إبلاغ الإنذار بالدفع من السجين/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
إعتبرت محكمة الإستئناف المدنية في جبل لبنان – الغرفة العاشرة والتي كانت مؤلّفة من القضاة الرئيسة رلى جدايل والمستشارين حبيب مزهر وريتا غنطوس أنّ قانون الإيجارات قد خلا من أيّ نصّ يتيح إعفاء السجين من بدلات الإيجار المترتّبة عليه ومن إسقاط حقّه بتمديد إجارته من جرّاء تركه مأجوره بسبب حجز حرّيته.
واعتبرت المحكمة أنّ الإنذار المبلّغ من المستأجر في سجنه لم يتضمّن أيّ غموض سواء على صعيد بيان المبالغ المطالب بها أو على صعيد بيان صفة موقّع الإنذار.
وقضت بردّ الإستئناف وبتصديق الحكم المستأنف الذي قضى بالإسقاط من حقّ التمديد.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2003/10/16:
في الأساس:
1- في الإستئناف الأصلي:
وبما أنّ المستأنف طلب قبول استئنافه في الأساس وفسخ الحكم المستأنف وإبطاله بكون المحكمة التي أصدرته قد خالفت أصول تشكيل الخصومة سندًا للمادة /463/أ.م.م. والفقرة /8/ من المادة /537/أ.م.م. ولكون الحكم نفسه قد خالف الفقرة /3/ من المادة /641/أ.م.م. بسبب إيراده تناقضًا بين حيثياته وخلاصته القانونية لجهة قيمة الخدمات والبدلات المطالب بها. ولكون الإنذار بالدفع تاريخ 2001/1/18 باطلًا وغير منتج لمفاعيله بسبب تبليغه إلى المستأنف في سجنه حيث تحول واقعة حجز حرّيته دون تواجده في المأجور ودفعه بدلات الإيجار. وبسبب الغموض الذي يكتنف الإنذار وعدم إرفاقه بمستندات تثبت الخدمات موضوعه وعدم بيان صفة رسمية لموقعه تخوّله تمثيل مالك المأجور.
وبما أنّ المستأنف عليه طلب من جهته ردّ الإستئناف الأصلي في الأساس لانتفاء صحّته وقانونيته. وتصديق الحكم المستأنف بالنسبة للبندين /1/ و /2/، مؤكّدًا في هذا السبيل أنّ أسباب الإستئناف واجبة الردّ لكون المستأنف، الذي حضر جلسة 2001/6/18 بعد تبلّغه موعدها، قد استمهل فيها لتوكيل محام وللجواب ثمّ امتنع عن تنفيذ تعهّده، ولكون التناقض الذي يدعي غير متوفّر في الحكم المطعون فيه، ولكون قانون الإيجار، الذي لا يجوز التوسّع في تفسيره بسبب طابعه الإستثنائي، لم يلحظ إعفاء السجين من المطالبة بالبدلات التأجيرية ولا عدم إسقاط حقّه بتمديد إجارته من جرّاء تركه المأجور، ولكون الإنذار بالدفع قد أرسل إليه من قبل المستأنف عليه صاحب الصفة للمخاصمة باعتباره الممثّل القانوني للوقف وموقّع عقد الإيجار وتضمّن مطالبة له بالخدمات والبدلات عن الأعوام 1997 و1998 و1999 و2000 ضمنًا مع فوائد التأخير المدوّنة في العقد نفسه، ولكون المستأنف قد اعترف بتركه المأجور الذي أكّد الخبير فوزي اللبّان في 2001/1/19 إقفاله منذ /4/ سنوات، كما اعترف بعدم سداده بدلات الإيجار التي تراكمت في ذمّته بقيمة /12595040/ل.ل. والتي دفعها رغم تبلّغه في سجنه إنذارًا أخيرًا بالدفع بتاريخ 2001/1/18.
