إقرار موازنة 2018 بلا “نصاب قانوني” يوجب الطعن بعدم دستوريتها!
كتب جهاد اسماعيل :
لمّا كان إقرار قانون الموازنة العامة من مقتضيات السياسة المالية للدولة، ومن متمّمات واجبات البرلمان في معرض مراقبته للخطّة الإنمائية والاقتصادية والاجتماعية، فإنّ إضفاء الصبغة القانونية على نفقات وواردات الحكومة وتمويلها، وسريان المشروعية على الحسابات والقرارات والمعاملات المالية يتطلّب شروطاً يحدّدها الدستور، والمنطق القانوني في الحياة البرلمانية – الديمقراطية، سواء في الإطار الشكلي أو الإطار الموضوعي.
إلاّ أنّه، وبالإنتقال إلى المشهد السياسي اللبناني، فإنّ إقرار المجلس النيابي في الجلسة الأخيرة التي عقدها في يومي الأربعاء والخميس في 28 و29 آذار 2018، لموازنة 2018 قبل إنجاز قطع الحساب وتسوية العمليات المالية عن السنوات الماضية، لم يلغ وقوع الكارثة الدستورية على مستوى الشكل قبل المضمون وما ترتّب من مخالفات في المواد القانونية في متن النفقات والواردات، وذلك في السياق الآتي:
• عملاً بالمادة 34 من الدستور،لا يكون إجتماع المجلس قانونياً ما لم تحضره الأكثرية من الأعضاء الذين يؤلّفونه(65 نائباً) وتتخذ القرارات بغالبية الأصوات.
• عملاً بالمادة 55 من النظام الداخلي لمجلس النوّاب، لا تفتتح جلسة المجلس إلاّ بحضور الأغلبية من عدد أعضائه ولا يجوز التصويت إلاّ عند توافر النصاب في قاعة الإجتماع.
• عملاً بالقواعد الدستورية، من خلال ما يستفاد من المادة 19 والمادة 50 و 57 من الدستور اللبناني، فإنّ القوانين الصادرة عن البرلمان، والتي تشوبها مخالفات دستورية، توجب الطعن بها أمام المجلس الدستوري، أو ردّها من قبل رئيس الجمهورية إلى البرلمان من أجل إعادة النظر بها.
لذلك، فإنّ النصاب المطلوب خلال جلسة التصويت على مشروع قانونة الموازنة، هو نصاب النصف زائد واحد، أيّ بحضور 65 نائباً من أصل العدد القانوني للمجلس(128 نائباً)، بمعزل عن تغيّب أو وفاة عدد من النوّاب، وبالتالي لا يجوز عقد جلسة خاصة بالموازنة إذا لم تكن مكتملة النصاب، شأنها شأن القوانين الأخرى. وهذا ما لم يتوافر في جلسة أمس، أثناء مناقشة الموازنة، إذ جرى التصويت على الموازنة بالمناداة، فأيّد الموازنة 50 نائباً وامتنع 12 وعارضها 2، والنصاب 63 نائباً، وهو ما دون النصاب المطلوب، وتمريرها بذريعة أنّ عدد النواب الحالي 125 نائباً، في حين أنّ الدستور، على غرار سائر القواعد، كان واضحاً في هذا المجال، عندما لحظ عدد النوّاب الذين يؤلّفونه قانونياً(128 نائباً)، ما يفقد الطابع الدستوري للموازنة وملحقاتها، ويوجب، حكماً، الطعن بعدم دستوريتها من خلال 10 نوّاب، أو ردّها من قبل رئيس الجمهورية إلى البرلمان بسبب مخالفتها للدستور تبعاً للأسباب السالف ذكرها، علاوة على تعارض بعض بنودها مع المواد الدستورية، فهل سيفعلها رئيس الجمهورية ويردّ القانون إلى المجلس؟ أما أنّ صلاحية الردّ لا تمارس إلاّ عند الضرورات! بالتوازي مع التساؤل عن نيّة 10 نوّاب في التقدّم بمراجعة أمام المجلس الدستوري للطعن بها، وإثبات مدى تطابق الخطاب السياسي مع الواقع!
“محكمة” – الجمعة في 2018/03/30