أكل كلب الرئيس بشارة الخوري لحمة فطالب اللحّام الأخير بثمنها/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار*:
عندما انتخب المحامي ريمون اده عميدا للكتلة الوطنية كان كثير الحماسة والاهتمام والشكوى والنرفزة، فجاءه المرحوم عبدالله الحاج وقال: يا عميد كفى ركضاً ونرفزة…ان الشعب اللبناني لا يشعر بالمصيبة الا اذا اصابته هو شخصياً.
وروى عبدالله الحاج كيف انه عندما كان طفلاً شاهد عملية دمغ البقر بخاتم ملكية والده لها، اذ كانت البقر منهمكة في تناول علفها وهي واقفة في صف واحد الى جانب بعضها البعض، وكان الشخص الذي يحمل الخاتم وهو ملتهب بالنار يغرزه في جلد البقرة التي تصرخ من الالم، فيما تستمر جارتها الى جانبها في التهام العلف وكأنّ ما جرى لا يعنيها وكأن النار لن تأتيها.
* * *
الغنى والصحة
كان النائب المرحوم اوغست باخوس يروي انه قديما كان يذهب مع مجموعة من اصدقائه ومنهم الخوري يوسف عون والقاضي السابق المحامي جورج ساروفيم الى بلدة جب جنين لتمضية اجازة فيها. وانه كان يستفيق باكراً ليمارس رياضة الركض. وانه التقى مرة معازاً فقال له:”انا سلطان زماني. لماذا؟ لان زوجتي تؤمن لي الخبز والجبنة كل 15 يوماً وانا حاكم هذه المنطقة انام ساعة اشاء واكل ساعة اشاء”.
ويضيف الاستاذ باخوس انه يوم كان رئيسا لبلدية الجديدة البوشرية-السد كان يقوم بجولات في شوارع البلدة عندما ناداه احد اغنى اغنياء الشرق وكان يقف على البلكون. وعندما صعد الاستاذ باخوس وقف معه على البلكون فأومأ الى مجموعة من الشبان الذين يعملون في معمل العسيلي وهم يجلسون على الارض ويأكلون البندورة والمجدرة…في حين ان هذا الرجل الغني كان ممنوعاً عليه إلاّ اكل اللبن “والقرشلة” لان صحته تعبانة.
ويضيف الاستاذ باخوس بان هذا الرجل الثري قال له:
– ليت هناك من يأخذ كل ثروتي ويجعلني اكل لمدة اسبوعين مثلهم.
* * *
الموتى يعملون عندهم
اثناء القيام بواجب تعزية احد الاشخاص بسبب وفاة والده، بدأ يتكلم عن مآثر والده وصولاته وجولاته وبطشه مما حدا بالنائب اوغست باخوس الى القول بان بعضهم يستخفون بالمستمع ويعتقدونه غريبا عن المجتمع والبيئة والواقع. فقال له المحامي الياس كسبار ان امر هذا الشخص يشبه امر ذاك الذي ذهب مع صديقه الى احدى المقابر ووقف امامها وقال لصديقه:
– هل تعلم بان جميع الموتى في هذه المقبرة كانوا يعملون عندنا؟
فأجابه صديقه هازئاً:
– ومين منهم بدو يقوم يشارعك اذا كان هالشي مش صحيح؟
* **
براءة الموكل
كان المحامي الكبير المرحوم موسى برنس يشدّد دائماً على وجوب التدقيق في أيّ واقعة مهما كانت بسيطة، وطرح الاسئلة بشأنها، علّها توصل الى الحقيقة.
وفي هذه المناسبة، يقول انه عرضت عليه دعوى حيث اتهم احدهم بجريمة قتل، فيما هو يصر على انها انتحار. فاحتار الاستاذ برنس كيف يمكن ان تكون جريمة انتحار والمغدور مصاب بطلقين ناريين من مسدس. وبعد استنفاد جميع الطرق لجأ الى خبير اسلحة فاكتشف ان المسدس يطلق احياناً طلقتين مرة واحدة لان “الديكة تزحط” على حد قول برنس.
وهكذا اصدر قاضي التحقيق قراراً قضى بمنع المحاكمة عن موكله.
* * *
الاستشارة
يروي المحامي ناجي القرح عن الرئيس النقيب بشارة الخوري، انه كان يحلو له في شيخوخته التسلية في لعب “طاولة الزهر” مع لحام قريب. وان كلبه اكل مرة قطعة من اللحم العائدة للملحمة.
ويضيف المحامي القرح ان اللحام سأل الرئيس الخوري عن امكانية ملاحقة مالك الكلب الذي يأكل قطعة من اللحم من الملحمة. فأجاب الخوري بالايجاب. فقال له اللحام: اذا كان هيك تفضّل وادفع لي ثمن القطعة لان كلبك اكلها. فأجاب الرئيس الخوري: ليس عندي من مشكلة تفضل وادفع لي ثمن الاستشارة وهيك بيطلع انا بدي منك.
وعندما سمع المحامي ريمون شديد ما اخبره المحامي ناجي القرح، قال انه كان يعالج اسنانه بصورة دائمة لدى طبيب من بلدته حمانا، تخصص في اميركا، وانه في كل مرة يأتي الى العيادة، كان الطبيب يسأله عدة اسئلة قانونية.
ويضيف المحامي شديد ان طبيب الاسنان ارسل له مرة فاتورة حدد فيها اتعابه، وحسم منها مبلغاً من المال. وعندما سأله النقيب شديد عن السبب أجابه:
– هذا المبلغ يمثّل أتعابك لقاء الاستشارات.
* * *
جرأة المسؤول الكبير
يقول المحامي رامز يعقوب ان جرأة المسؤول الكبير تتبلور في تصرفاته. ويروي انه كان لا يزال محامياً متدرّجاً، عندما حضر جلسة امام المحكمة التي كانت برئاسة القاضي الكبير المرحوم بطرس نجيم في قضية محاولة اغتيال الرئيس كميل شمعون، وطلب من المحكمة توجيه كتاب لوزارة العدل لاحالته امام السفارة الاردنية لمعرفة رقم سجل وعمر موكله الاردني.
فانتفض رئيس المحكمة القاضي نجيم وقال للاستاذ يعقوب:
– يا استاذ، هذا امر غير مقبول…هل تطلب من المحكمة احالة كتاب الى السفارة لمعرفة عمر ورقم سجل موكلك؟
– فاستهاب المحامي يعقوب الموقف، ورفع يده طالبا الكلام وقال: ولكنني حضرة الرئيس مسخر في هذه الدعوى من قبل المحكمة.
عندئذ يضيف المحامي يعقوب، نظر اليه الرئيس نجيم بتمعن وقال له: لا تؤاخذني لم اعلم انك مسخر في الدعوى.
ثم نظر ناحية الكاتب وأملى عليه قراره بتوجيه كتاب لوزارة العدل لاحالته امام السفارة الاردنية لاجراء المقتضى.
*القضاة والمحامون…مواقف وطرائف
“محكمة” – الجمعة في 2019/7/12