أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

القاضية ريتا حرّو تلزم موقعين إلكترونيين بعدم التداول بالنزاع القضائي بين المرشّح ميشال ضاهر وآخر/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
من حقّ وسائل الإعلام بمختلف وجوهها ومظاهرها مرئيةً كانت، أم مسموعةً، أم مقروءةً، أم إلكترونيةً، أن تنشر أيّ خبر عام أو خاص، بعد التحقّق من صحّته ودقّته، مع الحفاظ على الموضوعية في عملية نقله وصياغته دون زيادات أو إضافات، والتعليق عليه كما تشتهي وترغب وبحسب توجّهاتها دون تجريح أو تشهير أو قدح وذمّ.
إلاّ أنّه لا يجوز لأيّ من هذه الوسائل المحكى عنها، أن تقارب أيّ تحقيق قضائي لا يزال في طور السرّية، أو أن تستغلّ مناسبة عامة كالإنتخابات النيابية على سبيل المثال، للإضاءة على نزاع قضائي يكون أحد المرشّحين طرفاً فيه دون أن تستشيره أو تأخذ رأيه وموقفه من مضمون الإتهامات المنسوبة إليه، خصوصاً إذا كان غير موقوف ويمكن الوصول إليه بسهولة عبر اتصال هاتفي أو لقاء سريع.
والتخلّف عن القيام بهذا الواجب الإعلامي، يشي بالإنحياز، ويخرج عن الإطار العام لمفهوم الصحافة التي تبقى غايتها الأسمى إيصال أصوات الجميع من دون استثناء.
وإذا كان الإعلامُ والإعلانُ الإنتخابيان مباحين ومسموحاً بهما في موسم الإنتخابات النيابية مثلاً، وهذا ما يتهافت ويتدافع كلّ المرشّحين للإستفادة منه بحسب قدراتهم وإمكانياتهم المالية، لما لهما من أهمّية قصوى في تحديد خيارات الرأي العام، إلاّ أنّه لا يمكن إستعمالهما بغير الطريقة الموضوعة لهما في الأساس، وبشكل يؤدّي مفعولاً مختلفاً عن الغاية المرجوة منهما.
وبمعنى آخر، فإنّه لا يجوز لأيّ طرف أن يستخدم معلومة ما، أو ملفّاً قضائياً ما، ضدّ أيّ مرشّح بهدف الإساءة إليه أو الإضرار به وتشويه سمعته والتشويش على مسيرته وحملته الإنتخابية وتأليب القاعدة الإنتخابية عليه، حتّى ولو كانت واقعة وجود مثل هذا الملفّ لدى القضاء بدرجة التحقيقات السرّية صحيحة، ولم ينته التحقيق الإستنطاقي فيها ولم يُصْدر القضاء كلمته الفاصلة والنهائية في صميم النزاع، لكنّ الغوص في فحوى التحقيقات بهدف النشر بصورته الظاهرية، وربّما الإبتزاز بهيئته المخفية، لا يدفع على الإطمئنان على الإطلاق، بل يرسم علامات استفهام كثيرة.
وليس من حقّ أيّ مرشّح للإنتخابات النيابية الإيعاز بنشر ما يقلّل من الثقة بمرشّح منافس، أو استخدام سوط وصوت الإعلام وسيلة غير مشروعة للنيل من كرامة مرشّح آخر، والمنافسة الإنتخابية مشروعة ما لم تخرج عن الأصول المعتمدة أو تتوسّل طريقاً وأسلوباً غير سليم.
القانون 2017/44
وقد تطرّق قانون انتخاب أعضاء مجلس النوّاب رقم 44 تاريخ 2017/6/17 إلى مسائل التشهير والتجريح والقدح والذمّ في المادة 74 منه والتي منعت بشكل حازم وجازم على مختلف وسائل الإعلام القيام بأيّ تصرّف يوحي بالمسائل المذكورة يضاف إليها نشر وبثّ ما يشكّل ضغطاً وتحريفاً للوقائع.
إنّ ما أملى هذا الكلام العام، هو القرار القضائي الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة في زحلة القاضية ريتا حرّو والذي خلص إلى إلزام موقعين إلكترونيين بالإمتناع عن التداول في قضيّة المنازعة القضائية القائمة بين شركة “ماستر كابيتال غروب ش.م.ل.” ورئيس مجلس إدارتها السيّد ميشال ضاهر المرشّح عن أحد المقعدين الكاثوليكيين في زحلة، والسيّد سامر الجميل، وإزالة المقالين الراميين إلى التشهير والإضرار به على أبواب الإنتخابات النيابية.
