أبحاث ودراسات
استئناف القرارات الصادرة عن لجنة ادارة صندوق التقاعد في نقابة المحامين(الحلقة التاسعة)/ناضر كسبار
ناضر كسبار(نقيب المحامين سابقًا):
تاسعاً: استئناف القرارات الصادرة عن لجنة ادارة صندوق التقاعد في نقابة المحامين في بيروت.
تنص المادة الثالثة من القانون المتعلق بصندوق التقاعد، على ان ادارة صندوق اللجنة مؤلفة من النقيب رئيساً، ومن خمسة اعضاء دائمين من النقباء السابقين وفقاً للأقدمية. ومن خمسة اعضاء تنتخبهم الجمعية العامة لمدة ثلاث سنوات.
وتخضع قرارات لجنة إدارة الصندوق للاستئناف امام محكمة الاستئناف في بيروت الناظرة في الدعاوى والقضايا النقابية والمؤلفة من رئيس ومستشارين. وينضم اليها في هذه الحالة عضوان من لجنة إدارة صندوق التقاعد.
وفي قرار صادر عن المحكمة بتاريخ 2014/12/4، بحثت نقاطاً اساسية ودقيقة تتعلق بشروط التقاعد ومفهوم الممارسة الفعلية لمهنة المحاماة.
وبالفعل، أعتبرت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت – الغرفة الحادية عشرة الناظرة في استئناف القضايا النقابية والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري وعضوي لجنة ادارة صندوق تقاعد المحامين في بيروت الاستاذين سعد رنو وعلي فواز ان النص اشترط بلوغ طالب الاحالة على التقاعد سن الستين والقيد في جدول النقابة مدة ثلاثين سنة، بحيث لا محل للقول بوجود شرط ثالث يتعلق بمزاولة المهنة، اذ ان القيد في الجدول العام للمحامين يفيد حتماً ممارسة مهنة المحاماة ولا يمكن خلق شرط اضافي لم ينص عليه القانون خارج اطار المادة 13 من قانون انشاء صندوق تقاعد المحامين، لاسيما وان الاشارة الى الانقطاع عن ممارسة المهنة تمت الاشارة اليه في المادة 9 من قانون انشاء صندوق التقاعد فقط لجهة المهل المحددة في المادة المشار اليها وليس كشرط لاستحقاق المرتب التقاعدي.
وقضت بفسخ القرار المستأنف والحكم بقبول طلب إحالة المحامي على التقاعد.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2014/12/4
ثانياً: في الاساس
حيث ان المستأنف يطلب فسخ القرار المستأنف المنتهي الى رد طلبه الرامي الى احالته الى التقاعد لمخالفته القانون وتشويه المستندات، مدلياً بتحقق شروط استفادته من تقديمات صندوق تقاعد المحامين ان لناحية سنه او لناحية مزاولته مهنة المحاماة لاكثر من ثلاثين عاماً، في حين يطلب المستأنف عليه رد الاستئناف لعدم ثبوت توفر الشروط المذكورة.
وحيث ان البند الاول من المادة 9 من قانون صندوقي تقاعد للمحامين في بيروت وطرابلس رقم 1988/62 نص على انه يستفيد من المرتب التقاعدي كل محام لبناني بلغ الستين من عمره ومضى على قيده في جدول النقابة التابع لها مدة ثلاثين سنة شرط ان يطلب احالته على التقاعد وتدخل مدة التدرج في حساب مدة المزاولة لغاية ثلاث سنوات على الاكثر.
وحيث ان الغاية الاساسية من اقرار القانون رقم 1988/62 هي وفق العنوان المعطى له، انشاء صندوق تقاعدي لدى كل من نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، بحيث ان هذه الغاية ترتكز على فكرة منح المحامي الذي يرغب بالتقاعد لاسباب محددة منحة مادية تعينه على تلبية الامور الاساسية في حياته، وبالتالي فإنّه تبعاً لغاية القانون فإنّ الاصل هو الاباحة بمعنى منح المرتب التقاعدي والاستثناء هو المنع من المنحة.
وحيث من جهة اولى، فإنّ النص اشترط بلوغ طالب الاحالة على التقاعد سن الستين والقيد في جدول النقابة مدة ثلاثين سنة، بحيث لا محل للقول بوجود شرط ثالث يتعلق بمزاولة المهنة، اذ ان القيد في الجدول العام للمحامين يفيد حتماً ممارسة مهنة المحاماة ولا يمكن خلق شرط اضافي لم ينص عليه القانون خارج اطار المادة 13 من قانون انشاء صندوق تقاعد المحامين، لاسيما وان الاشارة الى الانقطاع عن ممارسة المهنة تمت الاشارة اليه في المادة 9 من قانون انشاء صندوق التقاعد فقط لجهة المهل المحددة في المادة المشار اليها وليس كشرط لاستحقاق المرتب التقاعدي.
