أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

قرار قضائي برفض دفع قيمة النفقة المدولرة بالليرة اللبنانية حسب السعر الرسمي/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
أحدث ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء في لبنان خلال العام 2020 نتيجة جملة عوامل سياسية في الدرجة الأولى، إرباكاً كبيراً في المعاملات اليومية والحياتية وتحديداً التجارية منها، وانعكس سلباً على مالية الدولة المتعثّرة، لا بل المفلسة، وطاول الوضع الإقتصادي برمّته، ففقدت الليرة قوّتها وقيمتها الشرائية المعتادة خلال سنوات خلت، وتوسّع الشرخ بين فئات الشعب وازدادت الطبقة الفقيرة انهياراً، بموازاة انتشار جائحة “كورونا” وانعدام فرص العمل وقلّة الإنتاجية والمردود المالي والتضييق المصرفي، وصرف شركات ومؤسّسات كبيرة موظّفيها وعمّالها وتفشّي ظاهرة البطالة عمّا كانت عليه في مراحل سابقة.
ومن البديهي في مثل هذه الحالات الصعبة، أن يدفع المواطن الفقير أو المتكّل والمتكيء على أجر يومي أو راتب شهري زهيد، الثمن غالياً من صحّته وعافيته وحياته المضرّجة بصرخة أنين لو أسمعت الضمائر الحيّة لهبّت منقذة وبكلّ ما أوتيت من نفحة إنسانية، ولكنْ هيهات!
وترك الفارق الكبير في سعر الدولار وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية تأثيراً واضحاً في حياة الناس وتجارتهم وديونهم، وفيما بقيت المصارف ثابتة على استعادة قروضها المالية من المواطنين باعتماد السعر المقرّر رسمياً من مصرف لبنان والذي ناهز الـ 1519 ليرة للدولار الواحد، كما بقيت أجور الشقق المدولرة على حالها باحتساب قيمة الدولار وفق السعر المذكور لمصرف لبنان بعدما صار إيجار الشقّة يفوق الراتب الشهري للمستأجر بأضعاف مضاعفة ويزيد عن الحدّ الأدنى للأجور بعشرة أضعاف تقريباً، إلاّ أنّه لم يكن بالإمكان البقاء على هذه الآلية في تحصيل الديون حتّى ولو كانت شفهية فكيف إذا كانت مكتوبة وذلك لما تفرضه من غبن ونزاعات؟
ومن الحالات الإنسانية المتضرّرة من فارق سعر الدولار والليرة اللبنانية نذكر على سبيل المثال، النفقة المحدّدة من المحاكم الشرعية للمرأة المطلّقة وأولادها الموجودين معها، فلم يعد بإمكان الرجل دفع قيمة هذه النفقة إذا كانت محدّدة بالدولار الأميركي وفق سعر السوق السوداء، وفي الوقت نفسه لم يعد مقبولاً إيفاء قيمة هذه النفقة بحسب السعر الرسمي للدولار في ظلّ الإرتفاع الكبير لأسعار المنتوجات والمواد الإستهلاكية من مأكل ومشرب وملبس وإنْ حصل فهو الغبن بعينه، لا بل هو انحياز إلى قتل النفس البشرية!
وفي قراره كرئيس لدائرة التنفيذ في النبطية، إنتصر القاضي أحمد مزهر للمرأة المطلّقة بتحصيل دين النفقة المعيّنة تحديداً واضحاً وصريحاً من المحكمة الجعفرية في النبطية، فأصرّ على إبقائها على حالها وبالعملة الواردة فيها وهي الدولار الأميركي وعدم تحويلها صرفاً إلى الليرة اللبنانية وفق السعر الصادر عن مصرف لبنان بسبب التفاوت في قيمتها الشرائية وفي تأمين المأكل والملبس والمشرب وبالتالي الغاية المتوخّاة من تحديدها في الأصل، خصوصاً وأنّها نفقة شهرية وأسعار المواد الإستهلاكية للحياة البسيطة والمعتادة تتغيّر يومياً وليس شهرياً ولامست أرقاماً خيالية فاقت قدرات المتموّلين فكيف بالمتعثّرين؟
وليس من المنطق أن يصار إلى تحديد قيمة مائتي دولار أميركي بثلاثماية ألف ليرة فيما هي في واقع الحال وفي سوق الحياة أقلّ بكثير، ولا تؤمّن حياة كريمة ومقبولة للفرد الواحد لأكثر من أسبوع!
