علم وخبر

آلية فسخ عقد الإيجار قبل انتهاء مدّته والمبالغ المترتّبة/ناضر كسبار

ناضر كسبار(نقيب المحامين السابق في بيروت):
أكدت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت المؤلفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري، على المبدأ القانوني بوقوف المحكمة على قصد المتعاقدين  جميعاً لا عند معنى النص الحرفي، وان بنود العقد الواحد تنسّق وتفسر بعضها ببعض.
وفي قرار صادر عنها بتاريخ 2024/6/20 اعتبرت انه لناحية مصاريف رسوم البلدية والكهرباء والنفقات المشتركة، فإنه ينظر الى مدى توجبها بتاريخ الاخلاء الفعلي. أما ما يتعلق بكلفة التصليحات الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت، فيتحملها المؤجر سواء كانت تصليحات كبرى او صغرى كونها ناشئة عن قوة قاهرة.
ومما جاء في القرار:
ثانياً: في الاساس
وحيث ان المستأنف قد تقدم بالدعوى الراهنة طالبا بموجبها فسخ عقد الايجار الموقع بينه وبين المستأنف عليها المستأنفة مقابلة على ان يسري ابتداء من تاريخ 2021/11/30، وبإلزام الاخيرة بتسديده مبلغا وقدره /46,205/د.أ. (عبارة عن /36,205/د.أ. يمثل قيمة الاصلاحات التي اجراها تبعا لانفجار مرفأ بيروت و/10,000/د.أ. المسدد منه عند بدء الاجارة على سبيل الضمانة)، في حين ان المستأنف عليها المستأنفة مقابلة طلبت فسخ عقد الايجار المذكور على مسؤولية المستأنف وعليه، وإلزام الاخير بدفع رصيد البدلات المتوجبة عن كامل فترة العقد والبالغة /112,500/د.أ.
وحيث ان الحكم الابتدائي قد انتهى الى:
1- إعلان فسخ عقد الايجار تاريخ 2020/3/1 الجاري في ما بين الفريقين على القسم رقم /38/ من العقار رقم /1379/ ميناء الحصن العقارية ابتداء من تاريخ 2021/11/30.
2- برد طلب الزام المستأنف عليها بمبلغ /46,205/د.أ.
3- بقبول الطلب المقابل شكلا ورده في الاساس.
4- برد ما زاد او خالف بما في ذلك طلب التعويض عن العطل والضرر وطلب الحكم بالغرامة الاكراهية.
5- بتضمين المدعي والمدعى عليها النفقات مناصفة في ما بينها.
وحيث ان المستأنف وعليه يطلب فسخ الحكم الابتدائي جزئيا لمخالفته احكام المادة /547/م.ع وما يليها والمادة /11/ من عقد الايجار لرده طلب إلزام المستأنف عليها المستأنفة مقابلة بمبلغ /36,205/د.أ. بالرغم من ان الاصلاحات الكبرى تقع على عاتق المؤجر، علما ان مبلغ ال/10,000/د.أ. الذي تم حسمه من الدفعة الثانية هو نتيجة اتفاق الفريقين على قيام المستأجر فور استلامه المأجور ببعض اعمال الديكور والتحسينات والاصلاحات في المأجور ليتناسب مع كونه شقة  مصنفة، ولمخالفته احكام المادة /132/أ.م.م. وبنود العقد الموقع، عند قضائه باحتفاظ المستأنف عليها المستأنفة مقابلة بالضمانة البالغة /10,000/د.أ. في الوقت الراهن لحين ثبوت تسديد المستأنف وعليه ما يترتب عليه من فواتير، في حين يقع عبء إثبات ترتب اية فواتير بذمته على الخصم.
