الأخبارمقالات

ما معنى أن يكونَ للقضاةِ نادٍ

خاص- “محكمة”:
أن تكونَ هدهداً معناهُ أن تكونَ مستشرقاً على أحوالِ النَّاسِ وأوضاعِهم الإجتماعيّةِ والإقتصاديّةِ والثَّقافيةِ.
أمّا المعاناةُ، فهي أن تحملَ على عاتقِك تلك الهمومِ المتلاحقةِ بُغيةَ تخفيفِ الأعباءِ وتلطيفِ الأجواءِ ، حتى يستقرَّ للمجتمعِ قرارُه في هدءأةٍ وانسجامٍ وتلاحُمٍ ووئامٍ .
والهدهدُ قبلَ ذلك وبعدَه هو مستشارٌ أمينٌ لسليمانِ الحكيمِ ، برمزيةِ القِصَّةِ القرآنيّةِ الذّائعةِ الذكرِ في الموروثِ الديني المُشتركِ. بينما أن تكونَ ببّغاءً فمعناهُ أن تكونَ مُسترجِعاً لما يردِّدُه على مسمعِك ويلقِّنُك إيّاه مقتنيك .. بُغيةَ التّعتيمِ على صحّةِ الشّيءِ وعدمِ إبرازِه بشكلٍ سليمٍ .
إنّ لبنانَ هو بلدٌ استثنائيٌّ بكلِّ المعاني ، هو السّاحلُ المُتَراميةُ شُطآنهُ على المحيطِ ، هو الجبلُ المُلهِمُ الّذي تتحطّمُ عند صخورِهِ غطرسةُ كلّ جبّارٍ عنيدٍ. وهو من قبلِ ومن بعدِ ، الشّامخُ شموخَ أرزِ الرَّبِّ ، ذاك الأرزُ المزَيِّنُ لعلمِ الوطنِ .
أن يكونَ للقضاةِ في لبنانَ نادٍ ، شيءٌ كان ينبغي منذُ عصورٍ ، لكن أن تأتيَ متأخِّراً أفضلُ من أن لا تأتي أصلاً .
وما معنى أن يكونَ للقضاةِ نادٍ؟؟
معناهُ رفعُ المستوى الثّقافي وإبرازُ الوجهِ الحضاري للمرجعيّةِ القضائيّةِ كسلطةٍ مستقلّةٍ ، وهو بهذا الطَّيفِِ يتكاملُ مع المؤسّسةِ القضائّيةِ الرّسميّةِ ، ولا يتعارضُ معها ، ويتناهضان معاً في تحسينِ الأداء ِ والمظهرِ وتحصينِ النُّواةِ والجوهرِ لسلطة القضاءِ من أجلِ الدِّفاعِ عن الحقوقِ واحترامِ المُوجباتِ .
لعلَّ من المناسبِ التَّنويه أخيراً بأنَّ مجلس القضاءِ الأعلى هو ممثّلُ السُّلطةِ القضائيَّةِ التّابِعةِ لسلطةِ الوصايةِ وهي وزارةُ العدلِ. بينما نادي القضاةِ هو جمعيّةٌ ترأسُها هيئةٌ إداريّةٌ تتمتّعُ بهامشٍ وسيعٍ مريحٍ فسيحٍ من حريّةِ الحركةِ الجوهريةِ في خطِّ الدِّفاعِ عن القضاةِ وحقوقِهم المُكتسَبةِ من دونِ خنقٍ ولا خِناقةٍ مع وصايةِ السّلطةِ السياسيّةِ بشدِّ وترِ “واجبِ التَّحفُّظِ” حول أعناقِ القُضاةِ .
على أملٍ أن نصلَ إلى سلطةٍ قضائيّةٍ مستقلَّةٍ في إدارةِ شؤونِها والتَّعبيرِ عن شُجونِها بما يكفلُ تحقيقِ العدالةِ السَّمحاءِ لوطنٍ يحتاجُ العدلَ السليمَ والحقَّ القويمَ .
“محكمة” – الاثنين في 2019/2/25

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!