إختصاص “العجلة” برفع الأختام الموضوعة بقرار النيابة العامة/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار
اعتبرت محكمة استئناف جبل لبنان، الغرفة الثانية عشرة والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين مادي مطران وداني الزعني انه وان كان قضاء الامور المستعجلة غير صالح للطعن بالقرارات التي تصدرها النيابة العامة الاستئنافية، الا انه يعود له اتخاذ التدابير المستعجلة لمنع الضرر وحفظ الحقوق والتدابير الآيلة الى ازالة التعدي الواضح على الحقوق والاوضاع المشروعة في المواد المدنية والتجارية، وان قاضي العجلة يختص باتخاذ التدابير المذكورة ولو تعلقت بمسائل جزائية متى كان لهذه المسائل جانب مدني.
وقضت بتصديق الحكم المستأنف الذي قضى برفع الاختام عن المنزل واعتبرت المحكمة ان الحراسة القضائية هي تدبير مؤقت، واجراء انتظار لا يمس الاساس وان قضاء العجلة يبقى مختصاً في اتخاذ التدابير المؤقتة ومنها الحراسة القضائية التي هي بطبعها مؤقتة ولا تضفي على الحق مشروعية وانما ترمي الى حمايته ودرء كل ضرر عنه وقضت بتصديق الحكم المستأنف لهذه الجهة ايضا.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2004/2/11
في الأساس:
حيث يدلي المستأنف بعدم اختصاص قضاء الامور المستعجلة لكون القرار المستأنف قد صدر دون توخي المحافظة على الحقوق الاجدر بالحماية، وانه جزم بأحقية اشغال المستأنف عليه، وشرعن تصرفه بالموجودات والاثاث.
وحيث يقتضي بحث الاسباب الاستئنافية المثارة تباعا:
عن السبب الاستئنافي الاول
حيث يدلي المستأنف بأن القرار قد تجاهل كليا لواقع ان طلبات هذا الاخير لا تتعلق فقط بتدبير صادر عن النيابة العامة، بل تعداه الى اساس وطبيعة اشغال المستأنف عليه ولوجود نزاع حول ملكية العقار والحصص العائدة للورثة وحول فترة الاشغال.
وحيث ان القرار المستأنف قد قضى بفض الاختام الموضوعة من قبل النيابة العامة الاستئنافية، على المنزل القائم على العقار رقم 359 عاليه وتسليمه الى المستأنف عليه – المدعي.
وحيث يتبين من محضر الضابطة العدلية، مخفر عاليه، المؤرّخ في 2003/10/17 بأن المستأنف يشغل العقار موضوع النزاع المذكور اعلاه، منذ العام 1990 وحتى ختم المنزل بالشمع الاحمر بناء على اشارة المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان بالتاريخ المشار اليه آنفا.
وحيث وان كان قضاء الامور المستعجلة غير صالح للطعن بالقرارات التي تصدرها النيابة العامة الاستئنافية الا انه يعود له اتخاذ التدابير المستعجلة لمنع الضرر وحفظ الحقوق والتدابير الآيلة الى ازالة التعدي الواضح على الحقوق والاوضاع المشروعة في المواد المدنية والتجارية.
وحيث ان قاضي الامو المستعجلة يختص باتخاذ التدابير المذكورة ولو تعلقت بمسائل جزائية متى كان لهذه المسائل جانب مدني.
وحيث يتبين من قرار النيابة العامة ومن المستندات المبرزة لاسيما صورة الافادة العقارية، ان النزاع له شق مدني حول مسألة اشغال العقار 359/ عاليه من الشركاء في الملك، بحيث يكون لقضاء الامور المستعجلة الاختصاص باتخاذ اجراءات وتدابير وقتية دون التعرض لاختصاص النيابة العامة.
وحيث ان النيابة العامة هي سلطة ملاحقة وادعاء فلا يمكن ان تكون خصما وحكما في الوقت نفسه، سيما وانه حتى في سياق الدعوى الجزائية فإن النيابة العامة هي فريق يدعي وليست قاضيا يتخذ قرارات تفصل في المنازعات.
وحيث يكون بالتالي قرار النيابة العامة الاستئنافية القاضي بختم المنزل بالشمع الاحمر، صادرا عن مرجع غير مختص بصورة مطلقة، على ضوء التثبت من عناصر النزاع من ناحية اولى، والتثبت من ملكية المستأنف عليه بالشيوع واشغاله بالتالي لملك مشترك كما هو ثابت من صورة الافادة العقارية المبرزة في الملف الراهن للعقار 359/ عاليه من ناحية ثانية.
