استفق أيّها الشعب/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
في بلد مثل لبنان، حيث تكثر فيه الأحزاب والجمعيات والنوادي، يسهل فيه الوصول من قبل مسؤوليهم لتولّي أعلى المناصب والمراكز. في حين أنّ كبار المفكّرين يقبعون في مكاتبهم ومنازلهم ولا أحد يسمع آراءهم وأفكارهم ومشاريعهم.
وإذا عدنا إلى لائحة الأحزاب والجمعيات – وخصوصاً الخيرية – والنوادي نلاحظ أنّها بالمئات. يوم كان الدكتور جميل نعمة مديراً عاماً للامن العام، زاره النائب أوغست باخوس، مستنكراً عدم إعطاء رخصة جمعية خيرية، وشارحاً له أنّ رجل الأعمال الكبير، المساهم في بنك الاعتمار المصرفي المرحوم بول كبه، قرّر إنشاء جمعية خيرية على اسم المرحومة والدته حسب وصيتها، إلاّ أنّ الرخصة متوقّفة في الأمن العام. والمرحوم بول هو خال المحامية غريس عرب زوجة المحامي قيصر أوغست باخوس. فأجابه المدير العام الدكتور جميل نعمة:”أستاذ أوغست نحن نتشدّد في إعطاء الرخص للجمعيات الخيرية لأنّ العديد منها تهدف إلى جميع الأموال وعدم القيام بأيّ عمل خيري. أنظر إلى اسم هذه الشخصية فهي عضو في عشر جمعيات خيرية”. وطبعاً وبعد شرح الهدف من إنشاء الجمعية وقع الدكتور نعمة على قرار إنشائها. والمشكلة في مثل هذه التجمّعات أنّها تفرض أشخاصاً بعضهم لا كفاءة لديهم ولا خبرة. فيتولّون المناصب والمراكز في بعض المؤسّسات والوزارات، ويدخلونها في الفراغ، وإذا انتقدت تصرّفاتهم تبدأ الأبواق المدافعة عن غير معرفة أو عن غير حقّ، وعلى طريقة عنزة ولو طارت. هذا عدا عن جني الثروات الطائلة والسرقة بالجملة وتوزيع المغانم بالمفرّق. ألم يكتب غسّان كنفاني يوماً:
“يسرقون رغيفك.. ثمّ يعطونك منه كسرة… ثمّ يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم..يا لوقاحتهم”.
أليس هذا ما يحصل عندنا في لبنان، والرأي العام يهلّل للمسؤول غير الكفوء أو الذي يسمعه الكلام المعسول على طريقة إسمع تفرح جرب تحزن؟
ألم يقل الكائب والمفكّر سعيد تقي الدين يوماً: “الرأي العام هذا البغل الكبير… يصعب عليك جرّ هذا البغل الكبير إلى حظيرة الصواب… ولكن إيّاك أن يجرّك بغل فقط لأنّه كبير”.
إستفق أيّها الشعب، وتبيّن الصحّ من الخطأ.
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/3/24