أقدم محكمة في التاريخ.. إسبانية وتعيش على بتّ نزاعات المزارعين
يتحلّق ثمانية رجال بلباس أسود على مقربة من حائط كاتدرائية في فالنسيا ينتظرون الحاجب ليستدعي المتخاصمين في قضايا تتعلّق بالريّ الزراعي ليفصلوا بينهم، فهم يشكّلون هيئة محكمة تقليدية متوارثة من القرن العاشر للميلاد.
وفي بضع دقائق من المداولات ومن دون أيّ وثائق، تُصْدر هذه المحكمة قرارها في النزاعات الزراعية في ثالث مدن إسبانيا الواقعة في سهل خصب من هذا البلد.
وهذه المحكمة الضاربة في التاريخ الإسباني مُدْرجة على قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظّمة الأونيسكو لكونها “أقدم هيئة قضائية ما زالت موجودة في أوروبا”.
فقد ظهرت هذه المحاكم في القرن العاشر في هذه المنطقة التي كانت تابعة لقرطبة، حين كانت الكاتدرائية مسجداً.
والقضايا التي تنظر فيها هذه المحكمة تقتصر على النزاعات حول الريّ، من قطْع المياه إلى الخطأ في إدارة الموارد المائية.
من القضايا التي نظرت فيها المحكمة في الآونة الأخيرة دعوى رفعها فنسنت مارتي الذي يدير منذ ثلاثين عاماً مزرعة مراعية للبيئة. وفي الآونة الأخيرة لاحظ أنّ المياه التي تصل إلى مزرعته ملوّثة بالإسمنت والطلاء التي يلقيها سكّان منزل مجاور يتمّ ترميمه. وبعد استماع القضاة للحجج المقدّمة من الطرفين، قضى رئيس المحكمة بإدانة الجار المتسبّب بالتلوّث، وغرّمه ألفي أورو.
ويقول المدعي لوكالة “فرانس برس”: “أنا آسف لأنّي اضطررت للجوء إلى القضاء ضدّ جاري”، موضحاً أنّه اضطرّ لذلك حفاظاً على مزرعته.
تضمّ المحكمة ثمانية قضاة كلّهم من الرجال، يفصلون في النزاعات التي يمكن أن تنشأ بين عشرة آلاف مزارع. والمزارعون هم أنفسهم الذين ينتخبون أعضاء هذه المحكمة، وهي تلتئم الخميس من كلّ أسبوع أمام كاتدرائية فالنسيا بالتزامن مع قرع الأجراس.
ويقول رئيس المحكمة مانويل رويس: “في الحقل يعلو صوت المتهم أنّه غير مذنب، ولكنّه ما إنْ يصل إلى هنا حتّى يسارع إلى طلب الوساطة” وإنهاء الخلاف.
(نقلاً عن وكالة الصحافة الفرنسية).