أهميّة القرار
وتكمن أهمية هذا القرار في الأمرين التاليين:
أولّاً: في اعتباره قاضي الأمور المستعجلة في زحلة مختصاً مكانياً للنظر في الإستدعاء المقدّم من السيّد ميشال ضاهر ضدّ وسيلتين إعلاميتين إلكترونيتين لا تنشران ولا تبّثان أخبارهما من محافظة البقاع، وركن إلى القول دون استفاضة، إنّ النشر على الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الإجتماعي سهّل وصول الخبر المشكو منه وانتشاره في نطاق دائرة القاضي في زحلة بعدما أصبح العالم كلّه “قرية صغيرة” بفعل التطوّر الإعلامي الهائل، وهو ما يتطابق مع الإجتهاد القائل بأنّ النظر في المسائل المرتبطة بوسائل الإعلام يعود للمحكمة التي وقع النشر في نطاقها، وبالتالي فإنّ قاضي الأمور المستعجلة صالح للنظر في الاستدعاء في ظلّ وجود ما يعتبره ضرراً فادحاً وملحّاً لا يمكن إزالته إلاّ عبر محكمته وبواسطة أمر على عريضة صادر عنه شحصياً.
ثانياً: في اعتبار نشر الموقعين الإلكترونيين أخباراً عن ملاحقة ضاهر جزائياً وتفاصيل التحقيق معه، إضراراً به وإساءة إلى سمعته وتشهيراً به على أبواب الإنتخابات النيابية التي يخوضها وهذا”ما قد ينعكس على حجم القاعدة الإنتخابية التي تنوي التصويت له”، مذكّراً بأنّ حرّية التعبير مقدّسة، ولكنّ هذا لا يمنع قاضي الأمور المستعجلة من اتخاذ التدابير الآيلة إلى منع وسائل الإعلام من التشهير بالمرشّحين للإنتخابات النيابية، وإزالة هذا التعدّي عملاً بنصّ المادة 579 من قانون أصول المحاكمات المدنية.
“محكمة” تتفرّد بنشر كامل قرار القاضية ريتا حرّو المعجّل التنفيذ بسبب أهمّيته القصوى:
قرار
“إنّ قاضي الأمور المستعجلة في زحلة
وبعد الإطلاع على الإستدعاء المقدّم من السيّد ميشال ضاهر بوكالة المحامي جورج أبو زغيب بتاريخ 2018/3/29 الذي عرض فيه أنّ الوسيلتين الإعلاميتين “Lebanon debate” و”Lebanon news online” قد تعمّدتا نشر مقالات تتطرّق فيها إلى المنازعة القضائية القائمة بين السيّد سامر الجميل من جهة، وشركة “ماستر كابيتال غروب ش.م.ل.” ورئيس مجلس إدارتها أيّ المستدعي وابنه السيّد مارك ضاهر من جهة ثانية على خلفية خسارة الأوّل رصيد حساب تداوله في البورصة، علماً أنّ هذه القضيّة هي قيد النظر أمام حضرة قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان.
وأدلى في القانون أنّ المقالات المذكورة تلحق ضرراً أكيداً فيه لاسيّما أنّه مرشّح للإنتخابات النيابية، خصوصاً أنّ النشر تمّ بتاريخي 2018/2/7 و 2018/3/28، أيّ بهدف التشهير به على أبواب الإنتخابات النيابية، وأنّه يعود لقاضي الأمور المستعجلة أن يتخذ تدبيراً سريعاً لوقف التعدّي الواضح الذي يحصل عبر الانترنت.
وخلص إلى طلب اتخاذ تدبير إحتياطي يقضي بمنع الوسيلتين الإعلاميتين المذكورتين أعلاه من التداول في قضيّة المنازعة القضائية المومأ إليها أعلاه بأيّ شكل من الأشكال، تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها خمسون مليون ليرة لبنانية عن كلّ مخالفة لأحكام هذا القرار، وإلزامهما بإزالة المقالات المنشورة في هذا الإطار، وإبلاغ من يلزم خارج أوقات الدوام الرسمي.
بناءً عليه،
أولّاً: في الإختصاص المكاني:
وحيث إنّ المادة 580 أ.م.م. تنصّ على أنّ القاضي المختصّ مكانياً في الأمور المستعجلة هو إمّا القاضي المنفرد الذي يدخل أساس النزاع في اختصاصه، أو من اختصاص الغرفة الإبتدائية، أو أيّ محكمة أخرى يكون في دائرتها، وإمّا القاضي المنفرد الذي ينشأ في دائرته موضوع الدعوى المستعجلة،
وحيث من المسلّم به اجتهاداً أنّه يعود أمر النظر في المسائل المتعلّقة بوسائل الإعلام، للمحكمة التي وقع في نطاق دائرتها النشر،
وحيث إنّه في القضيّة الراهنة حصل النشر في كلّ المناطق اللبنانية على مواقع التواصل الإجتماعي والانترنت على موقعي وسيلتي “Lebanon debate” و”Lebanon news online”، وشاع الخبر في نطاق دائرة هذه المحكمة في زحلة،
وحيث تكون المحكمة الراهنة بالتالي مختصة للبتّ في الإستدعاء الحاضر.
