الإحتكار بين تحديد المفهوم وطرق المعالجة/فاديا بيضون
الدكتورة فاديا بيضون:
نعاني اليوم من تنوّع الجرائم الإقتصادية وفاعليتها على المستوى الإجتماعي والإقتصادي والسياسي ما أدّى إلى تدهور القطاعات وفشلها في مواجهة هذه الجرائم. وهنا كان لا بدّ من تسليط الضوء على هذا النوع من الجرائم وأهمّها جريمة الإحتكار التي دفعت بالعديد من المجتمعات إلى الإنهيار الإقتصادي والإفلاس التام حتّى عن المواجهة والصمود في وجه جشع التجّار وطمعهم في تحقيق أرباح طائلة وأرقام خيالية راح ضحيتها المواطن الذي لم يعد يجد ما يعينه على تأمين قوت يومه، والدولة عاجزة عن مساعدته.
سنتناول في بحثنا عدّة نقاط تعالج الجريمة الاقتصادية ومن ضمنها الإحتكار نذكرها كالتالي:
المبحث الأوّل: مفهوم الجريمة الإقتصادي.
المبحث الثاني: مفهوم الإحتكار بين القانون والشرع.
المبحث الثالث: ميزات الإحتكار وعيوبه.
المبحث الرابع: أسباب انتشار الإحتكار وآثاره على المجتمع.
المبحث الخامس: العقوبات المفروضة على الإحتكار.
المبحث السادس: طرق مكافحة الإحتكار.
الخاتمة.
المبحث الأوّل: مفهوم الجريمة الإقتصادية:
الجريمة الإقتصادية هي كلّ تصرّف أو سلوك مادي يقع بالمخالفة للتشريعات والقوانين الإقتصادية التي من شأنها تنظيم مختلف النشاطات الإقتصادية أو المعبّرة عن السياسة الإقتصادية للدولة أو يهدّد المصلحة الإقتصادية بالخطر أو الأذى، ولكن للأسف الشديد أنّ الثورة في النشاط الإقتصادي التي حدثت خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين بقدر ما قدّمت للإنسان من إيجابيات بقدر ما أفرزت من سلبيات تجاوزت حدود الفرد لتمسّ كيان الدولة والمجتمع، فالنشاط الفردي لم يعد نشاطاً فردياً وإنّما أصبح في معظمه محصور بتصرّف مجموعات ومؤسّسات إقتصادية ضخمة تجمع بين يديها المال والفنّ والتقنيات ويتجاوز قدراتهم الحدود السياسية والإجتماعية والجغرافيا وتملك السلطة “الثروة والإنسان”.
لقد قاد هذا الوضع إلى اضطرابات سياسية واجتماعية خطيرة في عدد كبير من دول العالم. فالجميع يعلم بالإضطراب الذي يحدثه الإخلال بأسعار النفط والغذاء الضروري لحياة البشر واللاعب بالنقد عن طريق المضاربة غير المشروعة والتلاعب بأسعار الأسهم في الأسواق المالية والدولة.
يضاف إلى هذا كلّه، المؤسّسات الإقتصادية الكبرى والمتعدّدة الجنسيات التي تدخل في صفقات تجارية مشبوهة والتي تدفع ملايين الدولارات كرشاوى وعمولات غير مشروعة إلى مسؤولين في الدول الغنية والنامية على حدّ سواء، والمافيا المسيطرة على أغلب المؤسّسات الإقتصادية في العالم تتحكّم في الاقتصاد المحلّي والعالمي وتتاجر في المخدّرات والبضائع المهرّبة وتزوير العملات وغسيل الأموال والغشّ الجمركي، وكلّها صور من الجرائم الإقتصادية المتفشّية.
ولا بدّ من مسايرة لكلّ التطوّرات والتغيّرات وما ينتج عنها من مستجدّات. وكي تتحقّق المسايرة السليمة والعائلة ولمواجهة تحدّيات هذه المتغيّرات وصعوباتها، لا بدّ من إيلائها كامل الإهتمام والرعاية عن طريق فهمها وتشخيصها أوّلًا ثمّ البحث عن عواملها ثانيًا، وبالتالي اقتراح الحلول والوسائل الكفيلة بمعالجة ما هو ضار منها بحياة المجتمع ومن كلّ النواحي، واستخدام كلّ التجارب والأساليب بما في ذلك العقوبة وبما يجعل الحلول جذرية وناجحة.
ذلك ما جعل البحث حول تفسير ظاهرة الجريمة وتشخيص دافعها يشغل بال المفكّرين والمهتمين بالمشكلة الإجرامية على مرّ العصور والأزمان في كلّ المجتمعات. وقد تفرّعت محاولات تفسير السلوك الإجرامي وتنوّعت المدارس، ونشأت نظريات عديدة، كما توفرت أبحاث علمية كثيرة جدًّا كان لها التأثير البالغ في التشريعات القضائية في مختلف بلدان العالم حيث إنّ الجريمة هي ظاهرة اجتماعية ضارة ومنبوذة كونها تمسّ بمصالح شخصية واقتصادية وسياسية ما يهدّد ليس فقط أمن الفرد، بل أمن المجتمع والدولة أيضًا.
