مقالات

إعرف حقوقك القانونية خلال التفتيش والاستجواب/ملاك خضر

المحامية ملاك خضر:
نتغنّى في لبنان دائمًا بالمبدأ القانوني القائل إنّ المتهم بريء حتّى تثبت إدانته، إلّا أنّنا نصطدم أحيانًا وفي حقل الممارسة العملية بالعكس وبقرينة الادانة بدل البراءة، لذلك سأحاول في هذا المقال أن أتوجّه للمواطنين لأضيء لهم على حقوقهم خلال الإجراءات التي تقوم بها الضابطة العدلية عند الإشتباه بهم في معرض التفتيش والاستجواب، وكالعادة بطريقة الأسئلة والأجوبة التي تطالعنا يوميًا كمحامين.
• ما هي حقوقنا عند محاولة القوى الأمنية تفتيشنا وتفتيش سيّارتنا أو حتّى منازلنا؟!
علينا التمييز هنا بين عمل القوى الأمنية كضابطة عدلية أو كضابطة إدارية، حيث يحقّ للقوى الأمنية وعملًا بالمادة ١٩٤ من القانون رقم ١٧ المتعلّق بتنظيم قوى الأمن الداخلي، والتي حدّدت مهامها كضابطة إدارية، إستعمال الوسائل الرادعة التي يجيزها القانون لمنع حصول الجرائم، وحفظ النظام، وتوطيد الأمن، وتأمين الراحة العامة وحماية الأشخاص والممتلكات، ما يعني وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يمكن لدوريات القوى الأمنية وعند اشتباهها بأشخاص أو بسيّارات أن تقوم وفي أيّ وقت من اليوم بتفتيشهم واستجلاء هويّاتهم وضبط المواد الممنوعة في حال العثور عليها، ولها الحقّ بإقامة الحواجز واستعمال السلاح للدفاع عن النفس، أو بتكليف من السلطات الادارية، وبموجب المادة ٢١٦ لها الحقّ بتفتيشهم للتثبّت ممّا إذا كانوا ينقلون مواد خطرة.
وبالنسبة لتفتيش رجال قوى الأمن للنساء، فإنّه لا يحقّ لرجال قوى الأمن تفتيش النساء حمايةً للحياء والآداب العامة، إلّا أنّه بحقّ لهم ذلك في المواضيع التي لا تخدش الحياء، وإلّا أصبحنا أمام جريمة تحرّش جنسي.
وقياسًا على ذلك، لا يحقّ للنساء العاملات في القوى الأمنية، تفتيش الرجال إلّا بالحدود التي لا تخدش الحياء.
أمّا عندما تقوم القوى الأمنية بمهام الضابطة العدلية، فيحقّ لها تفتيش الأشخاص بناء على إشارة النائب العام. ويشمل تفتيش الأشخاص تفتيش أمتعتهم وما يحملونه من محفظات وجزادين وهواتف، وبالتالي يحقّ للقائم بالتفتيش أن يدخل إلى البيانات الخاصة بالهاتف الخليوي، ويدوّن ما يطلع عليه ويكون مجدياً في موضوع التحقيق دون أن يكون له الحقّ بحذف أو إخفاء أيّ من البيانات. كما يحقّ له مصادرة الجهاز الخليوي أو أيّ من الأغراض الخاصة بالمشتبه به بناءً على إشارة النيابة العامة المختصة.
أمّا بالنسبة لتفتيش المنازل، فقد عدّدت المادة ٣٣ من قانون أصول المحاكمات الجزائية شروطًا خاصة لدخول المنازل، فيكون ذلك إمّا بحضور النائب العام، وإمّا بإشارة منه، ويكون الدخول حصرًا بين الساعة الخامسة صباحًا والثامنة ليلًا دون تحديد المادة المذكورة لوقت الخروج من المنزل، على أن يكون بحضور المشتبه به أو أشخاص من عائلته أو شاهدين، وذلك كإجراء ضروري للتوقيع على محضر التفتيش.
وتفتيش المنزل بدون إذن النيابة العامة وخارج الوظيفة يُعرّض العسكريين لعقوبة المادة ٣٧٠ من قانون العقوبات والتي تتحدّث عن التعدّي على حرمة المنزل.
