إسمع تفرح جرّب تحزن: لا ثقة/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
إتصل بي أحد الأصدقاء الذي تعود صداقتنا منذ تعرّفنا على بعضنا البعض من قبل أمين سرّ مجلس نقابة المحامين في بيروت المرحوم سعد الدين الحوت، والذي هو على صداقة مع عدد كبير من أركان الحكومة، بشيء من العتب لأنّني دائماً أكتب أنّني لم أعط الثقة للحكومة ولن أعطيها. وقال لي إنّ الحكومة تضمّ 12 دكتوراً في اختصاصات مختلفة، والوزراء يقومون بالجهود المكثّفة وبالعمل المتواصل، ومن المستحسن إعطاءهم الفرصة اللازمة.
فأجبته بأنّ هذا الكلام نسمعه كثيراً من قبل المدافعين عن الحكومة. ولكن:
1- هل الدكتوراه هي معيار الكفاءة والخبرة في الشأن العام؟ واستشهدت بكلام لسماحة المفتي الدكتور مالك الشعّار الذي يميّز بين العلم الذي هو معرفة كلّ شيء عن الشيء، والثقافة التي هي معرفة شيء عن كلّ شيء. فالدكتوراه لا تفيد في مثل هذه الحالة في العمل الحكومي، بل الخبرة والصبر والحكمة والنباهة في معالجة الأمور واستشراف المستقبل وليس العمل بالتجارب والتحسّس والتلمّس أيّ par tatonnement
2- لبنان يمرّ في مرحلة صعبة جدّاً جدّاً، وهو بحاجة لحكومة أقطاب من ذوي الخبرة العالية جدّاً. ولا يكفي في مثل هذه الحالة أن يكون المسؤول نزيهاً فقط في حين أنّ المدير العام وكبار الموظّفين يديرون الأمور وهو بعيد عنها تقنياً ومعلوماتياً. إذ صحيح أنّ التقنية تعود أساساً إلى المدير العام، ولكن يجب أن يكون الوزير ملمّاً بالأمور حتّى يكون هو أساس العمل.
يضاف إلى ذلك أنّ الامور لا تحلّ عن طريق الذهاب والمجيء والصعود والنزول والكاميرا تلاحق الخبر. هذه أمور قد تمرّ على الشريحة الكبرى من المواطنين، ولكنّها لا تمرّ علينا. وكما يقول المثل:”على الياس مش على ابو الياس”. فهي حركة بلا بركة. إذ ما النفع من القول بأنّ البعض يعمل عشرين ساعة ولكن من دون تقنية ومن دون بُعْد نظر واستشراف للأمور؟. وأين هي خططهم الاستراتيجية للعمل وبأيّ تكتيك يعملون؟ وأكرّر أنّ هذه الأمور قد تمرّ على مجموعة كبيرة جدّاً من الشعب اللبناني، وحتّى على غير الراضين عن الوضع، ولكنّها لا تمرّ على من ينظر إلى الأمور بعمق وبنباهة وبمنطق وبخبرة وخصوصاً الخبرة في مجال الشأن العام، حيث نرى المسؤول يشرح الأمور وهو يبتسم “ويدبل عيونه”، ويعطي المعنويات أحياناً على طريقة “إسمع تفرح.. جرّب تحزن”. وما أن ينتهي من كلامه حتّى نرى بأنّ شيئاً لم يتغيّر والأمور تسير نحو الأسوأ.
لهذه الأسباب فأنّا مقتنع أكثر من السابق بأنّ هذه الحكومة ولدت ميتة ويجب أن ترحل اليوم قبل الغد، وتصرف الأعمال إلى حين تأليف حكومة من ذوي الكفاءة والخبرة والاستشراف وبُعْد النظر والعلاقات المحلّية والدولية، دون أن ننسى الشفافية ونظافة الكفّ.
“محكمة”- الخميس في 2020/4/2