ثانياً: في مضمون الإستدعاء:
وحيث إنّ المستدعي يطلب منع الوسيلتين الإعلاميتين المذكورتين من التداول في النزاع القضائي القائم بين شركة “ماستر كابيتال غروب” التي يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها والسيّد سامر الجميل، كون الخبر المذكور يلحق الضرر به على أبواب الإنتخابات النيابية التي تقدّم بترشّحه في إطارها، وذلك سنداً للمادة 604 أ.م.م.
وحيث إنّ المادة 579 أ.م.م. تنصّ على أنّه للقاضي المنفرد أن ينظر بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة في طلبات اتخاذ التدابير المستعجلة في المواد المدنية والتجارية دون التعرّض لأصل الحقّ،
وحيث إنّ شرطي انعقاد اختصاص قاضي الأمور المستعجلة هما بحسب هذه المادة توافر عنصر العجلة، من جهة، وعدم التعرّض لأصل الحقّ من جهة أخرى،
وحيث إنّه بالعودة إلى ظاهر المستندات المبرزة طيّ الإستدعاء، يتبيّن أنّ موقع “Lebanon news online”، نشر على صفحته بتاريخ 2018/2/7 مقالاً بعنوان:” هل حظي المرشّح ميشال ضاهر على فرصة قضائية إنتخابية؟”.
وأنّ موقع “Lebanon debate” قد نشر بتاريخ 2018/3/28 مقالاً بعنوان: “بالوثائق”: مرشّح باسيل في زحلة أمام القضاء”، وأنّ المقالين يتناولان تفاصيل نزاع قضائي قائم بين المستدعي بصفته رئيس مجلس إدارة شركة”ماستر كابيتال غروب” من جهة، وأحد المدعين من جهة أخرى، يتضمّنان تشهيراً بالمستدعي وإساءة إلى سمعته،
وحيث إنّ قيام الموقعين الإلكترونيين المذكورين أعلاه، بنشر أخبار تتعلّق بملاحقة المستدعي ميشال ضاهر جزائياً، وتفاصيل التحقيق معه من قبل النيابة العامة المالية، من شأنه أن يلحق أشدّ الضرر به لاسيّما أنّه مرشّح للإنتخابات النيابية، الأمر الذي يسيء بشكل أكيد إلى سمعته ويعتبر تشهيراً به، ما قد ينعكس على حجم القاعدة الإنتخابية التي تنوي التصويت له، علماً أنّنا على أبواب الإنتخابات المذكورة،
وحيث إنّ درء الضرر المذكور ومنع تفاقمه، لا يمكن أن يتمّ عبر اتباع إجراءات التقاضي العادية التي تستوجب دعوة الخصم وسماعهن عملاً بمبدأ الوجاهية، ما يبرّر اتخاذ القرار بصيغة الأمر على عريضة دون دعوة الخصم لما في القضيّة من ضرورة ملحة وعجلة أكيدة سنداً للمادة 604 أ.م.م.،
وحيث ولئن كانت حرّية التعبير مقدّسة، فإنّه يعود لقاضي الأمور المستعجلة سنداً للمادة 579 أ.م.م. أن يتخذ التدابير الآيلة إلى منع وسائل الإعلام من التشهير بالمرشّحين للإنتخابات النيابية، خصوصاً أنّ موعد هذه الإنتخابات قد أصبح قريباً،
وحيث إنّه يقتضي تأسيساً على ما تقدّم، إجابة طلب المستدعي ميشال ضاهر، ومنع الوسليتين الإعلاميتين من تداول الخبر المنشور على موقعهما الإلكترونيين، المتعلّق بملاحقته من قبل النيابة العامة المالية،
لذلك،
فإنّه يقرّر:
أوّلاً: إلزام الوسليتين الإعلاميتين “Lebanon debate” و”Lebanon news online” بالإمتناع عن التداول في قضيّة المنازعة القضائية القائمة بين شركة “ماستر كابيتال غروب ش.م.ل.” ورئيس مجلس إدارتها من جهة، والسيّد سامر الجميل من جهة أخرى، وبموضوع ملاحقة المستدعي من قبل النيابة العامة المالية بنتيجة المنازعة المذكورة، بأيّ شكل من الأشكال، تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها خمسون مليون ليرة لبنانية عن كلّ مخالفة لأحكام هذا القرار.
ثانياً: إلزام الوسيلتين الإعلاميتين المذكورتين في البند الأوّل، بإزالة المقالات المنشورة في هذا الإطار، من على موقعهما الإلكترونيين تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها عشرة ملايين ليرة لبنانية عن كلّ يوم تأخير في تنفيذ هذا البند من القرار.
ثالثاً: الترخيص للمستدعي بإبلاغ الوسليتين الإعلاميتين المذكورتين هذا القرار خارج أوقات الدوام الرسمي.
رابعاً: تدريك المستدعي النفقات كافة.
قراراً معجّل التنفيذ نافذاً على الأصل، صدر في زحلة بتاريخ 29/3/2018″.

“محكمة” – الجمعة في 2018/03/30

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!