وحيث ان المستأنف عليها المستأنفة مقابلة تطلب من جهتها فسخ الحكم المشار اليه لمخالفته المادة الخامسة من عقد الايجار التي اتت واضحة غير قابلة للتفسير لجهة حصر حق المستأجر في الاعلان عن رغبته بفسخ العقد بفترة شهرين قبل انتهاء السنة التأجيرية الاولى مع ما ينتج عن ذلك من ضمان للمالكة في استمرارية العقد وفي استقرار المردود الناتج عن هذا العقد، وإلا اصبح العقد ساريا لمدة ثلاث سنوات حكما، واستطرادا، لمخالفته المادة الخامسة المذكورة وتناقضه في حيثياته، كون إعلان المستأجر عن رغبته بفسخ العقد (على فرض انه غير مقيد بوقت معين) مشروط بقيام الاخير بتسديد  كامل ما يتوجب على المأجور من بدلات ورسوم ونفقات، الامر غير المتحقق باعتبار ان المستأجر لم يدفع سوى بدلات عن ثلاثة اشهر رغم استحقاق البدلات سلفا عن ستة اشهر كما انه لم يسدد رسوم الكهرباء والمياه، اضافة الى انه لم يسدد قيمة النفقات والمصاريف إلا في 2021/10/6 اي بعد ارساله كتاب الفسخ، هذا فضلا عن انه لم يدفع ما يتوجب من رسوم بلدية بتاريخ 2022/3/8، مما يقتضي معه بأسوء الاحتمالات اعتبار العقد ساريا لغاية التاريخ الاخير مع ما يترتب على ذلك من وجوب الزامه بتسديد البدلات المتوجبة بتاريخ 2022/9/1.
وحيث بالعودة الى عقد الايجار الحر الموقع بين الفريقين بتاريخ 2020/2/11 الواقع على القسم رقم 38 من البناء القائم على العقار رقم /1397/ ميناء الحصن والذي صرح المستأنف وعليه بأنه استلمه بحالة جيدة وسليمة وصالحة للاشغال متعهداً بإعادته الى المستأنف عليها المستأنفة مقابلة بالحالة التي استلمه، يتبين ما يلي:
– حدّدت مدة الايجار بثلاث سنوات قابلة للتمديد تبدأ في 2020/3/1 وتنتهي في 2023/3/1.
– حدد البلد السنوي بمبلغ /90,000/د.أ. يسدد نقدا بالدولار الاميركي او بموجب حوالة مصرفية الى حساب الفريق الاول في سويسرا، على قسطين عن كل ستة اشهر سلفا اي في 2020/3/1 (سدد لدى التوقيع) ثم في 2020/9/1 وهكذا دواليك.
– حدد مبلغ /10,000/د.أ. ضمانا لإخلاء المأجور عند انتهاء العقد واعادته للفريق الاول بالحالة التي استلمه فيها وايضا لضمان تسديده جميع الفواتير والرسوم العائدة للفترة التي شغل بها الفريق الثاني المأجور وغير المسددة من قبله وضمانا لاي ضرر قد يلحق بالمأجور بسبب افعال الفريق الثاني، ولن يتم التصرف بمبلغ الضمان طوال مدة العقد الحاضر على ان تتم المحاسبة النهائية عند انتهاء الاجارة والكشف على المأجور وإعادة ما تبقى منه او كله للفريق الثاني.
– يستطيع المستأجر إنهاء الايجار وفسخ هذا العقد ابتداء من السنة الثانية شرط إعلام المالك خطيا قبل شهرين من انتهاء السنة التأجيرية الاولى وان يكون قد سدد جميع البدلات والرسوم والمصاريف المستحقة عليه خلال إشغاله للمأجور وحتى الاخلاء الفعلي، علما انه قد التزم بالسنة الاولى كاملة، (فقرة ثانية من المادة الخامسة).
وحيث يتبين انه بتاريخ 2021/9/16 ابلغ المستأنف المستأنف عليها المستأنفة مقابلة كتابا يعلمها برغبته بفسخ عقد الايجار بتاريخ 2021/11/30 ، وانه بتاريخ 2021/9/24 اجرى حوالة مصرفية بقيمة /22,500/د.أ. تمثل بدلات إشغاله للمأجور لغاية 2021/11/30.
وحيث ان إدلاءات الخصوم إنما تستدعي بحث النقاط التالية تباعا:
أ‌- في آلية فسخ عقد الايجار قبل انتهاء مدته
وحيث انه لناحية توقيت إمكانية فسخ عقد الايجار فإنه وخلافا لاقوال المستأنف عليها المستأنفة مقابلة، لم ترد الفقرة الثانية من المادة الخامسة المذكورة بشكل واضح بل تضمنت تناقضا تمثل في استخدام عبارة “ابتداء من السنة الثانية” التي توحي باستمراية الخيار المتاح من جهة، وعبارة “قبل شهرين من انتهاء السنة التأجيرية الاولى” التي تفيد في المقابل حصر هذا الخيار ضمن إطار زمني ثابت ومحدد من جهة اخرى.
