علم وخبر

عدم نفاذ القرار التأديبي على الأصل/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
اعتبرت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الغرفة الحادية عشرة، الناظرة في الدعاوى النقابية والمؤلّفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري أنّ المادة 110 الواردة في النظام الداخلي لنقابة المحامين، التي نصّت على تعجيل نفاذ القرار الصادر عن المجلس التأديبي، لا يمكن أن تتجاوز نصّ قانون أصول المحاكمات المدنية الذي يتقدّم في التطبيق على نصّ النظام الداخلي لنقابة المحامين الصادر عن مجلس النقابة، علماً أنّه وفقًا لأحكام المادة /570/ أ.م.م. يعتبر معجّل التنفيذ أيّ حكم أو قرار ينصّ القانون على تعجيل تنفيذه.
وقضت بفسخ قرار مجلس النقابة وتقرير قبول طلب ترشّح المحامي إلى عضوية المجلس لدورة 2021.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2021/10/14.
ثانيًا: في الأساس
حيث إنّ الإستئنافين الراهنين يرميان إلى فسخ القرار الصادر عن مجلس نقابة المحامين في بيروت بتاريخ 2021/10/8 القاضي برفض طلب الترشيح المقدّم من المستأنف المحامي جاد عثمان طعمة لعضوية مجلس النقابة للإنتخابات النقابية الجارية في شهر تشرين الثاني 2021.
وحيث من الثابت أنّ القرار برفض طلب ترشيح المستأنف إلى عضوية مجلس النقابة قد استند بشكل أساسي إلى صدور قرار عن المجلس التأديبي لنقابة المحامين في بيروت بتاريخ 2019/11/25 قضى بفرض عقوبة تأديبية بحقّ المستأنف المحامي جاد طعمة تتمثّل من جهة بمنعه من مزاولة مهنة المحاماة مؤقّتًا لمدّة ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار سنداً لأحكام البند الرابع من المادة /5/ محاماة، وأحكام المادة /90/ من النظام الداخلي، والمادة /9/ من نظام آداب مهنة المحاماة ومناقب المحامين، ومن جهة أخرى بحرمانه من حقّ انتخابه عضواً في مجلس نقابة المحامين لمدّة لا تتجاوز سنة واحدة بالإستناد إلى الفترة الأولى من المادة /110/ محاماة بحيث إنّ سيرته لا توحي الثقة والإحترام.
وحيث من الثابت أيضاً أنّ المستأنف المحامي جاد طعمة قد استأنف القرار المذكور بتاريخ 2019/12/17، وأنّ محكمة الاستئناف النقابية الناظرة بالطعن (أيّ المحكمة الراهنة) قد أصدرت قراراً بتاريخ 2019/12/30 قضى بوقف تنفيذ القرار التأديبي المطعون فيه لتوفّر أسباب جدّية تتعلّق بالشكل والأساس.
وحيث إنّ المستأنفين يدلون في هذا الإطار بأنّ القرار التأديبي لا يتمتّع بصفة النفاذ على الأصل، وإنّه في مطلق الأحوال موقوف تنفيذه بموجب قرار محكمة الإستئناف، وفضلًا عن أنّ العقوبات المفروضة بموجبه قد انقضت بانقضاء المدّة المقرّرة لها.
وحيث يقتضي التذكير في البدء بأنّه لدى وجود نقص في القوانين والقواعد الإجرائية الأخرى، تتبع القواعد العامة في قانون أصول المحاكمات المدنية، عملاً بأحكام المادة 6 من القانون الآنف الذكر.
وحيث إعمالاً لأحكام المادة /570/ أ.م.م. لا تجوز مباشرة التنفيذ المعجّل إن لم يكن مقرّراً إلّا في الحالات التي يكون فيها الحكم معجّل التنفيذ، وتعتبر معجّلة التنفيذ بقوّة القانون على الأخصّ القرارات الصادرة في الأمور المستعجلة أو الأوامر الصادرة على العرائض والقرارات القاضية بتدابير مؤقّتة أو إحتياطية في نطاق المحاكمة وأيّ حكم أو قرار ينصّ القانون على تعجيل تنفيذه.
وحيث ولئن نصّت المادة /110/ من النظام الداخلي لنقابة المحامين في بيروت على صدور القرار عن المجلس التأديبي معجّل التنفيذ ولا يقف تنفيذه إلّا بحكم من محكمة الإستئناف، إلّا أنّه يقتضي البحث في مدى تلاؤم النصّ المذكور وتعارضه مع الأحكام القانونية العامة، علماً أنّه على المحاكم التقيّد بمبدأ تسلسل القواعد عملًا بأحكام المادة 2 من قانون أ.م.م.
وحيث إنّ المادة /110/ الواردة في النظام الداخلي لنقابة المحامين، التي نصّت على تعجيل نفاذ القرار الصادر عن المجلس التأديبي، لا يمكن أن تتجاوز نصّ قانون أصول المحاكمات المدنية الذي يتقدّم في التطبيق على نصّ النظام الداخلي لنقابة المحامين الصادر عن مجلس النقابة، علماً أنّه وفقًا لأحكام المادة /570/ أ.م.م. يعتبر معجّل التنفيذ أيّ حكم أو قرار ينصّ القانون على تعجيل تنفيذه.
