المحامي وفيق غنوي:
باسم الحقّ والعروبة
فلسطين عاصمتها القدس الشريف، وهذا الكلام لن يكون شعاراً فقط، بل يجب على كلّ الحكومات العربية الوقوف في وجه كلّ محاولات تهويد القدس وجعلها عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب.
أيّها الحضور الكريم
أنا المحامي وفيق غنوي من جنوب لبنان، واسم قريتي حولا، وهي موجودة على حدود فلسطين.
إنّ أوّل مجزرة حصلت في لبنان، أصابت قريتي بعدما أقدم الكيان الصهيوني على احتلالها وجمع مئة شاب من أهلها ووضعهم في غرفتين من أحد بيوتها ورشّهم بالرصاص ثمّ نسف الغرفة فوق رؤوسهم، فيما تمكّن الباقون من الأهالي والسكّان من التواري في الحقول والبراري حتّى أصبحت القرية خالية نهائياً. وبعد سبعة أشهر عاد أهل قريتي. وطوال ثلاثين عاماً كانت هذه القرية الجنوبية الصابرة تقصف بشكل أسبوعي ويسقط فيها شهداء وجرحى إلى أن كانت سنة 1978 حيث احتلتها إسرائيل من جديد مع قسم من جنوب لبنان سمّي يومها بـ”الشريط المحتل” حتى سنة 2000 أيّ طوال اثنين وعشرين عاماً ونحن مشرّدون بعيدون عن أهلنا وتمارس اسرائيل وعملاؤها بحقّ أهلي كلّ أنواع التعذيب والاضطهاد والممارسات غير الإنسانية.
إنّ تعداد السكّان في قريتي حوالي الخمسة آلاف وإنّ عدد الشهداء الذين سقطوا فيها حوالي الألف شهيد أيّ أنّ عشرين في المئة من سكّانها هم شهداء.
وأنا والباقي من أهل قريتي وخاصة الشباب كنا مشردين دون مستقبل ونعاني العوز والفقر ولا معين لنا في هذه الدنيا إلاّ الله، فكان لا بدّ من المشاركة في المقاومة التي أسّسها الإمام السيّد موسى الصدر والأحزاب الوطنية، واستطاعت هذه المقاومة تحرير الأرض في العام 2000 من الاحتلال ودحر العدوّ الصهيوني وعملائه إلى خارج الحدود اللبنانية الفلسطينية.
إنّ للكيان الصهيوني أطماعاً في الأرض والمياه وسعياً وراء الاستيطان وبناء المستوطنات في فلسطين وطرد الفلسطينيين من أرضهم وبيوتهم وإحلال المستوطنين مكانهم وهذا أمر لا يقبل به كلّ شريف وصاحب كرامة، ولذلك:
أولّاً: يجب مناصرة الانتفاضة الفلسطينية في الداخل ومساعدتها والضغط على كلّ الحكومات العربية ومن لا يستطيع منها فهو متورّط مع الدول الكبرى التي تدعم هذا الكيان الغاصب.
ثانياً: يجب ألاّ يعطي الملوك والرؤساء العرب أيّ مواقف مجانية تخدم إسرائيل وتسلّطها، وأن يسارعوا إلى وقف عملية التطبيع لأنّ مفهوم التطبيع هو إزالة الحاجز النفسي بين العرب والعدوّ الإسرائيلي، والضغط باتجاه إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة فما يمارس بحقّ الفلسطينيين هو من أبشع صور الارهاب في العالم كلّه.
إنّ خياركم الوحيد أيّها العرب، هو المقاومة، فحتمية التاريخ تؤكّد بأنّ الاحتلال إلى زوال.
*ألقيت هذه الكلمة اليوم ضمن أعمال لجنة الوطن العربي في اتحاد المحامين العرب خلال التئامها في فندق “ريجنسي” في منطقة قمرت في تونس.
“محكمة” – السبت في 2019/3/16