وحيث انه على المحكمة في الاعمال القانونية ان تقف على قصد المتعاقدين جميعا لا ان تقف على معنى النص الحرفي ( م /366/ م.ع) وان بنود الاتفاق الواحد تنسق وتفسر بعضها ببعض بالنظر الى مجمل العقد (م /369/م.ع) هنا المستأجر، وفي اي حال يفضل المعنى الذي يجعل النص ذا مفعول على المعنى الذي يبقى معه النص بدون مفعول.
وحيث انه تبعا لذلك فإنه يقتضي التفسير وفقا لروح العقد وقصد المتعاقدين وبشكل يؤدي الى اعمال النص لا اهماله عند وقوع ابهام فيه.
وحيث ان اعتماد التفسير الضيق لحق الخيار، فضلا عن انه يتنافى مع مصلحة المستأنف وعليه ويتعارض مع الصيغة الواسعة المعتمدة في الفقرة ذاتها، إنما لا ينسجم مع الواقع والمنطق، باعتبار انه يؤدي الى الزام المستأجر بانتقاء صيغتين محدودتين: إما حصر الاجارة بسنة واحدة واما ارتضاء استمرارها سحابة ثلاث سنوات، دون اي خيار وسطي.
وحيث ان الاخذ بتلك الوجهة إنما يرتب القول بانه اذا لم يمارس المستأجر حقه في تقصير مدة العقد ضمن فترة عشرة اشهر على ابتدائه، فإنه يفقد بمجرد دخول هذا العقد سنته التأجيرية الثانية، اي سلطة او امكانية في تقليص تلك المدة، الامر الذي لا يتلاءم مع النية الحقيقية للطرفين عند توقيع العقد، وهو الامر الذي يعززه ما ورد في ختام الفقرة الآنف ذكرها لناحية انه “يلتزم بالسنة الاولى كاملة” مما يعني، بالمنطق المعاكس انه يولد له الحق في وضع حد للعقد لعد انقضاء مدة السنة الالزامية.
وحيث انه تبعا لما تقدم، فإن قيام المستأنف وعليه بتاريخ 2021/9/16 بإبلاغ المستأنف عليها المستأنفة مقابلة كتابا يعلمها بموجبه برغبته بفسخ عقد الايجار بتاريخ 2021/11/30 ، مراعياً بذلك مهلة الشهرين المتفق عليها في العقد، يكون جائزا ومتاحا للمستأجر، وترد الاقوال المخالفة.
وحيث انه لناحية تسديد المبالغ المترتبة كشرط مسبق لفسخ عقد الايجار فإنه يقتضي التثبت مما إذا كان المستأنف وعليه قد قام بالتزامن مع إعلانه عن رغبته بفسخ العقد بتسديد البدلات وغيرها من المصاريف المترتبة بذمته.
وحيث انه لناحية البدلات، فان مبادرة المستأنف وعليه الى تحويل البدلات المتوجبة عن الاشهر الثلاثة التي كان سيقضيها في المأجور اي بين 2021/9/1 و2021/11/30، إنما تعتبر تسديدا للبدلات المترتبة عن فترة “إشغاله للمأجور” الفعلية، وفق حرفية ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الخامسة الآنف ذكرها، (وذلك بصرف النظر عن ما اذا كانت هذه الدفعة مكتملة ام لا في ضوء آلية الدفع المتفق عليها في العقد، وهو الامر الذي سوف يتم التطرق اليه لاحقا).
وحيث لا يغير في هذه الوجهة قيام المستأنف وعليه بتحويل المبلغ المشار اليه في 2021/9/24 بدلاً من تاريخ الاستحقاق المحدد بتاريخ 2021/9/1، ذلك ان الفترة الفاصلة بين التاريخين والبالغة ثلاثة اسابيع (من اصل ستة اشهر) انما تبقى فترة معقولة ومنطقية لا تستقيم معاقبة المستأجر على تجاوزها.