ووجد مزهر أنّ هذا الأمر في ما لو حصل “يفرغ السند التنفيذي من مضمونه ويجرّده من النفع المتوخّى منه”، وبالتالي كان لا بدّ من ردّ طلب المعترض الرامي إلى تدوين صحّة إيفاء دينه للمعترض بوجهها بالعملة اللبنانية حسب سعر الصرف 1517 ل.ل. مقابل الدولار الأميركي الواحد، من دون أن يغفل الإشارة في متن قراره إلى أنّ هذه النتيجة محصورة بهذا الملفّ ولا يمكن تعميمها لأنّ لكلّ نزاع خاصيته ووضعه القانوني.
“محكمة” تنشر النصّ الكامل لقرار القاضي مزهر على الوجه الآتي:
باسم الشعب اللبناني
إنّ رئيس دائرة التنفيذ في النبطية،
لدى التدقيق،
تبيّن ما يأتي:
أنّه بتاريخ 2020/7/13 تقدّم المنفّذ السيّد ط. بواسطة وكيله المحامي قاسم قديح باعتراض على المعاملة التنفيذية رقم 2015/313 بوجه المنفّذة السيّدة و. عرض فيه أنّه بتاريخ 2015/8/12 صدر عن المحكمة الجعفرية في النبطية قرار هو موضوع المعاملة المعترض عليها قضى بإلزامه بدفع نفقة شهرية شاملة للمعترض بوجهها لابنته بقيمة مئتي دولار أميركي تتضمّن المأكل والمشرب والملبس ودأب على دفعها لدى دائرة التنفيذ شهرياً وفقاّ لسعر الصرف الرسمي المحدّد من قبل مصرف لبنان 1517 ليرة لبنانية للدولار الواحد ودأبت المنفّذة بدورها على استلام مبلغ الثلاثمئة ألف ل.ل المودع لغاية شهر تموز من العام الحالي حيث رفضت استلام المبلغ مطالبة بتسديد النفقة بالدولار الأميركي كما هو محكوم بها وأدلى في القانون بأنّه سنداً للمواد 7 و192 من قانون النقد والتسليف و301 من قانون الموجبات والعقود و767 من قانون العقوبات لا يمكن رفض الإيفاء بالعملة الوطنية ولا يمكن فرض الدفع بالعملة الأجنبية والتسديد بالعملة اللبنانية هو حقّ له وهو ما قام به فعلاً، وطلب قبول اعتراضه شكلاً وأساساً وتدوين صحّة إيفاء المعترض بالعملة اللبنانية في إطار المعاملة التنفيذية المعترض عليها وتضمين المعترض بوجهها الرسوم والمصاريف والأتعاب،
وأنّه بتاريخ 2018/4/18 صدر عن الرئاسة قرار قضى بفتح المحاكمة وتكليف الطرف الأكثر عجلة بإبراز بعض المستندات،
وأنّه بتاريخ 2020/10/8 صدر عن رئاسة هذه الدائرة قرار قضى بفتح المحاكمة وتكليف المعترض بإبراز بعض المستندات،
وأنّه بتاريخ 2020/10/19 تقدّم المعترض بلائحة جوابية مكرّراً إدلاءاته ومطالبه السابقة، وأضاف أنّه على استعداد لزيادة النفقة إلى 500 ألف ل.ل. في حال موافقة المعترض بوجهها،
وأنّه في الجلسة المنعقدة بتاريخ 2020/10/19 حضر وكيل المعترض وكرّر مطالب موكّله وحضرت المعترض بوجهها المنفّذة بالذات فتقرّرت محاكمتها أصولاً، وأعلن اختتام المحاكمة،
بناءً عليه،
حيث، ومن نحو أوّل، فإنّ الإعتراض المقدّم من المنفّذ عليه على المعاملة التنفيذية رقم 2015/313 يعدّ من قبيل المشاكل التنفيذية، سنداً لأحكام المادة 829 أ.م.م، فيكون اعتراضه مقبولاً من حيث الشكل،
