علم وخبر

لهذه الأسباب غادة عون أمام”التمييزية”؟/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
تأكيداً لما سبق لموقع “محكمة” أن نشره عند مثول النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون أمام مجلس القضاء الأعلى بعد تهجّمها عليه ضمن مجموعة محادثات على تطبيق “واتساب” من أنّ المجلس لم يتخذّ أيّ إجراء بحقّها، فقد تبيّن أنّ ما تتداوله وسائل إعلامية في هذا الخصوص عن وجود شكوى من مجلس القضاء ضدّ عون بجرمي القدح والذمّ ليس صحيحاً على الإطلاق، وبالتالي فإنّ خبر“محكمة” هو عين الصواب.

غادة عون تعتذر من مجلس القضاء وتتراجع عن كلامها التهجّمي/علي الموسوي


وأكّدت مصادر في مجلس القضاء الأعلى لـ“محكمة” أنّ المجلس لم يكلّف النيابة العامة التمييزية ملاحقة عون جزائياً، بل اكتفى بما سمعته من القاضي سهيل عبود من كلمات حازمة، ثمّ ترجم موقفه النهائي تجاهها بالإصرار في التشكيلات القضائية على عدم تعيينها رئيسة للغرفة الأولى لمحكمة التمييز مكان القاضي المتقاعد كلود كرم، بل أعطاه للقاضي ناجي عيد، واكتفى بوضعها مستشارة في محكمة التمييز.
أمّا بشأن الشكاوى الموجودة بحقّ عون في النيابة العامة التمييزية، فهي أربع وتتوزّع على الشكل التالي:
أولّاً: شكوى مقدّمة من النائب هادي حبيش بعد ادعاء عون وهيئة القضايا في وزارة العدل عليه جزائياً نتيجة المشادة الكلامية التي وقعت في مكتب عون في قصر عدل بعبدا عند قيامها بتوقيف موكّلته مدير عام رئيس هيئة إدارة السير والآليات والمركبات هدى سلوم خلافاً للقانون، إذ حوّلتها من شاهدة إلى مدعى عليها وفي جرائم ليس من اختصاصها الادعاء فيها مثل الإثراء غير المشروع.
ملاحقتان من سلوم
ثانياً: شكوى مقدّمة من هدى سلوم نفسها بوكالة هادي حبيش عنها، وذلك على خلفية توقيفها وإصرار عون على إبقائها قيد التوقيف على الرغم من صدور مذكّرة الترك من قاضي التحقيق الأوّل في بيروت بالإنابة جورج رزق وإرسال هذه المذكّرة إلى نظارة قصر عدل بعبدا للتنفيذ، إلاّ أنّ عون أبقتها محتجزة خلافاً للقانون، ثمّ عملت على تغطية مخالفتها بادعاء ثان على سلوم، وتفريعها الملفّ الأصلي إلى ملفّات مختلفة، والادعاء في كلّ واحد منها على حدة، علماً أنّه إذا كان يوجد جرم ما، فلا تجوز ملاحقة الشخص على الجرم الواحد مرّتين.
وقد حاولت عون في البدء توقيف سلوم بجرم رشوة، ولمّا اعترض حبيش على ذلك في ظلّ عدم وجود إذن مسبق من وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن آنذاك ورفع نبرة صوته متجاوزاً أصول التخاطب، سعت عون إلى استدراك خطئها بتغيير الادعاء في “ورقة الطلب” وإضافة جرم الإثراء غير المشروع الذي يجيز الملاحقة والتوقيف من دون إذن مسبق، علماً أنّ عون يومذاك لم تسأل سلوم خلال التحقيق معها، عن أيّ أمر يتعلّق بالإثراء غير المشروع وهو ثابت في محاضر التحقيق، وهذا ما أشار إليه حبيش في متن شكواه أيضاً.