وحيث ان ختم المنزل بالشمع الاحمر يحول دون دخول المستأنف عليه الى المنزل المذكور، واشغاله بصفته مالك في الشيوع مما يعتبر تعديا واضحا على حقوق المستأنف عليه ويبرر تدخل القضاء المستعجل لاتخاذ التدبير اللازم لرفع التعدي المذكور، ولا يرد على ذلك بوجود منازعة حول ملكية الاسهم ومقدارها، لانه وعلى فرض ذلك وعلى ضوء ثبوت ملكية المستأنف عليه ل560 سهما بموجب صورة الافادة العقارية المبرزة في الملف والتي لها القوة الثبوتية المطلقة، فإنه لحين صدور قرار يبت هذه المنازعة من قبل المحكمة المختصة يتوجب الاخذ بصحة هذه الملكية، وبالاشغال المذكور ظاهرا مما يقضي مع ذلك برفع الاختام عن المنزل موضوعها وتسليمها الى المستأنف عليه فوراً، الامر الذي يقضي معه برد السبب الاستئنافي المثار من المستأنف، وتصديق القرار المستأنف لهذه الجهة.
عن السبب الاستئنافي الثاني
حيث يدلي المستأنف ايضا بأن القرار المستأنف قد “شرعن” حيازة المستأنف عليه للاثاث والموجودات، في الوقت الذي توجد فيه دعوى تتناول هذه الموجودات امام المرجع الجزائي المختص، وانه بصفته مالك لحق الادارة فإن قرار الحراسة القضائية قد حرمه من ممارسة لهذا الحق، مع العلم انه اقام دعوى ابطال لملكية الاسهم المشتراة من المستأنف عليه بالاضافة الى حصته.
حيث بالعودة الى القرار المستأنف يتبين انه قضى بتعيين المستأنف عليه حارسا قضائيا على الموجودات والاثاث لحين استقرار ملكيتها على اسم اي من الفريقين.
وحيث انه من جهة اولى، تجدر الاشارة الى ان الحراسة القضائية هي تدبير مؤقت، واجراء انتظار، لا يمكن بشكل من الاشكال ان تمس الاساس او تتصدى له.
وحيث بالتالي ان مجرد تقديم شكوى جزائية للمطالبة بحق ما وسيما بملكية موجودات المنزل، لا يبرر رفع الحراسة طالما ان هذه الشكوى لم تقترن امام المرجع الجزائي بما يغير من امهر الحال او يبدل في موقع الفرقاء، وعلى ضوء ثبوت اشغال المستأنف عليه للمنزل موضوع النزاع كما ورد في افادة الناطور المدونة في متن تحقيق الضابطة العدلية المذكور آنفا.
وحيث انه وعلى فرض وجود نزاع عالق حول ملكية الاسهم المشتراة من المستأنف عليه، وعلى ضوء ثبوت ملكية هذا الاخير كما جرى استثباته اعلاه فإن قضاء الامور المستعجلة يبقى مختصا في اتخاذ التدابير المؤقتة ومنها تقرير الحراسة القضائية التي هي بطبعها مؤقتة ولا تضفي على الحق مشروعية انما ترمي الى حمايته ودرء كل ضرر عنه بالرغم من وجود نزاع عالق بين نفس الفرقاء وامام محكمة الموضوع، ذلك ان اعمال الاختصاص يبقى مشروطاً بتوفر اركانه بمعزل عن تحقق اختصاص محكمة الموضوع، فضلا عن ان القرار المستأنف جاء واضحا لهذه الجهة حول تعيين حارس قضائي فيما نطق به، “لحين استقرار ملكية الموجودات على اسم اي من الفريقين بموجب قرار قضائي” فضلا عن ان ملكية المستأنف لـ1600 سهم في العقار 539/ عاليه لا تشكل اكثرية ثلاثة ارباع الملك من مجموع الاسهم 2400 في العقار المذكور، وبالتالي لا تخوله حق الادارة كما يدعي، مما يقضي معه برد السبب الاستئنافي المثار من المستأنف عليه المعالج اعلاه وتصديق القرار المستأنف بما قضى به لهذه الجهة ايضا.
وحيث انه لم يعد من داع لبحث في مسألتي صحة ملكية اسهم المستأنف عليه واستماع الشهود كونها لا تؤثر في النتيجة التي توصلت اليها المحكمة تبعا لما سبق تعليله قانونا اعلاه.
وحيث انه ايضا لم يعد من حاجة لبحث سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة، ويقتضي بالتالي ردها، بما فيها طلب العطل والضرر لانتفاء ما يبرره قانونا.
وحيث يكون القرار المستأنف بما قضى به قد احسن تطبيق القانون ويقتضي تصديقه للاسباب الواردة فيه ولتلك الواردة اعلاه بعد رد الاستئناف الراهن اساسا.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئناف شكلا ورد الطلب الرامي الى شطب العبارات الجارحة.
2- رد الاستئناف اساسا وتصديق القرار المستأنف بما قضى به.
3- رد كل ما زاد او خالف من اسباب ومطالب استئنافية بما فيها طلب العطل والضرر.
4- تضمين المستأنف الرسوم والمصاريف والنفقات القانونية كافة ومصادرة مبلغ التأمين ايراداً للخزينة.
قراراً صدر وافهم علنا في بعبدا بتاريخ 2004/2/11
“محكمة” – الجمعة في 2019/6/21