إنتخابات محامي بيروت تنتظر قرار القضاء و”التيّار” يستبقه بـ”بيان تراجعي”!/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
أصدر قطاع المهن في التيّار الوطني الحرّ بياناً في غاية الأهمّية بشأن انتخابات العضوية في نقابة المحامين في بيروت والمقرّرة في 15 تشرين الثاني 2020 ما لم تطرأ مستجدات تطيحها وتؤجّلها إلى أجل آخر بسبب فيروس “كورونا”، وهو استبق قرار محكمة الاستئناف في بيروت الناظرة في القضايا النقابية برئاسة القاضي أيمن عويدات والذي يتوقّع ألا يكون إلاّ مشابهاً لقرارات سابقة صدرت بخصوص انتخابات نقابتي الأطباء والمهندسين بتأجيلها وإبقاء المجالس النقابية على حالها إلى وقت آخر.
وبعدما كان التيّار الوطني الحرّ من المؤيّدين لإجراء انتخابات المحامين في بيروت وله مرشّح لخوض السباق الإنتخابي، ها هو يعيد حساباته وينتقد من ينادي بإجرائها مطالباً بطريقة إلتفافية بتأجيلها، وهذا ما أشعل النقاش والحوار بين المحامين، خصوصاً وأنّ المرشّحين المستقلّين كانوا يتخوّفون من إجراء هذه الإنتخابات في موعدها معلنين في جلساتهم وحواراتهم الجانبية وفي الغرف المغلقة، “خسارتهم” قبل تاريخ 15 تشرين الثاني 2020، وذلك ليقينهم بأنّ المحامين المنضوين في صفوف الأحزاب هم الأكثر قدرة على الحضور إلى قصر عدل بيروت، والأكثر قدرة على التجيير والتجييش والمشاركة لتلبية الواجب الحزبي على الرغم من خطورة المشهد في ظلّ تفشّي “كورونا”.
بينما المحامون المستقلّون لا يملكون دافعاً “عقائدياً” وسياسياً يحثّهم على الإسراع للإقتراع، ولن يفرّط الواحد منهم بحياته وصحّته وسلامته من أجل محام تربطه به صداقة أو علاقة عمل، وإنْ كانت قلّة منهم قد تفعل هذا الواجب الأخلاقي والمهني حبّاً بالتغيير، ولكنّ عددهم مهما تعاظم، لا يقلب النتيجة ولا يغيّر واقعاً محسوماً باعتبار أنّ المستقلّ بحاجة ماسة دائماً إلى دعم حزبي لكي يفوز أو يعطيه كتلة تجييرية من الأصوات تخوّله تحقيق الفوز المنتظر.
الإنقلاب!
ولا شكّ أنّ ثورة 17 تشرين الأوّل 2019 أحدثت “إنقلاباً” في انتخابات نقابة محامي بيروت بعدما مكّنت المرشّح ملحم خلف من الوصول إلى سدّة مركز النقيب من دون المرور بالعضوية على غرار ما كان يُطلب من الآخرين أن يفعلوا، غير أنّ هذا الحراك وهذه الثورة كانت في أوجها عند حصول الانتخابات في تشرين الثاني 2019، والرأي العام، والمحامون جزء منه، مأخوذ بها إلى حدّ التأييد والمبايعة، ولم تكن صورتها النهائية واضحة للجميع، غير أنّ التطوّرات السياسية في لبنان خفّفت من هذا الوهج ولم يحصل التغيير المطلوب على المستوى السياسي والحكم والسلطة وبقيت القوى والأحزاب والتيّارات السياسية هي الأكثر إمساكاً بالشارع لأسباب مختلفة لا شكّ أنّ علّة الطائفية أحدها.
ومع أنّ التيّار الوطني الحرّ من الأحزاب السياسية الفاعلة والقويّة في نقابة المحامين في بيروت ولا سيّما بين العامين 2005 و2018، وهو لم يفرّط مرّة واحدة بأيّ دورة انتخابية للفوز بالعضوية باستثناء تراجعه في دورة تشرين الثاني 2019 خشية الخسارة وهو ما لا يتجانس وموقعه في السلطة السياسية والعهد الرئاسي عهده قبل أيّ أحد آخر، إلاّ أنّ السؤال البازر لدى المحامين بعد بيانه اليوم هل قراءته للإنتخابات والخشية من الخسارة دفعته إلى التحوّل من مؤيّد لإجرائها إلى رافض؟! وطبعاً فإنّ الجواب على هذا السؤال المشروع رهن الأيّام المقبلة.
إستغراب
واستغرب قطاع المهن في التيّار الوطني الحرّ في بيانه “الجدل القائم والمستمرّ في مجلس نقابة المحامين حول الانتخابات النقابية المزمع إجراؤها في النصف الأوّل من الشهر المقبل خلافاً لأحكام قانون تعليق المهل الصريحة والواضحة، وبعد صدور قرارين قضائيين بوقف انتخابات كلّ من نقابتي الأطباء والمهندسين، وكأنّ من أوكل إليه الدفاع عن القانون، يحاول الالتفاف على أحكامه تحت ستار الديمقراطية وشعار تداول السلطة. هذا عدا عن الوضع الصحّي الذي ينبئ بكارثة في ظلّ الانتشار الواسع لجائحة كورونا التي شكّلت السبب الرئيسي لصدور قانون تعليق المهل وتمديد العمل بأحكامه حتّى آخر العام الحالي.”
واعتبر قطاع المهن”نحن بلا شكّ أمام حفلة مزايدات لا تفرح قلب المحامين ولا تقيهم شرّ الكورونا ولا تعوّض عليهم خسائرهم مع تراجع الأعمال، وبغياب أيّ دور فعّال لنقابتهم على هذا الصعيد، وما إهمال موضوع التأمين الصحّي والتحقيق المالي إلاّ خير دليل على ذلك” مبدياً دهشته “أمام ما يحصل في نقابة المحامين، إذ إنّ الفريق الذي يطالب اليوم بالانتخابات في مجلس النقابة هو نفسه من يقدّم الإستحضار أمام محكمة الاستئناف النقابية لتطييرها.”
ولجأ قطاع المهن إلى ترداد الشعارات المعروفة من أنّ “نقابة المحامين كانت وستبقى مهد الديمقراطية وخطّ الدفاع الأوّل عن تطبيق القانون في وطن نريده دولة مؤسّسات”، ليسأل: “كيف للقيّمين على القانون أن يخالفوه؟ وكيف لمجلس نقابة المحامين أن يتجاهل أحكامه والأخطار الصحيّة المحدقة بالمحامين في حال إجراء الإنتخابات؟”
الغمز من عهد خلف
ووجد قطاع المهن في التيّار في التردّد النقابي بين إجراء الإنتخابات وتأجيلها فرصة للغمز من قناة السنة الأولى من عهد النقيب ملحم خلف الذي ركّز على بعض الشؤون ولم يسعفه الوقت في النظر بدقّة إلى أخرى، فقال:“إنّ دور النقابة يبدأ أوّلاً بالدفاع عن المحامين ومساعدتهم وحمايتهم إقتصادياً وصحّياً ولا ينتهي بالدفاع عن الموقوفين أو المساجين.” ولكم كان هذا الوضع المحكى عنه مدار نقاشات المحامين بين مؤيّد ومعارض.
وخُتم البيان بعبارة:”يستحقّ محامو لبنان ممارسات أفضل ودوراً أفعل عبر اقتراح القوانين وتصويبها. فإذا فسد ملح القانون في أمّ النقابات فبماذا يملّح؟”
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/10/20