وحيث انه لناحية المصاريف الاخرى من رسوم بلدية وفواتير كهرباء ونفقات مشتركة، فإنه ينظر الى مدى توجبها ليس بتاريخ إبداء الرغبة بالفسخ وانما بتاريخ الاخلاء الفعلي، بحيث لا يجوز محاسبة المستأجر على عدم تسديدها عند اعلام المؤجر بنيته بوضع حد للاجارة وانما عند انتهاء الاشغال، سيما وان تلك المصاريف لا تستحق جميعها بصورة يومية او اسبوعية او شهرية بل تترتب احيانا بصورة سنوية او نصف سنوية، قد لا تصادف او تتزامن مع تاريخ الاخلاء الفعلي، هذا اضافة الى ان اصدار الفواتير بشأنها قد يطول او يتأخر ما يحول دون تحديد قيمتها في مواعيد استحقاقها ويحول بالتالي دون اعتبار المستأجر مديناً بها قبل تعيينها، خاصة في ضوء الظروف التي مرت بها البلاد من الناحية الاقتصادية والصحية وما نجم عن ذلك من اقفال للدوائر والمؤسسات العامة او تأمين العمل بالحد الادنى، ما من شأنه ايضا اعتبار المستأجر معذورا في حال تأخره في تسديدها.
وحيث انه في اي حال فمن الثابت ان المستأنف وعليه قد سدد النفقات المشتركة عن فترة اشغاله المأجور وذلك بتاريخ 2021/10/6 (اي ضمن فترة اشغاله) وفق الايصال المبرز ربطا بلائحته الابتدائية تاريخ 2021/10/19، كما انه سدد الرسوم البلدية المتوجبة على المأجور في 2022/3/7 وفق الايصال المبرز ربطا بمذكرته الختامية بداية تاريخ 2022/3/8 ، ولا يغير في ذلك تأخره في تسديدها عملا بما سبق بيانه اعلاه، وينطبق الامر ذاته على فواتير الكهرباء.
وحيث انه تأسيسا على مجمل ما تقدم، يكون فسخ عقد الايجار على النحو المبين اعلاه صحيحا وقانونيا دون ترتب اي تعويض على عاتق المستأنف وعليه لمصلحة المستأنف عليها المستأنفة مقابلة، فيقتضي بالتالي اعلان هذا الفسخ اعتبارا من تاريخ 2021/11/30.
وحيث ان الحكم الابتدائي بوصوله الى هذه النتيجة يكون واقعا في موقعه القانوني الصحيح، الامر الذي يقتضي معه رد الاستئناف المقابل  لناحية المطالبة بعدم فسخ عقد الايجار او بفسخه على مسؤولية المستأنف وعليه او استطرادا بفسخه بتاريخ 2022/3/8، وبالتالي تصديق الحكم لجهة الجهة.
ب‌- في المبالغ المترتبة لكل من الفريقين بذمة الآخر
وحيث لناحية بدلات الايجار المتوجبة، فإن عقد الايجار قد حدد آلية تسديد البدلات بصورة مسبقة اي سلفا عن كل ستة اشهر، إلا انه تضمن ان المستأجر يستطيع إنهاء الايجار وفسخ هذا العقد ابتداء من السنة الثانية شرط اعلام المالك خطيا قبل شهرين من انتهاء السنة التأجيرية الاولى وان يكون قد سدد جميع البدلات والرسوم والمصاريف المستحقة عليه خلال إشغاله للمأجور وحتى الاخلاء الفعلي، علما انه قد التزم بالسنة الاولى كاملة، (فقرة ثانية من المادة الخامسة) ما يوجب اعمال ذلك بين الطرفين في الحالة الراهنة، كونها حالة خاصة تتعلق بانهاء الاجارة شرط دفع البدل لغاية الاخلاء الفعلي.
وحيث انه بالتالي يقتضي عدم الحكم بتسديد اي قسط استحق بعد الاخلاء الفعلي للمأجور.
وحيث ان عقد الايجار لم يتضمن اي نص يفيد استحقاق بدلات الايجار عن كامل الفترة التأجيرية البالغة ثلاث سنوات، في حال فسخ عقد الايجار قبل اجله، مما يقتضي ممعه رد طلب المستأنف عليها المستأنفة مقابلة لناحية إلزام المستأنف وعليه ببدلات السنة التأجيرية الثالثة والاخيرة والبالغة /90,000/د.أ.
وحيث تبعا لما تقدم يقتضي رد مطالب الجهة المالكة المتعلقة بالبدلات الآنف ذكرها.
