مقالات

كلمة نقابة المحامين في رثاء المحامي شارل بطرس نجيم/فادي مصري

المحامي فادي خليل مصري*:
كلّفني حضرة نقيب المحامين في بيروت الأستاذ ناضر كسبار أن أمثّله في هذا المأتم المهيب وأن ألقي باسمه كلمة النقابة في وداع زميلنا العزيز الأستاذ شارل نجيم.
هو إبن معاصر الشوف قلب الجبل الأشمّ مهد الإمارة المعنية ومن بعدها الشهابية التي توسّعت لتصبح المتصرفية ومن ثمّ دولة لبنان الكبير.
نشأ في عائلة علم ومعرفة في كنف والد شكلّ له مدرسة أولى هو القاضي المرحوم بطرس نجيم المشهود له بعلمه وثقافته الموسوعية ونزاهته ومناقبيته.
تلقّى علومه في مدرسة الآباء اليسوعيين في بيروت التي انتقلت إلى سيدة الجمهور حيث تخرج سنة 1959.
درس الحقوق في جامعة القديس يوسف للآباء اليسوعيين حيث نال إجازة الحقوق الفرنسية واللبنانية سنة 1963.
تدرّج في مكتب الأستاذ الأمير عبد العزيز شهاب ثمّ استقلّ في مكتبه الخاص حيث لمع واشتهر في عالم المحاماة فبات مرجعاً حقوقياً في القانون الدولي ومفاوضاً مرناً ساعده في كلّ ذلك ثقافته الواسعة وتمكّنه من عدّة لغات أجنبية وحنكته وصلابة موقفه وعلاقاته العامة القوية والمتعدّدة الأوجه.
تدرّج في مكتبه عشرات المحامين فكان لهم مرجعاً علمياً ومهنياً وأخلاقياً وإنسانياً وبقي على علاقة حتّى مع الذين استقلوا في نشاطهم المهني ذلك أنّه كان يعتبر أنّ المحامين العاملين معه عائلته الكبيرة.
المحامي شارل نجيم وجهٌ محبّب وشخصية مميّزة مفطور على الخدمة وعلى العطاء الإنساني بحيث كان التزامه الإنساني والوطني لا يقلّ شأناً وأهمّية بالنسبة إليه التزامه المهني والعائلي، فعمل بمؤازرة زوجته الفاضلة السيّدة يولا زرد على مساعدة أبناء قريته الحبيبة المعاصر وأبناء الشوف والجبل بشكل عام على تجاوز الكارثة التي حلّت بهم بفعل التهجير اعتباراً من سنة 1983. ومن ثمّ عندما وضعت الحرب أوزارها في الوطن الجريح لعب دوراً فاعلاً في إتمام المصالحة وإرسائها وفي عودة المهجّرين والإعمار وانتخب رئيساً لبلدية معاصر الشوف التي أحبّها وخدمها بتفانٍ قلّ نظيره فتجلّى كرجل إنماء بامتياز مترئساً لجنة محمية أرز الشوف ونال الشعار الذهببي للمحمية ووسام وزارة البيئة والوسام الذهبي لنقابة المحامين سنة 2013 وصليب القدس الذهبي الذي منحه إيّاه بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك تقديراً من الكنيسة لرجل عاش المحبّة كفضيلة سامية وكممارسة فعلية في خدمة الإنسان.
وإنّنا إذ نودِّعه اليوم مع أهله وزملائه ومحبيّه، نعتبر حياته عبرة وسيرته قدوة ونقول له “نمْ قرير العين في أرض المعاصر الأحبّ إلى قلبك” معبّرين لقرينته وولديه وسائر ذويه عن تقدير نقابة المحامين للفقيد الكبير ومقدميّن لهم باسم النقيب وأعضاء مجلس النقابة أصدق التعازي، راجين من الله أن يتغمّد الراحل العزيز بواسع رحمته وأن يلهم عائلته الصغيرة والكبيرة على إكمال مسيرته لأنّ في ذلك أعظم تكريم له.
* المحامي فادي مصري عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت، وقد ألقى هذه الكلمة في كنيسة مطرانية بيروت للروم الملكيين الكاثوليك بتاريخ 25 نيسان 2023.
“محكمة” – الإثنين في 2023/5/1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!