حيث، ومن نحو ثانٍ، فإنّ النزاع يدور بين طرفي الإعتراض الراهن حول توجّب نفقة للمنفّذة المعترض بوجهها ولابنتها في ذمّة المعترض المنفّذ عليه بموجب قرار للمحكمة الجعفرية في النبطية صدر بتاريخ 2015/6/16 وهو موضوع المعاملة المعترض عليها، إذ قضى القرار بإلزام المنفّذ عليه بدفع مبلغ مئتي دولار أميركي نفقة شهرية شاملة مأكلاً ومشرباً وملبساً لابنته من المنفّذة ز.، مصدّقاً بذلك الصلح الحاصل بين الطرفين أمام المحكمة الجعفرية ومنتهياً إلى إلزامهما بمقتضى الصلح المذكور، فيتمسك المنفّذ عليه المعترض ببراءة ذمّته من النفقة المتوجّبة عند تسديده لمبلغ 300 ألف ل.ل وهو ما يساوي مئتي دولار أميركي حسب “سعر الصرف الرسمي المحدّد من مصرف لبنان”، وهو ما ترفضه المنفّذة كما صرّحت بذلك على محضر المعاملة التنفيذية المعترض عليها متمسكة بوجوب دفع ما قضى به القرار موضوع التنفيذ أيّ مبلغ مئتي دولار أميركي،
وحيث يقتضي واحتراماً للمنهج السليم استعراض واقعات الملفّ الحاضر على الشكل التالي:
– أنّه بتاريخ 2015/8/13 تقدّمت المعترض بوجهها المنفّذة بطلب تنفيذ للقرار الشرعي الصادر عن المحكمة الجعفرية في النبطية بتاريخ 2015/6/16 بوجه المعترض المنفّذ عليه، والذي قضى بتصديق الصلح الحاصل بينهما وإلزام المعترض بأن يدفع لابنته من المنفّذة مبلغ مئتي دولار أميركي نفقة شهرية شاملة مأكلاً وملبساً ومشرباً،
– أنّه يتبيّن من الرجوع إلى محضر المعاملة التنفيذية المعترض عليها أنّ المنفّذة ثابرت منذ حوالي الخمس سنوات على قبض النفقة الشهرية التي يقوم المنفّذ عليه بايداعها بقيمة ثلاثمئة ألف ليرة لبنانية شهرياً دون أيّ تحفّظ، واستمرّت في قبض النفقة على هذا المنوال لغاية تاريخ 2020/7/7 حيث دوّنت على محضر المعاملة المعترض عليها طلبها بإلزام المنفّذ عليه بدفع النفقة الشهرية بالدولار الأميركي كما هو مقرّر في الحكم الشرعي موضوع المعاملة المذكورة،
– من الثابت بالرجوع إلى مجمل أوراق الملفّ أنّ المعترض كان قد تقدّم أمام المحكمة الجعفرية في النبطية بدعوى تخفيض نفقة بوجه المعترض بوجهها بسبب فقدان الدولار الأميركي من السوق وبسبب سعره في السوق السوداء، فصدر قرار بتاريخ 2020/10/12 قضى بردّ الدعوى الرامية إلى تخفيض النفقة المحكوم بها للمنفّذة المعترض بوجهها من 200 دولار أميركي إلى 200 ألف ل.ل لأنّ النفقة حكم بها بموجب اتفاق بين الطرفين مصدّق من المحكمة الجعفرية بموجب “قرار مبرم ملزم للطرفين لا يقبل أيّ تعديل إلاّ باتفاق جديد”، وقد أبرزت المعترض بوجهها صورة طبق الأصل عن القرار المذكور وقد ناقش المعترض في إبراز المعترض بوجهها لصورة الحكم الشرعي دون أن يصرّح بالطعن به أصولاً،
– أنّ المعترض صرّح مراراً بأنّه على استعداد لأن يدفع نفقة للمنفّذ عليها بقيمة 500 ألف ل.ل بدلاً من 300 ألف ل.ل،
– أنّ النزاع قد نشأ بين الطرفين كما هو بين من مجمل إدلاءاتهما، بعد تبدّل سعر صرف الدولار الأميركي في لبنان، نتيجة الأزمات المعلومة من الكافة، حيث لم يعد الدولار الأميركي يساوي سوقياً سعر 1517 ل.ل بل تجاوز هذا الرقم، بينما بقي سعر صرف الدولار الأميركي لدى مصرف لبنان المركزي 1517 ل.ل وهو ما يصطلح على تسميته “سعر الصرف الرسمي”،