وحيث من جهة ثانية وعلى فرض انه يقتضي تحقق شرط الممارسة الفعلية لمهنة المحاماة بحيث لا يكفي قيد المحامي في الجدول وحده، كما لا يكفي مجرد تسديده للرسوم المتوجبة، غير انه وفي المقابل لا يجوز اعتبار ممارسة المهنة فعلية فقط اذا تمت من خلال مكتب خاص للمحامي، لأنّ هذا الامر يؤدي الى حصر الحق بالمرتب التقاعدي بالمحامين اصحاب المكاتب دون المحامين الذين يعاونونهم في المكتب، كما انه لا يجوز ربط جدية المزاولة بنوعية معينة من الدعاوى والاعمال، لأنّ عمل المحامي لا يقتصر على اعطاء الاستشارات او تنظيم العقود الكبرى انما يتعداه الى حضور الجلسات واجراء الابحاث والقيام بالمراجعات لمتابعة الدعاوى، كذلك فإنه لا يجوز ربط جدية الممارسة بحجم الاعمال واشتراط ان تتم الاعمال بشكل متواصل وعلى نفس الوتيرة مدة ثلاثين عاماً لان مهنة المحاماة مهنة حرة تتأثر بظروف عديدة منها الاوضاع الاقتصادية وتزايد عدد المحامين وكثرة المنافسة في ما بينهم.
وحيث إنّه تبعاً لذلك، فإنّ عدم الممارسة الفعلية لمهنة المحاماة الذي يحول دون منح المرتب التقاعدي يتحقق حين ينقطع المحامي تماماً عن مزاولة اي عمل قانوني او حين يمارس نشاطاً آخر اساسياً يؤمن له لقمة العيش بحيث تكون الاعمال القانونية التي يقوم بها ثانوية وعرضية.
وحيث انه بالعودة الى المستندات المبرزة في الملف الراهن يتبين ما يلي:
– ان المستأنف قد ولد في العام 1939
– انه بتاريخ 1972/9/28 انتسب المستأنف الى نقابة المحامين في بيروت وقيد محامياً متدرجاً
– انه بتاريخ 1980/11/6 نقل قيده الى الجدول العام ولا يزال وفق الافادة الصادرة عن نقابة المحامين في بيروت في 2013/7/3
– ان المستأنف سدد جميع الرسوم المترتبة عليه لصندوق النقابة ولصندوق التقاعد ضمن المهلة القانونية وذلك لغاية العام 2010 ضمناً (الامر الذي لم ينازع فيه المستأنف عليه) ودون ان تعارض او تنازع اجهزة النقابة في انتسابه لها على مر السنين الطويلة المشار اليها
– انه وفق ما افاد المستأنف بواسطة وكيله المحامي ص. في لائحة 2014/3/17، فإنه انضم الى مكتب هذا الاخير بتاريخ 1994/5/11 ولغاية العام 2004، ومارس المهنة من خلال المكتب المذكور، وقد نظم له الاستاذ ص. وكالة عن زبائن مكتبه وذلك بتاريخ 1994/5/11.
– انه وفقاً للقيود المدونة في مفكرته العائدة للعام 1994 ووفق المحاضر العائدة لبعض الدعاوى العالقة في تلك السنة، يتبين انه كان يتابع بعض الدعاوى العالقة في حينها بوكالته عن المحامي ص. ويحضر جلساتها
– انه في الفترة الممتدة بين العامين 1999 و2009 قام المستأنف بعدد من الاعمال القانونية مثال ذلك تنظيم وصية للسيد م. في العام 1999 وتنظيم عقد صيانة في العام 2001 واعداد شكوى مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي امام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان في العام 2006 كما انه اعطى الاستشارات القانونية احداها بخصوص طلب رفع حجز عقاري في العام 2000 واخرى بخصوص طلب حصر ارث في العام 2004 وسواها من الاعمال.
وحيث يستفاد من ذلك ان المستأنف قد قام على مر السنين بأعمال عديدة مرتبطة
بمهنة المحاماة وذلك إما بصورة شخصية، وإما من خلال مكتب محاماة، فيما لم يثبت انه انقطع كلياً عن ممارسة تلك الاعمال لاسيما في الفترة اللاحقة لقيده على الجدول، علماً ان هذه الفترة قد تزامنت مع الاحداث اللبنانية التي ادت بشكل عام الى شل نشاط المحاكم واعمال المحامين، كل هذه الامور تدل على ان المستأنف قام، وان على نطاق بسيط، بمزاولة مهنة المحاماة لمدة ثلاثين عاماً.
وحيث يقتضي تبعاً لما تقدم، اعتبار شرطي البند الاول من المادة 9 من قانون إنشاء صندوقي تقاعد للمحامين في بيروت وطرابلس رقم 1988/62 متحققين ورد كافة ما ادلى به المستأنف عليه لهذه الجهة.
وحيث على هدي ما تقدم، يقتضي فسخ القرار المستأنف والحكم مجدداً بقبول طلب احالة المستأنف على التقاعد واستفادته من مرتب التقاعد وفقا للمادة المذكورة اعلاه.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة مستوجية الرد إما لكونها لاقت رداً ضمنياً او لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئناف شكلاً
2- قبول الاستئناف اساساً، وفسخ القرار المستأنف والحكم مجدداً بقبول طلب إحالة المستأنف المحامي ن. على التقاعد واستفادته من مرتب التقاعد وفقاً للبند الاول من المادة 9 من القانون 1988/62.
3- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة
4- إعادة التأمين الاستئنافي، وتضمين المستأنف بوجهه الرسوم والنفقات القانونية.
قراراً صدر وافهم علناً في بيروت بتاريخ 2014/12/4
“محكمة” – الثلاثاء في 2024/3/26