علم وخبر

وجوب نشر الخبر الصحافي بعد التأكّد منه/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
إعتبرت محكمة التمييز العليا، الغرفة الثالثة الناظرة في قضايا المطبوعات والمؤلّفة من القضاة الرئيس الدكتور عفيف شمس الدين والمستشارين محمّد مكّة وجورج حيدر أنّ المجلّة وإن كانت قد عرضت وجهة نظر الفريقين، إلّا أنّ عليها أن لا تنشر خبرًا إلّا بعد التأكّد من صحّته، وألّا تنشر ما يتضمّن قدحًا وذمًّا وتحقيرًا بأحد الناس.
واعتبرت المحكمة أنّه بعد القول بتوفّر العناصر الجرمية وثبوت نسبتها إلى المدير المسؤول، فإنّ عدم الحكم على كاتب المقال فيه مخالفة للمادة 26 من المرسوم الاشتراعي رقم 77/104 وقضت بفسخ الحكم لهذه الجهة.
وممّا جاء في القرار:
في الأساس: أوّلًا لجهة الإستئناف المقدّم من السيّد (ع):
أدلى المستأنف (ع) بعدّة أسباب تستعرضها وتناقشها المحكمة تباعًا:
السبب الأوّل: بطلان الحكم المطعون فيه لعدم توقيع جميع صفحاته:
حيث إنّ القانون لم يفرض توقيع جميع صفحات الحكم ويكفي بالتالي توقيع الصفحة الأخيرة منه فيكون هذا السبب مردودًا.
السبب الثاني: وجود تصحيحات موقّعة من هيئة المحكمة دون الكاتب:
حيث إنّ توقيع الكاتب في الصفحة الأخيرة يكفي دون توقيع التصحيحات لأنّه يوقّع على صدور الحكم لا علاقة له بتفاصيله ومضمونه فيكون هذا السبب مردودًا أيضًا.
أسباب إستطرادية أدلى بها المستأنف:
ثالثًا: أ- عدم تطبيق مبدأ الوجاهية بعدم تبليغ المستأنف صورة عن مذكّرة قدّمها المدعى عليه ممدوح.
حيث من الرجوع إلى جلسة 2002/4/22 حيث قدّمت المذكّرة مع المستندات، لم يطلب وكيل المستأنف تبلّغ نسخة عنها فضلًا عن أنّها مقدّمة من مدعى عليه آخر وليس في مضمونها ما يضرّ بالمدعي ويكون حقّه بالدفاع قد تكرّس بعدم تضرّره من هذا المضمون.
ثالثًا: ب- تشويه الوقائع عندما عدّدت محكمة المطبوعات شروط تحقّق جرم الخبر الكاذب.
حيث من الرجوع إلى التعليل الذي اعتمدته محكمة المطبوعات لجهة توفّر شروط الخبر الكاذب يتبيّن أنّها جاءت منطبقة على القانون وليس فيها أيّ تشويه للوقائع أو تناقض ممّا يؤدّي إلى ردّ هذا السبب.
ثالثًا: ج- إنتفاء جرم الذمّ المدعى به بحقّ المستأنف
حيث إنّ المحكمة علّلت نسبة الجرم إلى المستأنف بأن قالت بأنّ مسؤوليته هي مسؤولية حتمية فضلًا عن إعطاء الحقّ لنفسها بإعطاء الوصف القانوني الصحيح للوقائع الثابتة فيكون هذا السبب مردودًا.
رابعًا: إنّ المجلّة قامت بعرض وجهات نظر الفريقين:
حيث وإن كانت المجلّة عرضت وجهة نظر الفريقين، إلّا أنّ عليها أن لا تنشر خبرًا إلّا بعد التأكّد من صحّته كما أنّه عليها أن لا تنشر ما يتضمّن قدحًا وذمًّا وتحقيرًا بأحد الناس، ممّا يجعل مسؤولية أولي الأمر فيها مسؤولين عمّا نشر.
خامسًا: عدم جواز معاقبة الناشر بعد تبرئة كاتب المقال.
حيث إنّه وإن كانت المسؤولية عملًا بالمادة 26 من قانون المطبوعات تقع على عاتق المدير المسؤول وكاتب المقال كفاعلين أصليين، إلّا أنّ تبرئة كاتب المقال، وإن كان فيه خطأ مرتكب ومقترف، إلّا أنّ هذا لا يبرئ المدير المسؤول وإن ترتّب أو عدم ترتّب مسؤولية كاتب المقال سيكون موضع بحث في الإستئناف المقدّم من عماد الذي هو المدعي أساسًا ممّا يجعل ما أخذت به المحكمة لهذه الجهة واقعًا في موقعه.
سادسًا: عدم وضوح الحكم المستأنف في ما يتعلّق بالمدعى عليه ممدوح.
حيث إنّ الإدلاء بهذا الأمر يعود للمدعى عليه ممدوح وليس للمستأنف أن يحلّ محلّه أو ينطق باسمه للإدلاء بهذا السبب.
سابعًا: عدم جواز تطبيق الحكم قبل انبرامه.
حيث من المبادئ الراسخة أنّ الأحكام القابلة للإستئناف يوقف تنفيذها خلال مهلة الإستئناف وكذلك إذا جرى استئنافها، ويكون تحديد مهلة الشهرين حكمًا من تاريخ انبرام الحكم ودون أن يترك ذلك أيّ إبهام أو جهالة ممّا يجعل هذا السبب مردودًا.
ثامنًا: عدم إعفاء المستأنف على غرار ما جرى بالنسبة للمدعي عماد والمدعى عليه ممدوح.