وحيث يستنتج من مجمل ما تقدّم عرضه أنّ النقطة القانونية المثارة في إطار الملفّ الحاضر هي معرفة ما إذا كان إيفاء المعترض لدين النفقة المحدّد بالدولار الأميركي بموجب قرار المحكمة الجعفرية في النبطية الصادر بتاريخ 2015/6/16، والمتوجّب بذمّته للمعترض بوجهها ولابنتهما، بالليرة اللبنانية وعلى سعر الصرف 1517 ل.ل للدولار الواحد، يبرئ ذمّته أمام هذه الدائرة كما يدلي لا سيّما بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي ويحول دون حبسه سنداً لأحكام المادة 997 أ.م.م أم أنّه يتوجّب عليه توسّلاً لإبراء ذمّته أن يدفع بالدولار الأميركي أوما يساوي قيمة الدولار الأميركي المرتفعة بالليرة اللبنانية؟
وحيث تقتضي الإشارة إلى أنّ نصّ المادة 7 من قانون النقد والتسليف التي تعطي الليرة اللبنانية القوّة الإبرائية لليرة اللبنانية على أراضي الجمهورية اللبنانية كما أنّ المادة 192 منه تعاقب من يمتنع عن قبول الإيفاء بالعملة الوطنية تمنعان المعترض بوجهها المنفّذة من المطالبة بإلزام المعترض بدفع قيمة النفقة بالدولار الأميركي أيّ بعملة أجنبية، ولو كانت محدّدة في السند التنفيذي بتلك العملة ويكون للمدين الخيار بين أن يدفع بالعملة اللبنانية أو بالعملة الأجنبية المتفق عليها دون أن يحقّ للدائن إجباره بأن يدفع بالعملة الأجنبية أو بالعملة اللبنانية، وهو ما يفهم من نص المادة 301 من قانون الموجبات والعقود عندما يتمّ تفسيرها تفسيراً منتجاً يحدث أثراً، بما يقتضي معه ردّ مطالبة المعترض بوجهها الرامية إلى إلزام المعترض بإيفاء دين النفقة العائد لابنتها بالدولار الأميركي فقط لعدم القانونية،
بهذا المعنى: قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز رقم 37 تاريخ 1994/6/30، النشرة القضائية 1994، عدد 9، ص 923،
وأيضاً: قرار استئناف بيروت التاسعة، رقم 688 تاريخ 1995/7/3، مجلّة العدل 1995، ص 167،
ولكن،
وحيث إنّ المسألة القانونية المثارة لم تكن بالأساس مدى جواز الإيفاء بالعملة الوطنية اللبنانية لدين بالعملة الأجنبية وهي هنا الدولار الأميركي، وهي من المسلّمات التي لا جدال حولها، إنّما الإشكال يطرح عندما يقوم المدين بإيداع مبلغ بالعملة الوطنية يساوي قيمة العملة الأجنبية التي أصابتها تقلّبات سوقية شديدة في سعرها حيث تكون عملية الإيداع وفقاً لسعرها القديم “الرسمي اصطلاحاً هنا” من قبل المدين وهو ما يرفضه الدائن باعتبار أنّ كمّية النقود المودعة لم تعد كافية لإيفاء دينه، فهل يعتبر هذا الإيفاء أو هذا الدفع الذي قام به المدين مبرئاً لذمّته تجاه دائنه أم أنّه غير كاف ويجب عليه أن يؤمّن كمّية النقود المساوية للعملة الأجنبية بحسب سعرها الواقعي كي يتفادى النتائج القانونية المترتّبة على تخلف المدين؟
