّا وفِقهًا واجتهادًا، أنّ النائب العام يتلقّى الشكاوى والإخبارات ويقوم بحفظها أو يدَّعي بها أمام المحاكم المختصة، مكانيًّا ونوعيًّا، وهو لا يُصدر أحكامًا لأنّه ليس قاضي حكم. وتاليًا فإنّ كتاب “التكليف”، ذات الصِّلة، هو بمثابة تمنِّي على المصارف بتسليم الودائع المستحقّة للمحامين، غبّ الطلب، لا يرقى إلى درجة القرار بجميع مفاعيله، وفي أحسن الأحوال لا يعدو كونه قرارًا إداريًّا غير نافذ بحدِّ ذاته.
٢- يجب أن يتمتّع القرار بِقوّة تنفيذية خاصة به ونسبية فقط، وهي قاعدة قانونية شهيرة ومعروفة من الجميع. أيّ قوَّة البَتّ في قضيّة محدَّدةُ الموضوع والأشخاص والنتائج… لا أن يكون للقرار صفة عامة يتوجَّه بها إلى الجميع. أيّ أنّه لا يمكن أن تنسحب مفاعيل القرار على غير فرقاء الدعوى، حال وجودها، وأن تتعدَّاهم لِتَصل إلى عموم الناس، أو الغَيْر (Les tiers). وجميع المحامين هم من العموم ما لم يتقدَّم أحدهم (منفردًا) أو بعضهم (بالاشتراك) بِدعاوى مباشرة على أحد البنوك، أو فروعه، للمطالبة بِحَقٍّ ما أو بموضوع محدَّد، لأنّ إصدار القواعد الشرعية الآمرة والشاملة وذات الصفة العامة، أو التنظيمية، تركه الدستور لاختصاص السُّلطتين التشريعية والتنفيذية وليس إلى السُّلطة القضائية، ووفقًا لاختصاص كلٍّ منها بواسطة إصدار القوانين والمراسيم والقرارات الإدارية كافةً.
٣- يجب أن تُقدَّم ضدّ المصرف دعوى شخصية من ذي صفة وأهلية ومصلحة، على أن يصدر القرار بصيغة حكم وباسم الشعب اللبناني، كما فرضه الدستور اللبناني، وهو غير متوفّر هنا.
٤- أن تكون قد انقضت على الحكم الصادر، في هكذا أحوال، جميع مهل الطعن العادية وغير العادية بعد إبلاغه أصولاً للمعنيِّين به في صيغة حكم صالح للتنفيذ…، وهذان الأمران غير متوفرين أيضًا في الموضوع المطروح، فاقتضى التنويه.
“محكمة” – الجمعة في 2020/4/10

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!