وحيث على هدي ما تقدّم، لا يجوز اعتبار القرار المستأنف معجّل التنفيذ في ظلّ عدم النصّ قانوناً على تعجيل تنفيذه، وأنّ النصّ على تعجيل تنفيذ القرار التأديبي بموجب نظام لا يجوز تطبيقه لتعارضه مع النصّ الأعلى درجة والمنصوص عليه قانوناً.
وحيث إنّ ما يعزّز هذه الوجهة ويؤكّدها هو نصّ المادة /111/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة التي يشترط انبرام قرار الشطب عن الجدول لإلقاء عقوبة الحبس على كلّ محام مارس مهنة المحاماة بعد الشطب.
وحيث بالطعن استئنافًا بالقرار التأديبي الصادر بحقّ المستأنف (وبمعزل عن مضمون هذا الطعن ومدى صحّة مضمون القرار التأديبي) هذا إضافة إلى صدور قرار واضح وصريح عن محكمة الاستئناف بوقف تنفيذه، يفقد القرار التأديبي المذكور قوّته التنفيذية ويضحى القرار غير مبرم وخاضع لمجريات المحاكمة الإستئنافية التأديبية، بحيث لا يجوز الإستناد إليه لوحده لحرمان المستأنف من الترشّح، ذلك أنّ مجرّد وجود ملاحقة تأديبية بحقّ المحامي دون أن يصدر بنتيجتها قرار تأديبي مبرم، لا يكفي لاعتبار أنّ سيرته لا توحي بالإحترام والثقة في ظلّ عدم وجود معطيات أخرى تفيد ذلك.
وحيث يتبيّن أنّ الشروط القانونية لترشّح المستأنف إلى مركز العضوية في مجلس النقابة متوافرة، ولم تنازع المستأنف عليها بهذه الشروط ما خلا ما تقدّم.
وحيث سنداً لمجمل ما تقدّم، يكون القرار المستأنف من قبل المستأنف الأوّل المحامي جاد طعمه، واقعاً في غير موقعه الصحيح، ما يوجب فسخه ورؤية الموضوع انتقالًا والتقرير مجدّداً بقبول طلب ترشّح المستأنف المحامي جاد عثمان طعمه إلى عضوية مجلس نقابة المحامين في بيروت لدورة 2021 لاستيفائه الشروط القانونية الكاملة.
وحيث إنّه بالنسبة للإستئناف المضموم المقدّم من المستأنفين المحامي نجيب فرحات ورفاقه، مقدّمي طلب ترشيح المستأنف الأوّل المحامي جاد طعمة، طعنًا بالقرار القاضي باعتبار طلبهم الرامي إلى ترشيح زميلهم المستأنف المحامي جاد عثمان طعمة بدون موضوع تبعًا لردّ طلب الترشّح المقدّم من قبل هذا الأخير، فإنّه لقيام المحكمة بفسخ القرار الأوّل المطعون فيه وبالتالي قبول طلب ترشّح هذا الأخير لمركز عضوية مجلس النقابة، يضحى طلب ترشيحه المقدّم منهم بدون موضوع، ما يقتضي معه ردّ استئنافهم لعدم الجدوى، لاسيّما وأنّ الاستحضار الاستئنافي أرفق فقط به قرار مجلس النقابة المتعلّق بردّ طلب ترشيحهم لزميلهم لانتفاء الموضوع.
وحيث بنتيجة الحلّ المساق، تغدو سائر الأسباب أو المطالب الزائدة أو المخالفة مستوجبة الردّ إمّا لكونها لاقت ردّاً ضمنياً أو لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
تقرّر بالإجماع:
1- قبول الإستئنافين شكلاً سندا للمادة 49 من قانون تنظيم مهنة المحاماة.
2- قبول الإستئناف الأوّل رقم 2021/54 المقدّم من قبل المحامي جاد طعمة أساساً ورؤية الموضوع انتقالاً والتقرير مجدّداً بقبول طلب ترشّح المستأنف المحامي جاد عثمان طعمة إلى عضوية مجلس نقابة المحامين في بيروت لدورة 2021 لاستيفائه الشروط القانونية الكاملة.
3- ردّ الاستئناف المضموم رقم 2021/55، المقدّم من المحامي نجيب فرحات ورفاقه لانتفاء موضوعه تبعاً لتقرير قبول طلب ترشّح المحامي جاد طعمه إلى عضوية مجلس نقابة المحامين.
4- ردّ سائر الأسباب أو المطالب الزائدة أو المخالفة.
5- إعادة التأمين الإستئنافي في الملفّ الأساسي رقم 2021/54 وتضمين المستأنف عليها رسوم ونفقات هذا الاستئناف، ومصادرة التأمين الاستئنافي في الملف المضموم رقم 2021/55 وتضمين المستأنفين رسوم ونفقات استئنافهم.
قراراً صدر في غرفة المذاكرة بتاريخ 2021/10/14.
“محكمة” – الثلاثاء في 2021/10/19

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!