حيث إنّ الإعفاء الذي منحته المحكمة استنادًا إلى المادة 585 عقوبات يتعلّق فقط بالمدعي وبالمدعى عليه دون أيّ شريك آخر كما هو الحال في الدعوى الحاضرة وليس للمستأنف بالتالي أن يستفيد من ذلك.
تاسعًا: في التعارض بين التضامن والإشتراك.
حيث إنّ الحكم قضى بالتعويض مرّة بالإشتراك ومرّة بالتضامن كما قضى بدفع الرسوم بالإشتراك.
حيث وإن كان ورد في البند 2 من الحكم عبارة بالإشتراك، إلّا أنّ ما ورد في البند 3 جاء يوضّح هذا الإشتراك فقضى بإلزام المدعى عليهما بالتضامن لجهة التعويضات الشخصية.
وما ورد في البند 5 من تضمين للمدعى عليهما للرسوم والنفقات بالإشتراك، فيقيّد تضمينها الرسوم والمصاريف مناصفة طالما لم تحدّد نسبة هذا الإشتراك، لأنّ القانون يلزم المدعى عليه أو المدعى عليهم بالرسوم والنفقات دون أن يكون ذلك على وجه التضامن ممّا لا يترك مجالًا للإلتباس ويؤدّي بالتالي إلى ردّ هذا السبب.
ب- لجهة الإستئناف المقدّم من عماد: أدلى طالب النقض بعدّة أسباب تستعرضها وتناقشها المحكمة تباعًا:
السبب الأوّل: وجوب فسخ الحكم لعدم تجريمه كاتبة المقال نضال.
حيث إنّ الحكم المطعون فيه بعد أن تثبّت من توفّر العناصر الجرمية ومن ثبوت نسبتها إلى المدعى عليه ممدوح والمدعى عليه (ع) قضى بكفّ التعقّبات عن المدعى عليها نضال.
وحيث إنّ المادة 26 من المرسوم الاشتراعي رقم 77/104 نصّت على أنّ العقوبات التي يقضي بها بسبب الجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات الصحفية تقع على المدير المسؤول وكاتب المقال كفاعلين أصليين.
وحيث بعد القول بتوفّر العناصر الجرمية وبثبوت نسبتها إلى المدير المسؤول، فإنّ عدم الحكم على كاتب المقال فيه مخالفة للمادة 26 المذكورة، الأمر الذي يقضي بفسخ الحكم المطعون فيه لهذه الجهة وإدانة المدعى عليها نضال بما أدين به السيّد (ع) أيّ بالجرائم المنصوص عنها في المواد 3 والمادة 2 من المرسوم الاشتراعي رقم 77/104 والمادة 385 عقوبات المرسوم الإشتراعي رقم 77/104 والمادة 385 عقوبات. وبالتالي إنزال ذات العقوبة بها مع منحها وقف التنفيذ ضمن الشرط المذكور في البند 2 من الفقرة الحكمية، وبإلزامها بالتضامن مع المدعى عليهما (ع) وممدوح بالتعويضات الشخصية المحكوم بها والبالغة ثلاثة ملايين ليرة لبنانية وفق ما قدّرته محكمة الإستئناف ومنحها وقف تنفيذ العقوبة وفق ما ذكر أعلاه إذا جرى تسديد التعويضات الشخصية خلال شهرين من تاريخ صدور هذا القرار.
السبب الثاني: وجوب فسخ القرار المطعون فيه لعدم تجريم ممدوح بجرم القدح.
حيث إنّ محكمة المطبوعات لم تنف واقعة التجريم، بل إنّها أعفت الفريقين عملًا بالمادة 585 وقرارها هذا واقع موقعه القانوني إذ ليس من الضرورة أن تصدر أحكام بالقدح والمتبادل حتّى يمكن إعفاء الطرفين من العقوبة ويكون ما قرّرته محكمة المطبوعات لهذه الجهة واقعًا موقعه.
السبب الثالث: عدم الحكم بالتعويض العادل للمدعي:
حيث إنّ التعويض الذي قدّرته محكمة المطبوعات واقع موقعه القانوني وترى هذه المحكمة تصديقه لهذه الجهة.
لذلك
تقرّر المحكمة بالإتفاق:
1- قبول الإستئناف شكلًا.
وفي الأساس:
1- ردّ الإستئناف المقدّم من السيّد (ع) وإبرام الحكم المطعون فيه.
2- لجهة الإستئناف المقدّم من عماد فسخ الفقرة من الحكم المطعون فيه والتي قضت بكفّ التعقّبات عن المدعى عليها والحكم عليه مجدّدًا وبإدانتها بجرم المواد 3 و20 من المرسوم الاشتراعي رقم 77/104 والمادة 385 عقوبات وبتغريمها عن جرم المادتين 3 و20 مبلغًا قدره ستّة ملايين ليرة وعن المادة 385 ستة ملايين ليرة وإلزامها بأن تدفع للمدعي عماد بالتكافل والتضامن مع ممدوح و(ع) مبلغًا قدره ثلاثة ملايين ليرة كتعويض للمدعي المذكور وهو التعويض ذاته المنصوص عنه في الحكم المطعون فيه والمقضي به على كلّ من ممدوح و(ع) بحيث يتحمّل الثلاثة المذكورين قيمة التعويض هذا بالتكافل والتضامن في ما بينهم، ومنحها وقف تنفيذ العقوبة المتمثّلة بالغرامتين المذكورتين إذا دفع التعويض المذكور للمدعي خلال شهرين من صدور هذا القرار.
3- تضمين المدعى عليهم ممدوح و(ع) ونضال الرسوم والنفقات بالإشتراك بحيث توزّع بينهم بالتساوي.
قرارًا وجاهيًا أعطي وأفهم علنًا.
“محكمة” – الأحد في 2021/9/26

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!