أوغست باخوس والحلّ المخبّأ تحت “قشرة بصلة”/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
نائب المتن الشمالي المحامي اوغست باخوس عنده فلسفة خاصة في الحياة. فهو يعتبر أنّ من ينظّم وقته يستطيع أن يقوم بعدّة أعمال ويتمّمها بارتياح تام. وأنّ لكلّ ظرف ظرفه. وعلى الإنسان أن يكون جدّيًا في العمل وأن يمارس الرياضة التي تخفّف من التعب. وهو يفتخر بأنّ جدّه باخوس هو إله الخمر، ويقول إنّ العلم مثل الأوقيانوس لا يستطيع الإنسان أن يبلعه أو يحتكره، وإنّه مهما جهد وتعلم وطالع يبقى بحاجة إلى الشورى وإلى آراء الآخرين.
وينتقد الأستاذ باخوس أولئك الذين يتكبّرون. ويقول إنّ الإنسان مهما علا شأنه فإنّه يزحط على قشرة موز ويفكّ سلسلة ظهره، وقد أعجب مرّة بعبارة قالها له قنصل الاكوادور الفخري طوني ضومط نقلًا عن أحد المسنّين في بلدة عمشيت:”ما دام في قبور لشو القصور؟”
***
لعامة الشعب فلسفة أيضًا
ويقول باخوس إنّ الفلسفة لا تقتصر على الكبار، بل إنّ عامة الشعب تتحلّى بها أيضًا. ويخبر عن أحد أبناء بلدته البوشرية في ساحل المتن الشمالي والذي كان في حالة سكر دائم أنّه حضر إلى مكتبه في البلدية يوم انتخب رئيسًا لها وقال له وهو يقف على الباب:
– استاذ باخوس، هل بدأت بتعيين القواريط؟
وعندما رفع الأستاذ باخوس رأسه علامة النفي، أردف قائلًا:عندما تبدأ بذلك احسب حسابنا.
وذهب.
***
الغنى والصحّة
كان النائب المرحوم اوغست باخوس يروي أنّه قديمًا كان يذهب مع مجموعة من أصدقائه ومنهم الخوري يوسف عون والقاضي السابق المحامي جورج ساروفيم إلى بلدة جب جنين لتمضية إجازة فيها. وأنّه كان يستفيق باكرًا ليمارس رياضة الركض. وأنّه التقى مرّة معّازًا قال له:”أنا سلطان زماني. لماذا؟ لأنّ زوجتي تؤمّن لي الخبز والجبنة كلّ 15 يومًا وأنا حاكم هذه المنطقة أنام ساعة أشاء وآكل ساعة أشاء”.
ويضيف الأستاذ باخوس أنّه يوم كان رئيسًا لبلدية البوشرية كان يقوم بجولات في شوارع البلدة، عندما ناداه أحد أغنى أغنياء الشرق وكان يقف على البلكون. وعندما صعد الأستاذ باخوس وقف معه على البلكون فأومأ إلى مجموعة من الشبّان الذين يعملون في معمل العسيلي وهم يجلسون على الأرض ويأكلون البندورة والمجدّرة… في حين أنّ هذا الرجل الغني كان ممنوعًا عليه إلّا أكل اللبن “والقرشلة” لأنّ صحّته تعبانة.
ويضيف الأستاذ باخوس بأنّ هذا الرجل الثري قال له: ليت هناك من يأخذ كلّ ثروتي ويجعلني آكل لمدّة أسبوعين مثلهم.
***
يحرق أثاث غرفته
ويطيب لنائب المتن الأستاذ اوغست باخوس أن يردّد دائمًا عبارات فيها الكثير من الحكم. فهو يقول مثلًا إنّ المسؤول في الدولة يجب أن يتحلّى بالحكمة والتبصّر وأن يكون حكمًا لا حاكمًا. وإنّ “الدول عند مصالحها” وإنّ العنف لا يولّد إلّا العنف. والحلّ المنطقي السلمي هو دائمًا الأفضل وغالبًا ما يكون هذا الحلّ مخبأ تحت “قشرة بصلة”.
وفي معرض انتقاده الدائم للبناني الذي يتحمّس في الإنتخابات النيابية يخبر عن أحد اللبنانيين الذي حرق أثاث غرفة نومه “نكاية” بجاره.
***
الموتى يعملون عندهم
أثناء القيام بواجب تعزية أحد الأشخاص بسبب وفاة والده، بدأ يتكلّم عن مآثر والده وصولاته وجولاته وبطشه ممّا حدا بالنائب أوغست باخوس إلى القول بأنّ بعضهم يستخفّون بعقل المستمع ويعتقدونه غريبًا عن المجتمع والبيئة والواقع. فقال له المحامي الياس كسبار إنّ أمر هذا الشخص يشبه أمر ذاك الذي ذهب مع صديقه إلى إحدى المقابر ووقف أمامها وقال لصديقه: هل تعلم بأنّ جميع الموتى في هذه المقبرة كانوا يعملون عندنا؟
فأجابه صديقه هازئًا: ومين منهم بدو يقوم يشارعك إذا كان هالشي مش صحيح؟
***
دعوى تدوم يومين
يقول النائب باخوس إنّ بعضهم يعتقد أنّه يجب أن ينال مطاليبه “بكسبة زرّ”.
وفي هذا المجال يخبر أنّه أثناء العملية الإنتخابية النيابية الأخيرة حضر إلى مكتبه أحد الأشخاص وكان يوم خميس والإنتخابات سوف تجري يوم الأحد وطلب منه تقديم دعوى لينال أولاده الخمسة، ومنهم ثلاثة راشدين، الجنسية. وعندما طمأنه الأستاذ باخوس إلى أنّه سوف يهتمّ بالأمر قال له: استاذ؟ قولك بيلحقوا ينتخبوا يوم الأحد؟ علمًا بأنّ دعوى من هذا النوع تدوم عدّة سنوات بسبب التحقيقات والجلسات.
***
لسانه مثل…الشيطان
أثناء حفلة العشاء التي أقامتها نقابة الحرفيين في لبنان في “المون لاسال” في نهاية تشرين الثاني 1994، بدأ الصحافي كريستيان اوسي ينتقد أحد الأشخاص عندما قال له نائب المتن اوغست باخوس: انتوا الصحفيين لسانكم مثل الشيطان.
فقال له اوسي: ولكن يقال غير كلمة عادة.
فأجابه الأستاذ باخوس: مش وقتها هلق!
***
آخر وسام
على إثر إجراء مقابلة من قبل الأستاذ غسّان تويني مع الرئيس صائب سلام والتي برهن فيها عن مواقف وطنية وإنسانية، كتب النائب اوغست باخوس مقالة في جريدة “الديار” شكره فيها على مواقفه الوطنية.
وبعد مدّة إلتقى النائب باخوس الدكتور كلوفيس مقصود الذي بادره قائلًا: لدى قراءة الرئيس صائب سلام لمقالتك إغرورقت عيناه بالدموع وقال: هذا وسام آخر يعلّق على صدري.
“محكمة” – السبت في 2021/6/26