وحيث ينبغي التنبيه إلى أنّ رئيس دائرة التنفيذ مختصّ للبتّ بالمشكلة القانونية المثارة أعلاه لا سيّما بعد قرار المحكمة الجعفرية في النبطية الصادر بتاريخ 2020/7/24 والذي رفض دعوى المعترض الرامية إلى تخفيض نفقة المئتي دولار أميركي بسبب تقلّبات سعر صرف الدولار، مبقياً على إلزامه بدفع المبلغ المحدّد في القرار الصادر عن المحكمة الجعفرية في النبطية بتاريخ 2015/6/16، ممّا يجعل أيّ وقف تنفيذ في المعاملة التنفيذية المعترض عليها لإرجاع الطرفين إلى المحكمة الجعفرية لاستصدار أيّ قرار جديد، دون أيّ طائل،
وحيث إنّ الأوراق النقدية لا قيمة لها لذاتها، وإنّما تقع قيمتها في قوّتها الشرائية وقدرتها على إشباع حقّ الدائن في استيفاء دينه بالذات عملاً بنصّ المادتين 249 و299 من قانون الموجبات والعقود، فالقوّة الشرائية هي الصفة الجوهرية للنقود لا وريقاتها،
وحيث ينبني على ذلك أنّه إذا اختار المدين الإيفاء بالعملة اللبنانية فإنّ عليه أن يدفع الدين على أساس سعر صرف العملة الأجنبية في السوق الحرّة بتاريخ الدفع الفعلي وليس بتاريخ الإستحقاق ولا بتاريخ طلب التنفيذ، وبما يوازي القوّة الشرائية للعملة الأجنبية ويحقّق الإشباع للدائن وذلك حرصاً على بقاء التوازن موجوداً بين الفريقين ولأنّ الأخذ بوجهة معاكسة يعطي مكافأة للمدين ويدفعه إلى المماطلة بدفع دينه ممّا لا ينسجم مع المنطق القانوني السليم ولا مع روح العدالة والإنصاف هذا ما لم يكن الحكم الجاري تنفيذه قد حدّد معياراً آخر بهذا الشأن فيجب عندها الرجوع عليه وإلى معيار الدفع الذي وضعه الحكم المذكور فيتمّ الإلتزام به من قبل دائرة التنفيذ بغضّ النظر عن صحّته أو قانونيته، ويعود لقاضي التنفيذ أثناء التنفيذ الأخذ بالقواعد الآنفة الذكر وإعطائها مفاعيلها،
بهذا المعنى: القاضي بسّام الحاج، مجموعة المستكمل في أصول التنفيذ الجبري ومشاكله، الجزء الثاني، ص 120 والقرارات القضائية التي أشار إليها في الهامش،
حيث وبالعودة إلى القرار الشرعي موضوع المعاملة التنفيذية المعترض عليها الصادر عن المحكمة الجعفرية في النبطية بتاريخ 2015/6/16 يتبيّن أنّه حدّد نفقة إبنة المعترض بوجهها المنفّذة بمبلغ مئتي دولار أميركي دون تحديد أسس لسعر الصرف، ثمّ عادت المحكمة الجعفرية في النبطية وفي قرارها الصادر بتاريخ 2020/7/24 وردت دعوى تخفيض النفقة المقدّمة من المعترض وألزمته بدفع مبلغ المئتي دولار أميركي دون تحديد أيّ أساس لذلك، ممّا يجعل رئاسة هذه الدائرة مختصة لحسم هذا الأمر كما تمّ بسطه أعلاه،
حيث، وفضلاً عن ذلك، فإنّ المعترض تخلّى في لائحته الجوابية الأخيرة عن سعر الصرف 1517 ل.ل مقابل الدولار الواحد، عارضاً إيفاء مبلغ المئتي دولار أميركي بخمسمئة ألف ل.ل، أيّ بما يتجاوز الألفي ل.ل لقاء الدولار الأميركي الواحد، فلا يعود له الحقّ بالتذرّع بما أسماه “سعر الصرف الرسمي” للدولار الأميركي،