وينسب حبيش للقاضي عون “جرائم استعمال السلطة أو النفوذ مباشرة أو غير مباشرة لكي تعوّق أو تؤخّر تطبيق القوانين والأنظمة وتنفيذ قرار قضائي أو مذكّرة قضائية أو أيّ أمر صادر عن السلطة ذات الصلاحية” سنداً للمادة 371 من قانون العقوبات وتتراوح عقوبتها بين ثلاثة شهور وسنتين حبساً. وطلب التحقيق مع عون وتوقيفها وإحالتها على المحاكمة لإدانتها وإنزال أشدّ العقوبات بها وإلزامها بدفع مبلغ مليون دولار أميركي فضلاً عن الرسوم والنفقات والأتعاب.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ سلوم لم تكتف بملاحقة عون جزائياً، بل أتبعتها بشكوى مسلكية أمام هيئة التفتيش القضائي يفترض تحريكها لا تركها في “أدراج النسيان”، مع أنّ هيئة التفتيش القضائي وباستنسابية مطلقة ومخالفة للأصول القانونية، أحالت قضاة على المجلس التأديبي للقضاة وتغاضت عن آخرين، وهذا برسم وزيرة العدل الدكتورة ماري كلود نجم التي تعمل بشفافية مطلقة في تعيين القضاة في مراكز قضائية شاغرة عبر إفساح المجال أمامهم للترشّح، فكيف والحال مع وجود مخالفات وشبهات تقتضي عقوبة مسلكية رادعة، والأولوية هي لتنقية السلطة القضائية من الشوائب عبر المحاسبة والمساءلة؟ وأين هي المساواة أمام القانون في هذا الخصوص وكيف تنعدم بين أهل القضاء أنفسهم؟!
كسّارة فتوش
ثالثاً: شكوى مقدّمة من النائب السابق نقولا فتوش بوكالته عن شقيقيه بيار وموسى فتوش على خلفية إقفال كسّارة يملكانها في عين دارة- ضهر البيدر في العام 2019 بالشمع الأحمر بداعي عدم حيازتهما ترخيصاً قانونياً من المجلس الوطني للمقالع والكسّارات، فيما قيل إنّها تعمل بموجب مهل إدارية تجدّد تلقائياً مثل كسّارات أخرى مشابهة!
عون.. و”tipp – ex”
رابعاً: شكوى من أحد المحامين، وينسب فيها إلى عون قيامها بالتزوير من خلال إعادة تصحيح “خطأ مادي” في قرار ظنّي صدر عن أحد قضاة التحقيق في ملفّ مخدّرات بعدما كانت قد نظرته ولم يعد يحقّ لها اتخاذ أيّ إجراء قانوني فيه، غير أنّ عون استعادت الملفّ وقامت بمحو الكلمات مستخدمة سائل التصحيح الأبيض أو ما يعرف بـ”tipp – ex”. وتتضارب المواقف القضائية من هذا التصرّف، فمنها من يعتقد أنّه يحقّ لها القيام بذلك، ومنها من يراه مخالفة للقانون تستوجب الملاحقة!.
وحصلت سابقة مشابهة تقريباً قبل سنوات، عندما صدر قرار المجلس التأديبي للقضاة والهيئة القضائية العليا للتأديب بصُرف قاض منفرد في الجنوب من القضاء العدلي، قام بتصرّف مشابه تقريباً لما فعلته عون.
لا حاجة لإذن الوزير
ويبقى القرار النهائي في كلّ هذه الملاحقات للنائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات في ضوء التحقيق مع عون، مع الإشارة إلى أنّ ملاحقة القاضي جزائياً في جرائم خارجة عن وظيفته أو ناشئة عنها لا تحتاج على الإطلاق إلى إذن مسبق من وزير العدل كما يروّج أصحاب الفتاوى القانونية المعلّبة، بل تلاحقه النيابة العامة التمييزية تلقائياً أو بناء على شكوى المتضرّر، وهو ما أرساه قانون أصول المحاكمات الجزائية في متن المادة 345(الفصل العاشر المتعلّق بجرائم القضاة).
“محكمة” – السبت في 2020/6/6

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!