أبرز الأخبارمقالات

إقتراح قانون خاطئ: تجميد الموظّفين يعني تعطيل مرافق الدولة/علي الموسوي

المحامي المتدرّج علي الموسوي:
يعقد المجلس النيابي في 15 ايار 2025 جلسة تشريعية وعلى جدول أعمالها سلسلة اقتراحات قوانين من بينها اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى وضع الموظفين المدعى عليهم من النيابات العامة بقضايا فساد أو إهمال تتعلّق بوظيفتهم بمعرض ممارستهم لها، بتصرّف رئيسهم التسلسلي أو المرجع المختص بتعيينهم إلى حين صدور قرار بمنع المحاكمة عن قضاة التحقيق أو حكم أو قرار مبرم بالبراءة أو بعدم كفاية الدليل عن المحاكم المختصة.
وهذا الاقتراح مقدّم من النواب: ابراهيم منيمنة، فراس حمدان، بولا يعقوبيان، حليمة القعقور، نجا عون، ياسين ياسين.
وهذا الإقتراح مخالف لقرينة البراءة التي يتمتّع بها كلّ موظّف مدعى عليه، إذ يؤدي في حال صدوره إلى منعه من ممارسة مهامه ووظيفته فترة زمنية غير محددة باعتبار أنّ الملفّ بغضّ النظر عمّا فيه من معلومات ومعطيات، قد يتأخر كثيرًا لدى المرجعية القضائية المختصة سواء أكان قاضي التحقيق أو الهيئة الاتهامية أو محكمة الجنايات أو التمييز وربما القاضي المنفرد، وبالتالي يؤدّي توقيف الموظّف عن العمل مدة زمنية قد تطال سنوات وسنوات مما يعني القضاء عليه نهائيًا وجعله يمضي الوقت المتبقي لبلوغه سن التقاعد عاطلًا عن العمل وخصوصًا وأنّ النتيجة قد تكون البراءة فما الذي يعوض عليه كلّ ما مضى من عمره؟
ثمّ من قال إنّ ادعاءات النيابات العامة التي تشوبها الشبهة والظن، تكون عادة صحيحة وتنتهي لدى المحاكم بالنتيجة التي وضعتها في ادعائها؟ أليس هنالك ملفات انتهت بغير ما أرادت النيابات العامة وتتعلّق بموضوعات وجرائم مختلفة؟ وهناك شواهد كثيرة في هذا الخصوص موجودة في العداليات والمحاكم.
وكيف يقدّم هكذا اقتراح قانون غير مدروس؟ فما هي الجدوى منه؟ ألم تتوقّف الدوائر العقارية و”النافعة” على سبيل المثال لا الحصر، أكثر من سنة، وبالتالي توقّف ضخ المال الناجم عن الضرائب والرسوم التي يدفعها المواطنون في “العقارية مثلًا على الخزينة العامة؟ هل يخدم هذا الاقتراح مالية الدولة؟
وهذا الإقتراح يعني توقّف عدد من الإدارات والوزارات عن العمل فترة لا بأس بها وغير محددة أيضًا، إذ لا يمكن الإتيان بموظّفين للحلول مكان زملائهم المدعى عليهم وتسيير عجلة العمل بالوتيرة نفسها. كما أنّ باب التوظيف لدى الدولة متوقّف فمن أين يؤتى بموظّفين لتشغيل مرافق هامة في الدولة كالعقارية و”النافعة” ووزارة التربية؟ ألا يؤدّي تجميد هؤلاء الموظّفين بهذه الطريقة الشعبوية تحت شعار الإصلاح ومكافحة الفساد الذي يتطلع إليه كلّ اللبنانيين، إلى تعطيل العمل في مرافق تدرّ الأموال الطائلة على الخزينة العامة؟
يبدو أنّه اقتراح قانون ليس في مكانه القانوني السليم، أقلّه في المدى المنظور، ويفترض التفتيش عن أساليب أخرى للحفاظ على المالية العامة بما لا يفضي إلى تعطيل الدولة وشلل العمل فيها خصوصًا في مطلع عهد رئاسي جديد، مع الإبقاء على الإصلاح الإداري دائمًا وأبدًا للوصول إلى “الجمهورية الفاضلة”! لا بدّ من مكافحة الفساد ولكن بطريقة إصلاحية ناجعة أكثر من اقتراح قانون لا يَصْلح لقطع دابر الفساد بالطريقة المطروح فيها، ولا بدّ من التروي قليلًا قبل إقرار مثل هذا الإقتراح.
“محكمة” – الأربعاء في 2025/5/14

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!