حيث ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ تعبير “سعر الصرف الرسمي المحدّد من قبل مصرف لبنان” هو تعبير إصطلاحي فعلي لا قانوني، إذ إنّ قانون النقد والتسليف اللبناني الصادر في الأوّل من آب من العام 1963 نصّ صراحة في المادة الثانية منه على أنّ القانون يحدّد قيمة الليرة اللبنانية بالذهب الخالص ثمّ عادت المادة 229 منه وفي فقرة خاصة بالتدابير الإنتقالية نصّت على ما يلي:” ريثما يحدّد بالذهب سعر جديد لليرة اللبنانية بالإتفاق مع صندوق النقد الدولي وريثما يثبت هذا السعر بموجب قانون وفقاً للمادة الثانية يتخذّ وزير المالية الإجراءات الإنتقالية التي تدخل حيّز التنفيذ بالتواريخ التي يحدّدها…”
ليصدر وزير المالية آنذاك بتاريخ 1964/12/30 قراراً نصّ على تحديد السعر الإنتقالي القانوني لليرة اللبنانية نسبة للدولار الأميركي بمعدّل ثلاث ليرات وثماني قروش للدولار الأميركي الواحد، وهو ما لم يصمد أمام التقلّبات كما بات معلوماً،
الجريدة الرسمية 1964/12/31 العدد رقم 105 ص 3170،
وحيث ينبني على كلّ ما تقدّم من تعليل مستفيض، أنّ الإيفاء الذي قام به المعترض لدين النفقة العائد للمعترض بوجهها المنفّذة والبالغ مئتي دولار أميركي، بالليرة اللبنانية حسب سعر الصرف 1517 ل.ل غير كاف ولا يمكن اعتباره إيفاء لدينه لا سيّما وأنّه وتراجع عنه في لائحته الجوابية الأخيرة عارضاً دفع مبلغ خمسمئة ألف ل.ل لقاء مبلغ المئتي دولار أميركي،
وحيث إنّ النتيجة التي تمّ التوصّل إليها أعلاه هي النتيجة التي تحقّق النفع من تنفيذ القرار الشرعي موضوع المعاملة التنفيذية المعترض عليها الذي أعطى المعترض بوجهها نفقة لابنتها بقيمة مئتي دولار أميركي “بدل مأكل وملبس ومشرب” وهو الأمر الذي ما عاد بالإمكان تحقيقه عبر دفع مبلغ 300 ألف ل.ل مقابل مئتي دولار أميركي، كما هو معلوم، بما يفرغ السند التنفيذي من مضمونه ويجرّده من النفع المتوخّى منه،
وحيث تقتضي الإشارة إلى أنّ هذه النتيجة محصورة في إطار الملفّ الحاضر بواقعاته ونقاطه القانونية المثارة، وليست عامة تشمل كلّ الحالات المشابهة أو غير المشابهة، إذ يبقى لكلّ نزاع وضعه القانوني ويعود للقاضي أن يطبّق عليه النصّ القانوني الأنسب ويقف على النيّة الحقيقية للأطراف عملاً بنصّ المادة 366 من قانون الموجبات والعقود والمادة 369 من قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد،
وحيث يقتضي في ظلّ هذه النتيجة ردّ الإعتراض في الأساس وردّ كلّ ما زاد أو خالف من مطالب وأسباب لعدم جدوى البحث في مضمونها،
لذلك،
يقرّر ما يلي:
أوّلاً: قبول الإعتراض الحاضر شكلاً وردّه أساساً، للأسباب المبيّنة أعلاه، وتالياً ردّ طلب المعترض الرامي إلى تدوين صحّة إيفاء دينه للمعترض بوجهها بالعملة اللبنانية حسب سعر الصرف 1517 ل.ل. مقابل الدولار الأميركي الواحد،
ثانيا: إعادة المعاملة التنفيذية المعترض عليها إلى مرجعها لمتابعة التنفيذ،
ثالثا: ردّ كلّ ما زاد أو خالف من مطالب وأسباب،
رابعا: تضمين المعترض الرسوم والنفقات كافة،
قراراً صدر وأفهم علناً في النبطية بتاريخ 2020/10/26
“محكمة” – الإثنين في 2020/10/26
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!