أبو فاعور: نتهم فريق رئيس الجمهورية بمحاولة فبركة وتزوير ملفّ قضائي ضدّ “الاشتراكي”
في المؤتمر الصحافي للحزب التقدمي الاشتراكي بخصوص حادثة قبرشمون – البساتين، قال الوزير وائل أبو فاعور: من اللحظة الأولى لحصول حادثة البساتين المؤسفة، تم التعامل معها وكأنها حادثة منعزلة عن السياق السياسي العام في البلاد وعن المناخ التحريضي والطائفي الذي يعتمد، والذي يسيطر على حياتنا السياسية منذ أشهر طويلة. تم تصوير الأمر والتعامل معه وكأنه جزء من الصراع في منطقة متنوعة سياسياً ونسي أو تناسى البعض أنّ السبب الحقيقي خلف الاشكال الذي جرى هو الزيارة التي كان يعتزم الوزير جبران باسيل القيام بها الى المنطقة لا لموقف شخصي منه بل بسبب مواقفه السياسية.
للأسف، تطوع البعض لأن يضع نفسه وجمهوره في موقع المستخدم في هذا الصراع وبات العنوان الذي نستمع اليه صباحا ومساء هو محاولة إغتيال وزير من هذا الحزب، بينما الحقيقة هي في مكان آخر، لأنه كرئيس لتيار سياسي هو التيار الوطني الحر، دأب ويدأب منذ فترة على تقديم خطاب سياسي طائفي تحريضي انقسامي بين اللبنانيين، خطاب فتنوي استعدائي واستعلائي بحق كل أبناء الوطن، خطاب يستثير الأحقاد الطائفية وينبش قبور الحرب ويزرع السكين في الذاكرة اللبنانية الجماعية الجريحة.
حادثة البساتين ما كانت لتكون لولا زيارة الوزير باسيل ولولا خطابه التحريضي في كل المناطق اللبنانية. نذهب الى رشميا فنطالب بنبش قبور الحرب ومعرفة أماكن دفن الضحايا. نذهب الى دير القمر في قدّاس متفق عليه مسبقاً وعنوانه تكريس المصالحة فننبش ذاكرة العام 1860. نذهب الى محرمش فنهين قامة وطنية كبرى ونستفز مشاعر ووجدان شريحة وطنية كبرى. نذهب الى المنصوره في البقاع الغربي فنتحدث عن السنية السياسية بشكل يستفزّ مشاعر ووجدان طيف وطني لبناني واسع. نذهب الى طرابلس وبدون مبرر نستدعي اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي ليس من باب الاشادة بعروبته ووطنيته بل من باب الاستخدام الرخيص والتحريض الأرخص للبنانيين على بعضهم البعض. وآخرها نذهب في جولة في منطقة غرب عاليه التي عانت الكثير بسبب الحرب، وقبل وصولنا اليها نستحضر ثلاثة مواقع لها في الذاكرة الجريحة لكل أبناء المنطقة: موقع وجداني مؤلم وكبير: معركة سوق الغرب، كوع الكحالة، وضهر الوحش.