وحيث انه لناحية مبلغ /36,205/د.أ. يطالب المستأنف وعليه المستأنف عليها المستأنفة مقابلة بتسديده له تبعا لكون الاصلاحات الكبرى على عاتق المؤجر وليس المستأجر، فيما تدلي المستأنف عليها المستأنفة مقابلة بعدم توجبه اذ سبق ان دفعت حصتها منها البالغة /10,000/د.أ. من خلال حسمها من القسط الثاني من السنة التأجيرية الاولى لافتة الى ان قيمة تلك الاصلاحات لم تتعد /15,959/د.أ. بحسب المستندات والفواتير المبرزة من قبل المستأنف، الامر الذي ينفيه المستأنف وعليه مشددا على ان مبلغ ال/10,000/د.أ. المحسوم يمثل مساهمتها في قيمة الاعمال المجراة من قبله في بدء الاجارة لإصلاح وتأهيل وتحسين المأجور والبالغة قيمتها /14,700/د.أ.
وحيث ان المادة /11/ من عقد الايجار قد نصت على ان المؤجر يتعهد بالقيام بجميع موجبات الصيانة التي تقع على عاتقه بموجب احكام قانون الموجبات والعقود.
وحيث بحسب المادة /547/م.ع فإن المؤجر يلزمه ألا يقتصر على تسليم المأجور بحالة يتسنى معها للمستأجر ان يستعمله للغرض المقصود منه بحسب ماهيته او بحسب التخصيص الذي اتفق عليه المتعاقدان بل يلزمه ايضا ان يقوم بصيانة المأجور وملحقاته لإبقائه على الحالة المشار اليها، إلا في ما يأتي:
– عند وجود شروط اخرى بين المتعاقدين.
– إذا كان عرف البلد يقضي بأن تكون الاصلاحات الصغيرة على المستأجر.
وحيث وفق المادة /548/م.ع على مستأجر العقار ان يقوم بالاصلاحات والترميمات الصغرى في المأجور إلا اذا كان العقد او العرف يعفيانه منها، واما الاصلاحات المشار اليها فهي:
– إصلاح بلاط الغرف اذ كان بعضه فقط مكسرا.
– اصلاح زجاج النوافذ ما لم يكن السبب في كسرها البرد او طارئ غير عادي او قوة قاهرة مما لا يعزى الى خطأ من المستأجر.
– اصلاح الابواب والنوافذ المشبكة واخشاب الحواجز ومغالق الدكاكين والمفصلات والزلج والاقفال.
اما تكليس جدران الغرف وتجديد التلوين واستبدال الاوراق وترميم السطوح فنفقتها على المؤجر وان كانت مقصورة على اشغال بسيطة من تكليس او ترميم.
وحيث بحسب المادة /549/م.ع لا يلزم المستأجر بشيء من الاصلاحات الصغرى اذا كان السبب فيها قدم العهد او قوة قاهرة او عيب في البناء او فعل اتاه المؤجر.
وحيث يستفاد من المواد /548/و/547/و549/م.ع انه عند بدء الاجارة فإن المؤجر ملزم بتسليم المأجور بحالة يتسنى معه للمستأجر ان يستعمله للغرض المقصود منه بحسب ماهيته او بحسب التخصيص المتفق عليه، وانه خلال سريان الاجارة هو ملزم بصيانة المأجور وملحقاته من خلال اجراء الاصلاحات الكبرى في حين تبقى الاصلاحات الصغرى او التأجيرية على عاتق المستأجر، كذلك فإن المؤجر يتحمل حتى الاصلاحات الصغيرة اذا كان السبب فيها قدم العهد او قوة قاهرة او عيب في البناء.
وحيث اذا كان من المفترض على المؤجر ان يكون قد اجرى الاصلاحات اللازمة على انواعها قبل سريان العقد تمهيداً لتسليمه للمستأجر بالوضع الذي يتيح للاخير الانتفاع به وفقا للغرض المعد له، فإن ذلك يستوجب تأمين قدر من الترتيب والنظافة والتجهيز بما يتلاءم مع مستوى المأجور وموقعه ومكانته، دون ان يتعدى ذلك الى اجراء تعديلات ترتبط بالزخرفة والزينة او تستدعي تعديل الوان الجدران او اجراء اضافات تناسب ذوق المستأجر.
وحيث لهذه الناحية، صرح المستأجر، بموجب الفقرة الاولى من المادة الخامسة من عقد الايجار، انه استلم المأجور بحالة جيدة وسليمة وصالحة للاشغال، مما يفيد ان المؤجرة قد التزمت بالموجبات الملقاة على عاتقها عند التسليم، بحيث ان اجراء اي عمل اضافي في هذه المرحلة انما يفترض ان يصبح على عاتق المستأجر او ان يوزع في ما بين الطرفين في حال وجود اتفاق بينهما بهذا الخصوص.
