إتحاد المحامين العرب إلى أين؟؟
كتب المحامي عمر زين*:
لا بدّ بادئ ذي بدء، من القول إنّ اتحاد المحامين العرب تأسّس بعد الحرب العالمية الثانية، وقبل نيل كلّ الدول العربية استقلالها، وفي غياب تكوين نقابات للمحامين في هذه الدول وذلك في العام 1944، وبذلك يكون إنشاؤه جرى قبل تأسيس جامعة الدول العربية، وجاء تعبيراً عن رغبة المحامين العرب في توحيد كلمتهم في كلّ الشؤون المهنية والوطنية والقومية، وقد شهد الاتحاد مسيرة ناجحة من قيادات فذّة عملت من أجل ذلك.
وفي السنوات الأخيرة، ومع الأسف الشديد، ساد تدنّي في ثقافة آداب المهنة وفي غياب الاهتمام بشؤونها وشجونها، وكذلك عدم الاهتمام بحالة الأمة، وسبب ذلك كلّه عدم المتابعة بدقّة، من جانب الأعضاء، نقابات وأفراداً، لكلّ ما يطرأ أو يطرح من أمور في جداول أعمال الاجتماعات، وسببه أيضاً عدم أخذ القرارات التي تصدر عن المؤتمرات والمكاتب الدائمة طريقها للتنفيذ، وللتناقضات الحاصلة في مواد القانون الأساسي، والنظام الداخلي، ممّا يربك العمل بصورة مستمرّة، وكذلك أيضاً للمحاباة وحبّ المناصب والكراسي، وهذا من الأمراض المستعصية في الأمة، وعلى الرغم من إضاءتنا على هذا الواقع المؤلم بشكل دائم، وما زلنا نعمل جاهدين لإصلاحه، ووقوفنا بوجه الفردية والشخصانية القاتلة لكلّ ما هو نهوض وتقدّم مستفيدة من التغيير الدائم في الهيئات والنقابات والجمعيات على مستوى النقباء والأعضاء نتيجة الانتخابات الدولية، ممّا يفسح في المجال للفوضى، والانتهاكات، والتلاعب، في كلّ شيء خاصة لعدم المتابعة الدقيقة والشاملة.
إنّ اتحاد المحامين العرب هو اتحاد أوّلاً وأخيراً للنقابات، ولا يجوز أن يتلاعب بوجوده، وبقراراته، وبمسيرته، أعضاء يسمّون منضمّين تجاوز عددهم النسبة المحدّدة في النظام، ومن أجل ذلك رأينا وسمعنا ما حصل في لقاء القاهرة منذ أشهر بدعوة غير قانونية، وغير أصولية، ومن تصرّفات غير مسبوقة رفضها المحامون العرب جملة وتفصيلاً.
وقد أطلقنا نداء إلى الأعضاء الأصليين (النقابات) للتحرّك سريعاً للإصلاح قبل فوات الآوان حيث لا يجوز بعد الآن، التغاضي عمّا يحصل، أو تغطيته مهما كانت الأسباب والحجج، فلا بدّ من تعديل للقانون الأساسي وللنظام الداخلي، وذلك بتحديد مدّة العضوية المنضمّة حيث أنّها حالياً بدون أجل، وتحديد الصلاحيات وإزالة التناقضات بين النصوص، واعتماد مقياس واحد لعدد ممثّلي النقابات والأعضاء المنضمّين لكلّ دولة كي لا تصادر نقابة قرار الاتحاد، وتنفيذ القرارات التي تصدر وعدم تعطيلها، وليكن للمحامين الشباب (ذكوراً وإناثاً) دور في تلك التعديلات، وهذا يتطلّب حركة إصلاحية فكرية وتنظيمية تقودها نقابات الاتحاد دون غيرها.
وقد بدأت بعض النقابات فعلياً وضع خطّة لتحرّكها بخصوص ذلك، إقتناعاً منها بأنّه لا طريق لنجاح وديمومة ووحدة الاتحاد إلا بالإصلاح، ليعود ويأخذ دوره المهني والوطني والقومي المطلوب منه وفق مقدّمة قانونه الأساسي، وعلى طريق ما أرساه كبارنا.
*الأمين العام لاتحاد المحامين العرب (سابقاً).
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد الأوّل – تشرين الثاني 2015).