الأخبار

وكيل الأسير يسأل “المناضل” بيتر جرمانوس!

وجّه المحامي محمّد صبلوح وكيل أحمد الأسير المحكوم بعقوبة الإعدام في قضيّة أحداث عبرا، كتاباً إلى القاضي بيتر جرمانوس بصفته الجديدة مفوّضاً للحكومة لدى المحكمة العسكرية الدائمة قبل صدور مرسوم التشكيلات القضائية، سأله فيه عمّا إذا كان عهده سيكون “لنصرة المظلوم ومحاربة التعذيب”، وأرفقها بما سبق للقيادي السابق في “التيّار الوطني الحرّ” والأستاذ الجامعي أنطوان الخوري حرب أن كتبه على صفحته على “الفايسبوك” عن كيفية تعرّفه إلى جرمانوس داخل سجن وزارة الدفاع الوطني يوم أوقفا بذريعة توزيع مناشير مؤيّدة للتيّار.
وقال صبلوح في رسالة دوّنها على إحدى مجموعات تطبيق “الواتساب”: حضرة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس المحترم. هل سنرى في عهدك نصرة المظلوم ومحاربة التعذيب الذي سمعنا أنّ عدالتكم تعرّضتم له يوم نضالكم دفاعاً عن لبنان العظيم؟”.
وأتبع صبلوح سؤاله بنصّ حرب التالي:
“في ليلة من ليالي شباط 1992، أوقفني حاجز للجيش في بلدتي تنورين، وعند تفتيش السيّارة عثر الجنود على مناشير سياسية كانت مخبأة بين فتحة السقف والحاجب الشمسي.
وبدأت الرحلة من مركز الجيش في البلدة إلى ثكنة عمشيت ثمّ مقرّ الشرطة العسكرية في قصر نورا (سنّ الفيل)، فسجن وزارة الدفاع في اليرزة.
بدأ التحقيق معي في “الجريمة الفظيعة” التي ارتكبتها، ولم يكتف المحقّقون بلومي على فعلتي (طبع وتوزيع منشورات تطالب بالحرّية والسيادة والإستقلال)، بل أرادوا معرفة المطبعة واسم مالكها وأسماء الناشطين الذين قاموا بتوزيعها. فاعتصمت بحبل الصمت الباهظ.
إغتاظ المحقّق من موقفي المتكتّم على الأسماء المطلوب إفشاءها، فكان نصيبي التعذيب الجسدي الذي يبدأ بصفعة مرفقة بشتائم، وينتهي على “البلانكو” (الرافعة).
وقد لفتني يومها وجود شاب معصوب العينين، مكوّر بجانبي في ممرّ السجن. شعرت بوجوده، فيما عيناي معصوبتان، فرحت أتبادل معه الهمس الذي رفع معنوياتي وأدخل السرور وقوّة الصمود إلى قلبي. كان ذاك الشاب اللبناني المعتقل بجانبي يحمل تهمتي نفسها، وكان قد مضى على توقيفه يومان. كان يقول لي بأنّ ما نفعله هو أشرف ما يقدّمه الإنسان لوطنه، وأنّ أمثالنا يمثّلون ضمير هذا الوطن وأنّ قضيتنا منتصرة لا محال، لأنّها قضيّة حقّ. كما كان يساعدني بمداواة رضوضي ويسقيني بعضاً من ماء أعطاه له أحد الجنود المتعاطفين معه.
ظهرت فرحة ذلك المناضل رفيق المعتقل، القابع بجانبي في زمن الهزيمة والعمالة والإستسلام، كبيرة لدى معرفته بأنّني ابن تنورين. وكانت فرحتي مماثلة لكونه إبن العاقورة ولكوننا جيران.
في ذلك الزمن الرديء، الذي كنا نعتقل فيه بسبب نضالنا الوطني، من دون أن يعلم بنا أحد، ومن دون أيّ اهتمام من وسائل الإعلام أو المنظّمات الإنسانية لا محلياً ولا خارجياً. حيث لم يكن أحد يجرؤ على الدفاع عنا أو إعلان تضامنه معنا. كان الواحد منا يدخل إلى المعتقل مفقوداً ويخرج منه مولوداً (معطوباً) في الغالب. هذا إذا لم يحوّل إلى جهاز التنسيق الأمني اللبناني السوري ليصبح بعدها نزيل معتقل المزّة كما حصل مع علي مهنا وكيتل الحايك.
نعم في ذلك الزمن، في تلك الليلة التي لا تنسى، وبينما كنت ورفيقي المعتقل قد أصبحنا صديقين متضامنين في قضيّة واحدة ومعتقل واحد من دون معرفة مسبقة أو رؤية وجوه بعضنا، في الليل، وبعد أن تعب منا المحقّقون، رفع رفيقي العصبة عن عينيه، ثمّ عن عينيّ لنتعرّف على بعضنا. فتعرّفت في تلك الليلة إلى المناضل العريق، مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي الأشرف في الدولة اللبنانية صديقي ورفيقي الحبيب بيتر جرمانوس”.
“محكمة” – السبت في 07/10/2017.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!