وبما أنّ ما نسبه المستأنف إلى المحكمة الابتدائية من مخالفة لأحكام الفقرة /8/ من المادة 538/أ.م.م. ولأصول تشكيل الخصومة المسندة إلى المادة /463/أ.م.م. يعتبر مستوجبًا الردّ لكون المستأنف قد مثل من دون قيد في أولى جلسات المحاكمة الإبتدائية رغم حضوره إلى المحكمة مخفورًا، ولكون حضوره إلى المحكمة قد أتاح له تبلّغ موعد الجلسة التالية دون حاجة لإجراء التبليغ بواسطة آمر السجن، كما أتاح له الحصول على مهلة تمتد حتّى موعد تلك الجلسة لتوكيل محام وللجواب، ولكونه قد تخلّف عن حضور الجلسة التالية المنعقدة في 2001/11/26 والمبلّغ موعدها إليه، ولم يثبت تعذّر توكيله محاميًا يمثّله في المحاكمة ويجيب على الإستحضار، بل بيّن على العكس انتفاء هذا التعذّر نتيجة ورود استئنافه في 2002/7/18 قبل /11/ شهرًا من انتهاء مدّة سجنه وفقًا لما أورده في استحضاره الإستئنافي، وبواسطة وكيل قانوني عنه منظّمة وكالته قبل يومين من تقديم ذلك الإستحضار.
وبما أنّ ما أورده المستأنف بصدد مخالفة الحكم المستأنف لأحكام الفقرة /3/ من المادة /641/أ.م.م. بسبب تضمّنه تناقضًا بين حيثياته وخلاصته القانونية لجهة قيمة البدلات المطالب بها وقيمة الخدمات يعتبر بدوره مستوجبًا الردّ لأنّ التناقض المدعى به لا يوفّر الشرط الواجب تحقّقه لإعمال المادة /641/أ.م.م. تبعًا لعدم حؤوله دون تنفيذ الحكم المستأنف طالما أنّ الحكم المذكور قد خلص في فقرته الحكمية إلى تحديد المبلغ المتوجّب على المدعى عليه بقيمة تعادل /11386400/ل.ل. وتشمل مجموع البدلات مع الخدمات المستحقّة حتّى آخر العام 2000.
وبما أنّ تبليغ المستأنف في سجنه مضمون الإنذار بالدفع تاريخ 2001/1/18 يشكّل تبليغًا موافقًا لأحكام القانون وخاصة منها الفقرة /4/ من المادة /403/أ.م.م. التي أجازت تبليغ المسجونين بواسطة مدير السجن، ممّا يوجب ردّ ما أورده المستأنف بخلاف ذلك.
وبما أنّ خلو قانون الإيجارات، وهو قانون خاص لا يجوز التوسّع في تفسيره، من أيّ نصّ يتيح إعفاء السجين من بدلات الإيجار المترتّبة عليه ومن إسقاط حقّه بتمديد إجارته من جرّاء تركه مأجوره بسبب حجز حرّيته، هو واقع يوجب إعطاء الإنذار بالدفع المبلغ من السجين جميع مفاعيله وبالتالي ردّ السبب الإستئنافي المسند إلى خلاف ذلك.
وبما أنّ الإنذار المبلّغ من المستأنف في سجنه بتاريخ 2001/1/18، والمرسل إليه من قبل المستأنف عليه بواسطة وكيله لم يتضمّن خلافًا لما أورده المستأنف، أيّ غموض سواء على صعيد بيان المبالغ المطالب بها والتي جاءت مفصّلة بشكل وافٍ ودقيق ومتضمّنة بدل الخدمات والبدلات عن الأعوام 1997 و1998 و 1999 و2000 مع فوائد التأخير المتعاقد عليها، أو على صعيد بيان صفة موقّع الإنذار كصاحب صلاحية لتمثيل المالك بالإدارة والتصرّف وإرسال الإنذارات وتوقيعها، وذلك لأنّ المستأنف عليه الذي أرسل باسمه الإنذار كان قد مثل في عقد الإيجار المبرم بين المتداعيين بصفته مؤجّرًا متولّيًا أوقاف الأرمن الكاثوليك وأملاك البطريركية، ولأنّ الإنذار قد أرسل من خلال الكاتب العدل الذي يعود له التحقّق من صفة الوكيل الذي تمّ بواسطته توجيه الإنذار إلى المستأنف الذي لم يدّع تزوير أيّ من الوقائع المتقدّمة بعد عرضها عليه.
وبما أنّ الإستئناف الحاضر يكون، تبعًا لما تقدّم، غير مسند إلى أسباب تبرّره، ممّا يوجب ردّه في الأساس وردّ المطالبة بفسخ الحكم المستأنف وإبطاله.
“محكمة” – الجمعة في 2021/9/10