هذه المواقف تأتي بعد المصالحة التاريخية التي طوت صفحة الحرب الأليمة، هذه المصالحة التي عقدها الرجل الكبير غبطة البطريرك صفير مع الرئيس وليد جنبلاط وكرسها البطريرك الراعي وشارك فيها التيار الوطني الحر، وتوج هذه المشاركة فيها الرئيس ميشال عون بزيارته الى المختارة. ونسأل بعد ذلك لماذا استفز أبناء المنطقة ولماذا حصل ما حصل؟
نحن هنا نطرح سؤالين: أوّلاً سؤالاً عاماً: هل كان ما حصل ليحصل لولا زيارة الوزير جبران باسيل الى المنطقة؟ بالطبع لا. هل كان حصل ما حصل لو أن وزيرا آخر أو حتى شخصاً آخر من حزب آخر أو من نفس الحزب زار المنطقة ؟ بالطبع لا. اننا وبصراحة، نتهم رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل بالمسؤولية المعنوية والسياسية والقانونية عن حادثة البساتين من ألفها الى يائها. إننا نوجه سؤالا خاصا الى رئيس الجمهورية ومن باب المصارحة: هل تقدر يا فخامة الرئيس حجم المخاطر على لبنان وعلى سلمه الأهلي واستقراره الأمني والسياسي المتأتية من الخطاب الطائفي المتعصب التدميري الذي يعتمده وريثك السياسي الوزير جبران باسيل والبعض في تياره على مستقبل البلاد من موقع أبوتك الروحية لهذا التيار ومن موقع قسمك الدستوري؟ هل تتبصر يا فخامة الرئيس، في المآل الخطير الذي تذهب اليه البلاد والذي يضع مستقبلها ومصيرها ومصير ولايتك الرئاسية على المحك؟ وما هي الخطوات التي ستتخذها من موقعك الدستوري لتدارك الأمور بدل الايغال في منطق تصعيد الانقسام؟.
نحن أحوج ما نكون الى ممارسة أعلى درجات الحكمة والمسؤولية والى عودة مجلس الوزراء الى الإنعقاد دون أن ننصب كمائن سياسية لبعضنا البعض في المجلس العدلي أو غيره من الكمائن، ونحن سنتصرف من منطلق مسؤوليتنا الوطنية تجاه الأوضاع السياسية والإقتصادية والمالية الصعبة التي تفترض منا جميعا أعلى درجات النزاهة في التعامل.
منذ اليوم الأول لحصول الحادثة تمت المطالبة المريبة بتحويل القضية الى المجلس العدلي وكأن الشعار أن هناك محاولة لاغتيال الوزير صالح الغريب وأنه كان هناك كمين وتم تعطيل مجلس الوزراء ومنذ شهر ونحن على هذه النغمة.
التحقيقات التي حصلت لدى “شعبة المعلومات” والتي دعمت وتطابقت مع تقارير الأجهزة الأمنية والمخابراتية اللبنانية الأخرى التي سئلت من قبل القضاء عن الملف، تبين أنه لم يكن هناك كمين. وتبين أيضا أنه لم يكن هناك محاولة اغتيال حتى أنتم غيرتم رأيكم، وبعد أن عاشت البلاد لشهر على إيقاع نغمة محاولة اغتيال الوزير صالح الغريب بتم تتحدثون عن كمين للوزير جبران باسيل. فليعتمدوا صالح الغريب أو جبران باسيل وأنتم تعرفون أن كل هذا إدعاء بادعاء اذا أردنا أن نكون مهذبين.
عن تحقيقات فرع المعلومات قالت بعدم وجود كمين أو محاولة اغتيال، وهي تقول بالحرف: لم يثبت وجود كمين مسلّح معدّ مسبقاً بهدف اغتيال الوزير صالح الغريب كون مقوّمات الكمين غير متوفرة وان تعريف الكمين المسلّح الموحّد يتضمّن ما حرفيته: عدم ثبوت وجود رصد لموكب الوزير الغريب. عدم ثبوت وجود غزارة نيران بإتجاه موكب الوزير الغريب وتحديدا سيارة الوزير، في حين ثبت بأن غزارة النيران كانت من جهة عناصر الموكب. ثبت عدم تعمد مطلقي النار من المحتجين إصابة أو قتل أي شخص من مستقلي السيارات في الموكب وبصورة خاصة سيارة الوزير الغريب كون إطلاق النار باتجاه سيارة الموكب حصل حصراً من قبل الموقوف فلان الفلاني الذي كان يطلق النار من مسافة قريبة بإتجاه سيارات الموكب أثناء مرورها أمامه ومن بينها سيارة الوزير، حيث ثبت قيامه بإطلاق النار باتجاه إطار سيارة الوزير الخلفي ومحيطها على الأرض.
