الإتجار وترويج المخدّرات في القانون اللبناني/القاضي محمّد مازح
بقلم القاضي محمّد ابراهيم مازح:
نصّت مواد قانون المخدّرات على تجريم من يتاجر بالمخدّرات ومن يروّجها، وحتماً ثمّة فرق جوهري بين الإتجار بالمخدّرات وبين ترويجها، ومعيار التمييز بينهما يكمن في النيّة الجرمية وفي الدافع.
فالنيّة الجرمية لدى التاجر هي إرادة ارتكاب جرم الإتجار، والدافع في الغالب الربح المادي. بينما النيّة الجرمية لدى المروّج هي إرادة ارتكاب الترويج، والدافع قد لا يكون الربح المادي، بل قد يكون لأسباب أخرى عديدة أحدها أن تروّج المخدّرات بهدف إضعاف مجتمع ما، في دولة ما، وتقوم بهذا الفعل دول عبر أجهزة مخابرات للكيد لدولة أخرى.
من هنا، يتبيّن أنّ ترويج المخدّرات، هو عمل قصدي تتوقّف الإدانة به على توافر النية الجرمية، لأنّ المبدأ في قوانين العقوبات أنّه لا إدانة في الجرائم القصدية، ما لم تتوافر النيّة الجرمية.
وفي حال ادعي على شخص بجرم ترويج المخدّرات، فيجب أن تتحرّى المحكمة عن النيّة الجرمية لديه، فإذا ثبت عدم توافر نيّة ترويج المخدّرات لديه، كمن يقوم على سبيل المجاملة بتضييف صديقه كمّية ضئيلة جدّاً من المخدّرات كما هو شائع في مجتمعنا، فلا يمكن القول إنّ هذا الشخص اتجهت نيّته لترويج المخدّرات، ومن الظلم إدانته بجناية ترويج المخدّرات، ولكن أيضاً، لا يمكن في الوقت عينه تركه يفلت من العقاب لردعه، ولمنع انتشار آفة المخدّرات.
من هنا، ينبغي تعديل قانون المخدّرات في ما يتعلّق بجرم ترويج المخدّرات بحيث تتحرّى المحاكم عن الدافع لدى من يدعى عليه بجرم الترويج، فإذا ثبتت لديه نيّة الترويج يدان بجناية الترويج، وإذا انتفت نيّة الترويج يدان بجنحة المساهمة في انتشار المخدّرات.
“محكمة” – الجمعة في 2018/01/26