إنقاص الضمانات وإلغاء التعويض وحقّ الملكية مخالفات تؤدي لإبطال قانون إيجارات الأماكن غير السكنية/ أديب زخور

المحامي أديب زخور:
لا يجوز التعديل أو الإلغاء في قوانين لاحقة كما في قانون الايجارات غير السكنية 2025/1، وهو استثنائي، فالنصوص النافذة السابقة والضامنة لهذه الحقوق الاساسية في حق الملكية والتعويض عند استرداد املاك خاصة، وشرط المنفعة العامة استناداً الى المادة 15 من الدستور وللقانون 67/11 وهو قانون اساسي ووضعي، وبالتالي لا يمكن المبالغة في زيادات تصل الى 8% من القيمة البيعية للمأجور، ولا الغاء التعويضات، أو إنقاص الضمانات المعطاة بقانون خاص لمستأجري الاماكن غير السكنية المكرّسة بالقانون 67/11.
يراجع بهذا الخصوص قرار المجلس الدستوري رقم 99/1 تاريخ 1999/11/23:” وبما أنه عندما يسنّ المشترع قانوناً يتناول الحقوق والحريات الأساسية فلا يسعه أن يعدّل أو يلغي النصوص النافذة الضامنة لهذه لهذه الحريات والحقوق دون أن يحلّ محلها نصوصاً أكثر ضمانة أو تعادلها على الأقل فاعلية وضمانة، وبالتالي فإنه لا يجوز للمشترع أن يضعف من الضمانات التي أقرها بموجب قوانين سابقة لجهة حق أو حرية اساسية سواء عن طريق إلغاء هذه الضمانات دون التعويض عنها أو بإحلال ضمانات محلها أقل قوة وفاعلية”.
ولا يمكن الغاء الملكية الخاصة ووضع حد لها بمرور مهلة سنتين أو أربع كما جاء في المادة 3 وما يليها من قانون الايجارات غير السكنيىة 2025/1، ولا يمكن لقانون الايجارات وهو قانون إستثنائي أن يلغي الضمانات المعطاة للتجار وأصحاب المهن وضمن انتقالها الى ورثتهم كونها استثمارات بملايين وآلاف الدولارات، فمنهم من باع اراض لشراء المؤسسات والمكاتب والمحلات، ومنهم من خرجت بنصيبه نتيجة القسمة الارثية مقابل شرائها او مقابل بيع عقارات، ومنهم من اشتراها بالمزاد العلني بأكثر من ثمنها، ومنهم من وضع كل جنى عمره في هذه المؤسسات، فلا يمكن نزع الحماية المعطاة في القانون 67/11 ولا تقليص هذه الضمات وبترها لوضع اليد على املاك خاصة المؤسسات بملايين الدولارات تحت ستار قانون الايجارات، وتعتبر سرقة العصر.
يراجع قرار المجلس الدستوري رقم 2000/5 تاريخ 2000/6/27: “وبما انه اذا كان يعود للمشرع أن يلغي قانوناً نافذاً أو أن يعدل في أحكام هذا القانون دون أن يشكل ذلك مخالفة للدستور، أو أن يقع هذا العمل تحت رقابة المجلس الدستوري، إلا أن الأمر يختلف عندما يمس ذلك حرية أو حقاً من الحقوق ذات القيمة الدستورية (قرار المجلس الدستوري رقم 2000/1 تاريخ 2000/2/1). وبما أنه عندما يسنّ المشترع قانوناً يتناول الحقوق والحريات الأساسية فلا يسعه أن يعدّل أو يلغي النصوص النافذة الضامنة لهذه الحريات والحقوق دون أن يحلّ محلها نصوصاً أكثر ضمانة أو تعادلها على الأقل فاعلية وضمانة، وبالتالي فإنه لا يجوز للمشترع أن يضعف من الضمانات التي أقرها بموجب قوانين سابقة لجهة حق أو حرية اساسية سواء عن طريق إلغاء هذه الضمانات دون التعويض عنها أو بإحلال ضمانات محلها أقل قوة وفاعلية. (قرار المجلس الدستوري رقم 99/1 تاريخ 1999/11/23).
ونرى ان شركة “سوليدير” على سبيل المثال عند وضع اليد على الممتلكات في الوسط التجاري، إحترمت قانون المؤسسة التجارية وعوّضت على اصحاب المؤسسات والمهن الحرة والحرفية استناداً الى القانون 67/11 وللالتزامات والاتفاقات الرضائية الحاصلة مع التجار واصحاب المهن والحرف، وهذا حق طبيعي ووضعي كفله الدستور ايضاً في المادة 15 منه، والاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهدان الدوليان والاتفاقات الدولية.
وبالتالي، فإنّ قانون الايجارات غير السكنية بكافة مواده خالف القانون 67/11 الاساسي بأن أضعف ومنع التنازل عن المؤسسة وانهاها، تمهيداً لاقفال المؤسسة عملياً وانهائها بموقعها وحق الايجار المرتبط بها والتي ارتبط بها زبائنه وسمعته، وبالمقابل لا يتمنع اصحاب المؤسسات عن فرض اية زيادات قانونية ودستورية، وان رقابة المجلس الدستوري وان كانت لا تطال الارقام والزيادات، الا انها تتدخل للتقدير في ما اذا كانت تشكل غطاء لوضع اليد على الملكية بطريقة غير قانونية وتعسفية لضرب حق الملكية المنصوص عليه في المادة 15 من الدستور.
بخاصة ان المشرع فرض زيادات 16% على المستأجرين الطبيعيين او المعنويين كما جاء في المادة 12 من قانون الايجارات حيث تضاعف البدلات اذا كانت ايراداتهم تفوق 10 اضعاف بدل المثل الذي يشغلونه، ومن ضمنها الدولة المستأجرة مئات المدارس والجامعات والمخافر والبلديات والوزارات والمؤسسات العامة والفصائل، مما يجعلها في حالة عجز عن الدفع، وتشكّل ضريبة وفرض مبالغ مالية غير مستحقة، بحيث يمكن شراء المباني المستأجرة في هذه الزيادات التي فرضت عليهم على اربع سنوات، وتضرب حماية الملكية الشخصية للمؤسسات المنصوص عليها في المادة 15 من الدستور وتعرقل استمرارية المرافق العامة وهو مبدأ ذو قيمة دستورية، ويعرض الدولة والمجتمع الاقتصادي الى الانهيار ويتوجب ابطال القانون برمته وارجاعه الى المجلس النيابي لاعادة دراسته برمته من جديد، وتحديد زيادات تتناسب مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي والامني للبلاد بعد الانهيار المالي للعملة وحجز اموال المودعين في المصارف.
“محكمة” – الاربعاء في 2025/4/16