مقالات

لن تمنعنا كورونا من إجراء انتخابات المحامين/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
منذ بدء غزو جائحة كورونا لبنان في 21 شباط 2020 ونحن نكتب ونحذّر من خطورة هذا المرض الفتّاك الذي يمكن أن يقضي على حياة الإنسان في وقت قصير جدّاً. ثمّ نبّهنا بعدها بوجوب إقفال البلد لمدّة معيّنة تمهيداً لإعادة تنظيم أمر الدخول والخروج من لبنان. ولكن دون نتيجة.
وبتاريخ 14 أيّار 2020 نشر قانون تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية في الجريدة الرسمية تحت الرقم 2020/160، كما نشر القانون رقم 2020/185 بتاريخ 2020/8/27.
أثار هذان القانونان جدلاً قانونياً واسعاً في الأوساط القانونية والنقابية، وخصوصاً في ما يتعلّق بمدى قانونية إجراء الانتخابات في عدد من النقابات، وبما يتعلّق بنقابة المحامين في بيروت بتاريخ 2020/11/1 وإلاّ بتاريخ 2020/11/15. البعض اعتبر أنّ هذين القانونين لا يطبّقان على عقد الجمعية العمومية للمحامين التي لا تنعقد فقط من أجل الإنتخابات بل من أجل أمور أخرى أيضاً متعلّقة بالموازنة…. والبعض الآخر اعتبر أنّه يطبّق.
وبمعزل عن الجدل القانوني القائم، اقترحت على المعنيين الاتصال بالقيّمين على السلطة التشريعية، ومنهم دولة الرئيس إيلي الفرزلي ورئيس لجنة الإدارة والعدل المحامي جورج عدوان، وحسم الموضوع بسطر واحد في قانون معجّل مكرّر، وفحواه عدم شمول قانون تعليق المهل أعمال النقابات ومنها الجمعيات العمومية…الخ ولا يزال الطرح قائماً خصوصاً وأنّني اقترحت الطرح قبل الجلسة الماضية، ومن بعدها بعد تحديد 20 تشرين الأوّل موعداً آخر لجلسة مجلس النوّاب.
أمّا إذا عدنا إلى النقاشات، وبمعزل عن قانون تعليق المهل، حول إمكانية عقد الجمعية العمومية والتي تتضمّن من ضمن بنودها الانتخابات. فما الذي يمنع من إجراء تلك الانتخابات؟.
1- صحيح أنّ هناك 1042 قرية وبلدة في لبنان، وقد حجر وزير الداخلية على 169 بلدة منها وهو قرار لم نؤيّده وانتقدناه. ولكن جميع سكّان تلك البلدات يتجوّلون بصورة عادية وطبيعية، وحدودها مفتوحة. ويستطيع أيّ كان الذهاب إلى أي مكان يريده.
2- في حرب تموز 2006، وكنت مرشّحاً لمركز عضوية مجلس النقابة، شنّ العدوّ حرباً على لبنان. وهجّرت منطقة بكاملها، ونسفت الجسور وشبكات الكهرباء والهاتف. ومع ذلك جرت الإنتخابات في تشرين الثاني. وربّ قائل أنّه كان قد مضى من آب حوالي 3 أشهر. ولكن هل عادت الحركة بالدقيقة ذاتها إلى البلد؟ أبداً. لا بل كان جسر البوار منسوفاً وجسر الكازينو وجسر ضهر البيدر وجميع جسور الجنوب…الخ. ولم يتركوا حتّى “عبارة” في عكّار إلاّ ونسفوها وبالتالي تسبّب هذا الأمر بالإضافة إلى أمور أخرى، بعجقات سير هائلة بقيت لعدّة أشهر، ومع ذلك جرت الانتخابات، وتحمّل المحامون مشقّات الإنتقال عدّة ساعات من الجنوب ومن جبيل وكسروان والبقاع وغيرها حتّى يحضروا إلى قصر العدل ويشاركوا في الجمعية العمومية.
3- في 17 تشرين الأوّل 2019، وقبل شهر واحد من الانتخابات النقابية، اندلعت الانتفاضة، وأقفلت الطرقات والمؤسّسات… وكان من الممكن جدّاً ألا يستطيع الناخبون الوصول إلى قصر العدل يوم الإنتخابات، ومع ذلك انعقدت الجمعية العمومية.
4- في ظلّ إمكانية اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، وتوسيع فترة الإنتخاب طوال النهار أما حسب الأحرف الأبجدية أو حسب الرقم النقابي، يمكن إجراء الإنتخابات. خصوصاً وأنّه، وخلال فترة التأمين، حضر آلاف المحامين وانتظروا الوقت الكافي للإشتراك به.
5- سألني أحد المرشّحين قائلاً: كيف تطالب بإقفال البلد وفي الوقت عينه بإجراء الانتخابات. فأجبته: أطالب بإقفال البلد حتّى ينظّف كلّياً من الجائحة وحتّى تجري الإنتخابات من دون كورونا.
وبالنتيجة، فإنّ، نقابة المحامين لم تتوقّف عن عقد جمعياتها العمومية وعن إجراء الانتخابات حتّى في فترة الحرب والقصف (بمعزل عمّا فرضه المرسوم 42 والذي توقّف العمل به بتاريخ 1991/6/21) ولا يجب أن تمنعها كورونا من ذلك.
“محكمة”- الجمعة في 2020/10/16

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!