قاضي التحقيق العسكري كلود غانم رغم الضغوط عليه، نفى نظرية الكمين ومحاولة الاغتيال. اليوم تقولون ان محاولة الكمين كانت للوزير جبران باسيل، وتعتدون بتسجيلات ليس أسخف منها الا من يروج لها. وهذه التسجيلات هي عبارة عن دعوات حماسية صدرت من مواطنين ليس لها أي خلفية جرمية الا في عقولكم التي تريد ابتداع أساليب جديدة بعد أن سقطت كل الذرائع. اليوم بعد ان فشلوا في تحويل القضية الى المجلس العدلي بسبب أحقية موقف الرئيس وليد جنبلاط وصموده، وبفعل التضامن المستند الى الحق من قبل الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع في مجلس الوزراء، وتضامن أكبر خارج مجلس الوزراء، ها هم ينقلون المعركة الى المحكمة العسكرية لاستغلالهم الرخيص لنفوذهم على القضاء العسكري.
اليوم بعد ان فشلوا مرحليا في فرض تحويل القضية إلى المجلس العدلي بات دأبهم توزيع الاخبار المفبركة على وسائل الإعلام وتوريط بعضها وضرب مصداقيتها. يقولون ان وليد جنبلاط التقى بسفراء دول وهذا مبرر تشدده، الا تلتقون انتم بسفراء دول لشرح مواقفكم؟ وهل تعتقدون ان المجتمع العربي والدولي لا يعرف حقيقة مؤامراتكم وحصانة وليد جنبلاط لا تستمد مع كل الاحترام للجميع إلا من أحقية موقفه وتضامن أركان البلاد معه ومن جمهوره وقاعدته؟ يقولون ان لديهم تسجيلات تثبت وجود محاولة اغتيال للوزير جبران باسيل، ونحن نتحداهم أن ينشروا تلك التسجيلات الا اذا كانوا يتحدثون عن التسجيلات السخيفة التافهة والمضحكة التي عمموها بالأمس على وسائل الإعلام والتي لا قيمة لها. للأسف، نفس المنطق المخابراتي السقيم عاد بحلة جديدة وبإسم سياسي جديد.
ان ما يجري اليوم بعد خسارتهم معركة الإحالة الى المجلس العدلي هو محاولة تزوير للتحقيقات وفبركة لملف اتهام سياسي ومحاكمة سياسية للحزب التقدمي الاشتراكي سنتصدى لها قضائيا وسياسيا وشعبيا، بمنطق القانون والسلم والمؤسسات الذي نحرص عليه ولو تجاوزه الآخرون. اننا وبصراحة نتهم فريقا محسوبا على رئيس الجمهورية، وزراء وقضاة، بمحاولة فبركة وتزوير ملف قضائي ضد الحزب التقدمي الاشتراكي. واننا ندعو وزير العدل الى تغليب نزاهة سيرته القضائية على موقعه السياسي والمبادرة الى اتخاذ قرار شجاع، فالبلاد لا تحتمل وزيري عدل: وزير معلن ووزير غير معلن يستبيح القضاء. وإننا ندعو التفتيش القضائي الى التحرك والتحقيق مع القضاة في ما حصل معهم من تدخلات ومن تهديدات واغراءات، فإذا كانت هذه الاستباحة للقضاء لا تستحق التحرك فما الذي يستحق التحرك. واننا ندعو مجلس القضاء الأعلى الى الالتئام لمناقشة انحراف رئيسه وتدخله السياسي الفظ حفاظا على صدقية القضاء.
ان هذه المعركة هي معركة حقوقية، معركة الحريات، معركة القضاء الحر ونحن ندعو كل القوى والهيئات والنقابات والشخصيات الى خوض هذه المعركة سويا لأجل حماية النظام الديمقراطي في لبنان. هذا ليس التحدي الأول في تاريخ حزبنا ولن يكون الأخير وسنخوضه وننتصر فيه.
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/8/6