أتعاب محاماة: الوكالة العامة تختلف عن الوكالة السنوية/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
بحث رئيس محكمة استئناف جبل لبنان- الغرفة السادسة – الناظر بدعاوى أتعاب المحاماة القاضي صلاح مخيبر مسألة مهمّة تتعلّق بالفرق بين الوكالة العامة والوكالة السنوية، فأشار إلى أنّ الفريقين توافقا على أنّ الوكيل استعمل التوكيل العام موضوع الدعوى في عدّة قضايا واستوفى عنها أتعابه كاملة.
واعتبر الرئيس مخيبر أنّ تنظيم سند توكيل عام كان بهدف تسهيل العمل وتأمين التمثيل أمام المحاكم في أكثر من قضيّة، وذلك بدلاً من تنظيم عدّة وكالات خاصة علماً بأنّ المادة 62 من قانون تنظيم مهنة المحاماة حدّدت مفهوم الوكالة السنوية وشروطها، وهذه الشروط غير متوفّرة في القضيّة الحاضرة خصوصاً وأنّ الوكالة بأتعاب سنوية هي عقد خاص وهذا العقد يجب أن يكون صريحاً في مدلوله وأهدافه، ويحدّد الأتعاب السنوية بوضوح لجهة مقدارها.
وقضى بردّ الدعوى وبشطب إشارتها عن صحيفة العقار العينية.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2000/7/13:
بناء عليه،
حيث إنّ المحامي يطلب اعتبار التوكيل العام المنظّم لمصلحته من المدعى عليه رفيق بتاريخ 1996/5/8 هو عقد أتعاب سنوية استحقّت وبلغت خمسة عشر مليون ليرة لبنانية وهو يطالب المدعى عليه بإيفائها.
وحيث إنّ المدعى عليه رفيق ينفي وجود هذا الاتفاق ويعرض بأنّ علاقته بالمحامي لم تتعدّ حدود التوكيل العام العادي المنظّم لاستعماله في أيّة مراجعة قضائية، والبعيد كلّ البعد في عناصره وطبيعته عن عقد اتفاق الأتعاب السنوي.
وحيث إنّ المنازعة كما أثيرت تستوجب معرفة ما إذا كان سند التوكيل العام المنظّم للمدعي له طبيعة وصفة التوكّل بالأتعاب السنوية المنصوص عنه في المادة /62/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة.
وحيث تجدر الإشارة في المستهلّ إلى توافق الفريقين على أنّ المحامي استعجل التوكيل العام موضوع الدعوى في عدّة قضايا استوفى منها أتعابه كاملة.
وحيث تجدر الملاحظة تالياً أنّ سند التوكيل العام المنظّم في 1996/5/8 من رفيق لمصلحة المحامي، لا يختلف في مضمونه في شيء ممّا يتضمّنه التوكيل الخاص للمرافعة والمدافعة عن الموكّل لدى جميع المحاكم وفي القضايا التي تستجدّ مع الإشارة بعجالة إلى أنّه من المعلوم لدى الكافة، ومن الثابت في التعامل أنّ علاقة الموكّل بالوكيل تتوقّف بسند توكيل عام تسهيلاً للعمل وتأميناً لتمثيل الموكّل لدى أكثر من محكمة وفي أكثر من قضيّة بموجب سند التوكيل العام هذا بدلاً من تحمّل عبء تنظيم وكالة خاصة لكلّ قضيّة ممّا يستتبع القول حتماً بأنّ هكذا توكيل عام يختلف بكثير عن أتفاق الأتعاب السنوية، علماً بأنّه لا يدور في خلد أحد أنّ سند التوكيل العام يوجب إلى الوكيل بدل أتعاب عن القضايا والاستشارات وبدلات سنوية مقطوعة بحجّة أنّ الوكالة سنوية.
وحيث من ناحية ثالثة أنّ المادة الثانية والستين من قانون تنظيم مهنة المحاماة حدّدت الوكالة السنوية، بالأتعاب بشكل لا يقبل الشكّ أو التأويل أو التفسير، وحدوث شروطها وموجبات الوكيل، فالوكالة بالأتعاب السنوية مفروضة على الشركة المغفلة وشركات الأموال، وعلى المحامي إعلام نقابة المحامين بالتوكيل تحت طائلة الملاحقة التأديبية، وتابعت المادة الثالثة والستون في سرد الموجبات…
وحيث يتحصّل ممّا تقدّم أنّ “الوكالة بأتعاب سنوية” هي عقد خاص يخضع لقواعد خاصة فرضتها نصوص قانون المحاماة وألزمت الفريقين المتعاقدين بها، وهذا العقد يجب أن يكون صريحاً في مدلوله وأهدافه ويحدّد الأتعاب السنوية بوضوح لجهة مقدارها ومدّتها بحيث لا يجعل مجالاً للشكّ حول إرادة ونيّة المتعاقدين.
وحيث إنّ الوكالة العامة موضوع الدعوى لا تنبىء قطعاً عن اتفاق أتعاب سنوية ويبدو من نصّها أنّ إرادة المتعاقدين انصرفت إلى ذلك، بل تدلّ على أنّها وكالة مرافعة شاءها عامة لتلافي تنظيم توكيل خاص لكلّ قضيّة تطرأ، هذا بالاضافة إلى أنّ المحامي المدعي لم يظهر أنّه التزم في ما يفرضه عليه قانون تنظيم مهنته في حالة وكالة الأتعاب السنوية خاصة وأنّه لا يوجد في القضيّة شركة تفرض وجودها مثل هذه الوكالة.
وحيث إنّنا نرى تأسيساً على كلّ ما تقدّم وعلى ما توافر في الملفّ من أدلّة وعناصر وتقدير، أن لا وكالة أتعاب سنوية بين فريقي الدعوى، ويقتضي لذلك ردّ الدعوى لعدم استنادها إلى أساس قانوني سليم.
وحيث إنّه لم يعد بالتالي من ضرورة لاستفاضة في تحقيق أو إجراء أو لبحث سائر المطالب والأسباب الزائدة أو المخالفة ويقتتضي ردّها.
وحيث إنّه يقتضي بعد النتيجة التي انتهت إليها المحكمة أعلاه، الرجوع عن القرار الصادر عنا بتاريخ 2000/3/6، وبالتالي شطب إشارة الدعوى عن صحيفة كلّ من القسمين /4/و/12/ من العقار رقم /3322/ من منطقة بعبدا العقارية.
لهذه الأسباب
نحكم:
1- بردّ الدعوى برمّتها لعدم استنادها إلى أساس قانوني سليم.
2- شطب إشارة الدعوى عن الصحيفة العينية العائدة لكلّ من القسمين /4/و/12/ من العقار رقم /3322/ من منظقة بعبدا العقارية.
3- تضمين المدعي الرسوم والنفقات القانونية.
حكماً وجاهياً صدر وأفهم علناً بتاريخ 2000/7/13.
“محكمة” – الأربعاء في 2018/09/19