• ما هي حقوقنا كمواطنين عند طلب المخافر إلينا الحضور لسماع إفادتنا كمدعى علينا؟
تنصّ المادة ٤٧ من قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد والمعدّلة بالقانون رقم 2020/191على إجراءات الضابطة العدلية خارج الجرم المشهود، حيث يتوجّب على هذه الضابطة إعلام النيابة العامة بكلّ ما تقوم به وأخذ إشارتها وإذنها في أيّ أمر تقوم به، ولا يحقّ لها احتجاز شخص إلّا بإذن النيابة العامة ولمدّة ٤٨ ساعة تمدّد ٤٨ أخرى. وعليها إعلام المشتبه به بالجرم المشهود وغير المشهود وإعلامه بحقوقه حيث له حقّ الصمت أو الإستعانة بمحام يتمّ تعيينه بموجب تصريح يدوّن على المحضر، وله الاتصال بعائلته أو الاستعانة بمترجم، وله الحقّ قبل الاستجواب بخلوة سرّية مع المحامي لمدّة ثلاثين دقيقة تدوّن على المحضر، ويمنح المحامي بحال لم يكن موجوداً مدّة ساعتين للحضور ولا يمكن أن يتمّ التحقيق إلّا بحضوره باستثناء الجرم المشهود، وعند تأخّره ينضمّ إلى التحقيق ويطلع على مضمون أقوال موكّله.
وللمشتبه به في حال تعذّر عليه تكليف محام ولم يتنازل عن حقّه بحضور محام معه، أن يعيّن النائب العام المشرف على التحقيق محاميًا وذلك من خلال مندوبين من قبل نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس.
وله أن يطلب مباشرة أو بواسطة عائلته عرضه على طبيب شرعي لمعاينته نفسيًا وجسديًا.
وتجدر الإشارة إلى أنّه وبحسب المادة 47 أ.م.ج. يجب أن يكون التحقيق مسجّلًا بالصوت والصورة تحت طائلة بطلان محضر التحقيق، وقد نصّ القانون التعديلي رقم 2020/191 على وجوب البدء بتطبيق هذا الإجراء بعد شهرين من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية إلّا أنّ الضابطة العدلية ولغاية اليوم لا تلتزم بما يوجبه القانون لهذه الجهة بذريعة عدم توفر الوسائل التقنية، مع العلم أنّ هذه الذريعة لا تعفي من أحكام القانون لجهة بطلان محضر التحقيق.
• ماذا يحصل لو لم نحضر إلى جلسة استماعنا في المخفر؟ وما هي القرارات التي قد تصدر بحقّنا؟!
في حال استدعي أحد الأشخاص كمشتبه به، عليه أن يحضر إلى الجهة التي استدعته في الموعد المحدّد له، وإلّا يُصار إلى مخابرة النيابة العامة المختصة التي يمكن أن تأخذ أيًّا من الإجراءات التالية: إمّا تبيان كامل هويّته وصرف النظر عن استماعه، وإمّا إصدار مذكّرة إحضار تقضي بقيادته بالقوّة إلى مركز التحقيق، وإمّا إصدار بلاغ بحث وتحرّي مدّته عشرة أيّام تجدّد مرّتين لتصبح 30 يومًا، وفي حال عدم مثول المشتبه به أمام القائم بالتحقيق وبعد مخابرة النيابة العامة مجدّدًا يُصار إلى ختم المحضر وإيداعه النيابة العامة المختصة.
إنّ الحديث عن حقوق المشتبه به خلال التفتيش والإستجواب أمام الضابطة العدلية واسع للغاية، لذلك حاولت في مقالي هذا اختصار أهمّ الأسئلة التي تطالعنا من قبل المواطنين عند استدعائهم، على أنّني سأقوم قريبًا بنشر مقال آخر عن حقوق المشتبه به خلال الشهادة والتوقيف.
“محكمة” – السبت في 2022/11/12

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!