إستقلال القضاء هو الضمانة ولماذا استبعد سامر يونس؟/عمر زين
بقلم: المحامي عمر زين*
قلناها ونكرّرها أنّ في استقلال القضاء وحمايته وصيانته خلاصاً ونهضة للجمهورية، وأنّ هذه السلطة المستقلّة يقتضي أن تكون بوضع تمييزي واستقلالي من حيث مهمّتها، وبوضع توازن في وجودها وتكوينها ووسائلها، وأن تكون أيضاً بوضع تعاون مع باقي السلطات بما يبعد الوصاية والتبعية والتواطؤ عنها.
وهذه الاستقلالية لا تتمّ بشكل شفّاف وحاسم إلاّ بصدور قانون للسلطة القضائية كالإقتراح الوارد إلى المجلس النيابي بتاريخ 1 تموز1997 والذي مضى على وجوده في الأدراج أكثر من إثنين وعشرين عاماً قدّمه أصحاب الدولة حسين الحسيني وسليم الحصّ وعمر كرامي والوزراء السابقون محمّد يوسف بيضون وبطرس حرب ونسيب لحود، وعدم إقراره يعود “لهم كلّن يعني كلن” الذين تعاقبوا على السلطة حيث يشعرون بأنّه إذا صدر مثل هذا القانون يصبحون إلى حدّ ما عاطلين عن العمل.
واليوم يقوم البعض بالترويج للتحقيق الدولي بقضيّة الجريمة الكارثة التي أصابت بيروت وإبعاد القضاء اللبناني عنها والذي هي من صميم صلاحياته ومهمّاته.
وما الخلاف الذي شاع خلال 48 ساعة الأخيرة حول اسم المحقّق العدلي إلاّ تأكيد لعدم الاستقلالية وتعزيز لاقتراح التحقيق الدولي المرفوض، خاصة وأنّ دعاة “الدولي” يحبّون دائماً أن يكونوا التابعين وتابعي التابعين وأن يكون حامل العصى الغليظة إذا لم يكن الكرباج من جانب المتبوعين هو الحكم الفصل في الخلافات الشخصية التي تتنامى بين المسؤولين بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن.
وبدلاً من أن تعتمد التشكيلات القضائية الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى حيث في ذلك تعزيز لحسن سير العمل القضائي.
وبدلاً من أن يُعتمد القاضي سامر يونس كمحقّق عدلي لهذه الجريمة النكراء، وهو المعروف بكفاءته وعلمه وجرأته وإصلاحه واستقلاليته، والعامل دائماً لكشف الحقيقة لإنزال حكم العدالة بالمجرمين والفاسدين، تمّ استبعاده، هذا ويشهد العاملون برسالة المحاماة والعدالة على دوره القضائي وسلوكيته المثالية.
أعرف هذا القاضي الشريف والجريء منذ اليوم الأوّل لولادته وطيلة حياته حيث ما زال في عزّ شبابه والحامي لنفسه، لا يهاب إلاّ الله، وهو قاضي المدينة بكلّ ما للكلمة من معنى، كانت فرصة كبيرة وكان لا يجوز أن نفوّتها، بحيث يكون هذا القاضي الشريف إبن الشرفاء السيف القاطع لتحقيق العدالة في جريمة العصر، وكلّ تأخير أو تغيير لأيّ سبب في تعيين محقّق عدلي كان سيصبّ حتماً في تدويل التحقيق إذا لم نقل في تمييعه إخفاء للحقيقة.
الرئيس سامر يونس لك كلّ التقدير من رجال العدالة، والأصيلون هم الغالبون، وما الخلاص الوطني إلاّ باستقلال السلطة القضائية.
* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب.
“محكمة” – السبت في 2020/8/15