وحيث ان المستند المبرز من قبل المستأنف وعليه عبارة عن كشف بالاعمال الواجب اجراءها في المأجور وبتكلفتها البالغة /14,700/د.أ. صادر باسم المستأجر ومؤرخ في 2020/1/31 اي قبل عشرة ايام على توقيع العقد.
وحيث في هذا الاطار، فإن عقد الايجار الموقع بتاريخ 2020/2/11 لم يتضمن اية اشارة الى وجود اعمال اضافية اجريت او يجب اجراؤها او يحدد الجهة المسؤولة عن انجازها، كما لم يأت على ذكر الكشف المذكور لا من قريب ولا من بعيد.
وحيث فضلا عن ذلك، لم يقم الدليل على موافقة المؤجرة على ذلك الكشف كما لم يثبت انه جرى تنفيذه بالكامل او جزئيا وبأية كلفة، سواء قبل توقيع العقد و بين توقيعه وبدء الاجارة في 2020/3/1 لا بل اكثر من ذلك، فإنه لم يتم حسم اي مبلغ من قبل المستأجر عند تسديده اول قسط من البدلات في 2020/3/1، الامر الذي ينفي وجود اتفاق بين الطرفين على تحميل المؤجرة تكاليف الاعمال المعددة في الكشف، في ما لو انجزت، ما يقتضي معه اعتبار الاعمال المذكورة، اذا تمت، على عاتق المستأجر ونفقته.
وحيث انه في ما يتعلق بكلفة التصليحات الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت، فإن القانون واضح لجهة تحميلها للمؤجر سواء كانت من التصليحات الكبرى او الصغرى كونها ناشئة عن قوة قاهرة.
وحيث لهذه الناحية فإن المستأنف وعليه قد ابرز كشفين مستقلين مؤرخين في 2020/8/7 يتناولان الاعمال ذاتها لكن بتسعرتين مختلفتين اذ جاء الاول بقيمة /10,406/د.أ. والآخر بقيمة /5,553/د.أ. و/22,212,000/ل.ل. (التي توازي بحسب سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في حينها في السوق الحرة حوالي /8500/د.ا.) مما يجعل المستندين المذكورين من قبيل العرض وليس الايصال، الامر الذي يجعل طبيعة الاصلاحات المجراة تبعا للانفجار وبالتالي تكلفتها غير واضحة وغير دقيقة، فيكون المبلغ المدلى بتسديده من قبل المستأجر بهذا الخصوص غير ثابت وغير اكيد.
وحيث فضلا عن ذلك، فإنه ثابت ان المستأنف وعليه قد حسم من مجموع القسط الثاني من البدلات المستحقة بتاريخ 2020/9/1 مبلغ /10,000/د.أ. مسددا /35,000/د.أ. بدلا من /45,000/د.أ.) ثم عاد وسدد القسط الاول من السنة التأجيرية الثانية المستحق في اذار 2021 كاملا اي بما يوازي /45,000/د.أ.
وحيث ان حسم مبلغ ال/10,000/د.أ. (يوازي تقريبا النفقات المبينة في الكشفين) وذلك لمرة واحدة دون سواها، وعدم وجود اية مطالبات لاحقة لهذا الحسم بين الفريقين، إنما يشكل دليلاً على وجود اتفاق ضمني بين الخصوم على تكفل المؤجرة كلفة الاصلاحات الناتجة عن الانفجار لغاية /10,000/د.أ.، فترد اقوال المستأنف عليه المخالفة لهذه الوجهة، لاسيما انه وبمعرض الكتاب المرسل منه الى المستأنف عليها لفسخ الاجارة قبل اجلها لم يطالب الا باسترجاع مبلغ الضمان البالغ /10,000/د.أ. دون التطرق الى اي مبلغ آخر.
وحيث تأسيساً على ما تقدم، يكون الحكم بقضائه برد طلب المستأنف وعليه بإلزام المستأنف عليها المستأنفة مقابلة بتسديده مبلغا وقدره /36,205/د.أ. واقعاً في موقعه القانوني الصحيح، ومستوجب التصديق لهذه الناحية.
