مقالات

ما بين المودع والمصرف/مريم حمدان

المحامية مريم حمدان:
منذ ما يقارب الاربع سنوات، ووطننا يتعرّض لأزمة متعدّدة الأبعاد، وهي الأكثر إيلاماً وتأثيراً في تاريخه المعاصر.
وقد بدأت في ثورة تشرين الأول من العام 2019، وبفعل تفشّي جائحة كورونا، وانفجار العصر الذي أصاب مرفأ بيروت في آب 2020 . و نتيجة لهذه الأزمة، ومن ضمن تداعياتها:
1 – توقّف القطاع المصرفي وفرضه بشكل غير قانوني أو رسمي قيوداً قاسية وصارمة على الودائع المصرفية، مما انعكس سلباً وبشكل كبير على معيشة وحياة المودعين ، لا سيما ان هذا الفعل ترافق مع غلاء فاحش لكافة السلع والخدمات ، ممّا أدّى إلى تدهور القوّة الشرائية لدى الشعب اللبناني وبالتالي خسارتهم الفادحة لقيمة ودائعهم، والتي جمّدت من قبل المصارف دون أيّ وجه حقّ.
فماذا يستطيع المودع أن يفعل تجاه ما حصل وبالقانون؟
لقد نصّ قانون العقوبات اللبناني في المادة670 منه: “كلّ من أقدم قصداً على كتم أو اختلاس أو تبديد أو إتلاف أو تمزيق سند يتضمّن تعهّداً أو إبراء أو شيء منقول سلّم إليه على سبيل عارية الإستعمال أو الرهن أو لإجراء عمل لقاء أجرة أو بدون أجرة شرط أن يعيدها أو يقدّمها أو يستعملها في ـمر معيّن، يعاقب بالحبس من شهرين الى سنتين وبغرامة تراوح بين ربع قيمة الردود والعطل والضرر وبين نصفها.”
وكذلك نصّت المادة 671عقوبات:” كل من تصرف بمبلغ من المال او بأشياء اخرى من المثليات سلمت اليه لعمل معين وهو يعلم او كان يجب ان يعلم انه لا يمكنه اعادة مثلها ولم يبرىء ذمته رغم الانذار. يعاقب بالحبس حتى سنه وبالغرامة حتى ربع قيمة الردود والعطل والضرر.”
فذكر المادة /670/ عقوبات للكتم والاختلاس لأيّ شيء منقول وبفعل قصدي خاصة إذا ما سلّم إليه على وجه وديعة مثلاً الا يعتبر صورة واضحة عمّا فعلته وما زالت تفعله المصارف بأموال المودعين؟
فهم سلموا إليها أموالهم على سبيل الوديعة وهي كتمتها عنهم، إن لم نقل اختلستها ومنعتهم عنها، وبالتالي طبّقت عليها المادة بحذافيرها، وهذا يعرّضها للمساءلة القانونية وللعقوبة المذكورة في المادة السالفة الذكر. وكذلك في المادة /671/ عقوبات حيث ذكرت أنّ من يتصرّف بمبلغ من المال، سلّم إليه لعمل معيّن ولم يردّه إلى صاحبه رغم الانذارات والمتابعات المتتالية، يُعاقب عليه.
فالودائع سلّمت للمصارف كوديعة وليست كهدية، وهي تتحكّم بها، تحكم المالك بملكه مع العلم أنّها لا تتملكها، وهي بتصرّفها هذا تحجبها عن أصحابها ولا تردّها وفقاً للأصول.
إذن وفقاً لمنطوق هاتين المادتين، فإنّ فعل المصارف ينطبق عليه جرم الاختلاس وجرم إساءة الأمانة. هذا وفقاً لظاهر قانون العقوبات اللبناني، فهل ستطبق المحاكم اللبنانية هذه المواد بحقّ المتحكّمين بودائع الناس؟
“محكمة” – الإثنين في 2023/7/10

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!