وحيث انه لناحية مبلغ الضمان البالغ /10,000/د.أ. فإن المستأنف وعليه يطلب استعادته كونه سدد جميع المصاريف والنفقات المترتبة على اشغاله، وانه اعاد المأجور بالحالة التي كان عليها.
وحيث من ناحية اولى وبالنسبة لحالة المأجور عند التسليم، فإنه من الثابت من محضر الكشف المنظم من كاتب المحكمة بتاريخ 2021/12/1 عند عرض وايداع المفاتيح، ومن الصور المرفقة به، ان المأجور بحالة جيدة وسليمة وهو لا يشكو من اي ضرر وخلل فاضح، بل يتضمن عيوباً تدخل ضمن اطار الاستعمال العادي والطبيعي للمأجور فلا ترتب بالتالي اي تعويض على المستأجر.
وحيث من ناحية ثانية ولناحية الفواتير المسددة، فإنه تقتضي الاشارة في هذا الاطار الى انه يتعين على المستأنف وعليه، سندا للمادة /132/أ.م.م.، من اجل استرجاع المبلغ المذكور ان يثبت تحقق شروط هذا الاسترجاع.
وحيث ان المستأنف وعليه قد سدد النفقات المشتركة والرسوم البلدية المتوجبة وفق ما جرى بيانه اعلاه.
وحيث انه فضلا عن ذلك، ولناحية فواتير الكهرباء، فإن المستأنف وعليه قد ابرز مستنداً يفيد ترتب مبالغ مالية لمؤسسة كهرباء لبنان يدلي بأنها متوجبة على المالكة خارج فترة اجارته، كما عاد وابرز بموجب مذكرته مستندين بالموضوع ذاته، واصل ايصال صادر عن مؤسسة كهرباء لبنان ممزق يفيد تسديد مبلغ /592,000/ل.ل.عن عشرة اشهر ابتداء من شهر تشرين الاول 2022، اي خارج فترة الاشغال، وقد تضمنت احدى الافادتين الصادرتين عن مؤسسة كهرباء لبنان بتاريخ 2024/5/16 انه لا يوجد متأخرات حتى شهر تشرين الاول 2022، ما يفيد عدم ترتب اية فواتير كهربائية عن فترت اشغاله.
وحيث انه في ضوء ما تقدم، فإنه يتعين إجابة طلبه الرامي الى استعادة مبلغ الضمان المسدد منه وقدره /10,000/د.أ.، مما يقتضي معه قبول استئنافه لهذه الجهة وفسخ الحكم لهذه الناحية، وبالتالي الزام المستأنف عليها – المستأنفة مقابلة بإعادة مبلغ الضمان البالغ /10,000/د.أ. الى المستأنف وعليه، وذلك ووفق اجتهاد هذه المحكمة المستمر بالدولار الاميركي او بالعملة اللبنانية وفق السعر السائد في السوق الحرة.
(قرار هذه المحكمة تاريخ 2024/5/16 ياسمينة ورفاقها ضد العجوز ورفاقه، رقم اساس 2023/90)
وحيث انه في ضوء التعليل الوارد آنفاً والنتيجة المنتهي اليها لم يعد من حاجة للبحث في سائر الاسباب والمطالب الزائدة او المخالفة، لعدم الفائدة او لكونها لاقت رداً ضمنياً.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئناف الاصلي والمقابل في الشكل.
2- رد الاستئناف المقابل اساساً، وقبول الاستئناف الاصلي اساساً بصورة جزئية لناحية استعادة مبلغ الضمان، وفسخ الحكم المستأنف لهذه الناحية، ورؤية الدعوى انتقالا والحكم مجددا بإلزام المستأنف عليها – المستأنفة باعادة مبلغ الضمان البالغ /10,000/د.أ. الى المستأنف وعليه، وذلك وفق اجتهاد هذه المحكمة المستمر بالدولار الاميركي او بالعملة اللبنانية وفق السعر السائد في السوق الحرة، وتصديق الحكم المستأنف في باقي جهاته.
3- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة.
4- إعادة التأمين الاستئنافي، وتضمين الجهة المستأنفة والمستأنف عليها رسوم ومصاريف الاستئناف الاصلي مناصفة في ما بينهما، وتضمين الجهة المستأنف عليها رسوم ومصاريف استئنافها التبعي.
قراراً صدر علناً في بيروت بتاريخ 2024/6/20.
“محكمة” – الأربعاء في 2024/6/26

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!