المبحث الثاني: مفهوم الإحتكار بين القانون والشرع:
بعدما تناولنا الجرائم الاقتصادية بشكل عام، سنخصّص هذا المبحث لأحد أنواع هذه الجرائم لما له من أهمّية على قوت المواطن واقتصاد الدولة.
نبدأ بالتشريع الإسلامي حيث أطلق القرآن الكريم وصف الباطل على كلّ أنواع الجرائم الاقتصادية بما فيها الإحتكار حيث ورد في سورة البقرة الآية ١٨٨ قوله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكّام لتأكلوا فريقًا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون).
كما حرّم الإحتكار أيضًا بالعديد من الأحاديث النبوية: (من افتكر طعامًا أربعين يومًا يريد به الغلاء، فقد برئ من ذمّة الله وبرء الله منه).
وأيضًا(من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغلي عليهم كان حقًّا على الله أن يقذفه في معظم جهنم رأسه أسفل).
أما في القانون، فإنّ الاحتكار يعني وجود مؤسّسة أو شركة أو شخص يتحكّم في إنتاج نوع معيّن من أنواع السلع أو صناعة نوع معيّن من المنتجات على أن يكون هذا المنتج أو هذه السلعة غير مسموح لأيّ كان بتصنيعها أو تقليدها. هنا نكون أمام الاحتكار.
وعادة ما يقوم التجار باحتكار السلع التي لا تتشابه مع غيرها ولا يوجد مثلها في السوق التجاري.
كما حدّدت المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 38/37 مفهوم الاحتكار كالتالي: “كل اتفاق أو تكتّل يرمي للحدّ من المنافسة في إنتاج السلع أو مشتراها أو استيرادها أو تصريفها في لبنان ويكون من شأنه الحيلولة دون تخفيض أثمانها أو تسهيل ارتفاع تلك الأثمان ارتفاعًا مصطنعًا. كل اتفاق أو تكتّل يتناول الخدمات قصد رفع مقابلها للغاية نفسها، أو كلّ عمل يرمي للسيّارة على السوق بتجميع المواد او المنتجات قصد رفع قيمتها لاجتناء ربح لا يكون نتيجة طبيعية للأمور، العرض والطلب.
يمكن القول إنّ الاحتكار هو سيطرة فئة معيّنة على منتج لا بديل له في الأسواق بحيث تستطيع هذه الفئة التلاعب بأسعار المنتج دون أيّ رقيب كونها المحتكرة الوحيدة له ما يسبّب غلاء فاحشًا وأسعارًا خيالية لهذا المنتج ما يدفع المواطن المضطرّ لاستخدامه لشرائه مهما بلغت قيمته.
وبجانب الاحتكار هناك أيضًا، استغلال حاجة الناس لهذا المنتج وتغريمهم بأسعار طائلة للحصول عليه.
المبحث الثالث: ميزات الاحتكار وعيوبه:
للوهلة الأولى قد يستغرب البعض كيف يمكن للاحتكار ان يكون لديه ميزات، إلّا أنّه بالواقع هناك جوانب حسنة للاحتكار مفيدة للمجتمع من بعض النواحي وهي:
1. تحديد الاسعار لمنتج أو لعدد من المنتجات يكون تحت سيطرة شخص واحد أو مؤسّسة واحدة ما يمنع تعديل الأسعار إلّا بموافقة.
2. عرض الكمّية المطلوبة في السوق تكون بقرار من المحتكر.
3. المحتكر هو الذي يتحكّم ويتصرّف بالسعر دون منافس.
4. فرض التغييرات التي ترفع من قيمة السلعة لا يمكن أن تحدّ من الطلب عليها.
5. إرغام الشخص المحتاج للسلعة إلى شرائها مهما بلغ سعرها لعدم قدرته على التخلّي عن استخدامها.
6. وجود معايير إنتاج موحّدة.
7. حجم السوق بحيث إنّ السوق لا يحتمل أكثر من منتج واحد.
8. إنتاج سلعة معيّنة غير متوفّرة في السوق.
9. إدخال الابتكارية التكنولوجية لتحسين عمليات الإنتاج.
10. القدرة على إجراء البحث والتطوير من أجل تحسين جودة المنتج والبحث عن منتجات بديلة.
من أبرز العيوب التي تطال الإحتكار والتي تؤثّر بشكل مباشر على الفرد والمجتمع هي:
1. يؤدّي الإحتكار إلى ضعف المنافسة وانعدام وجود حافز مع عدم الاهتمام بجودة المنتج المقدّم أو الخدمة.
2. إرتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه.
3. يؤثر بالسلب على التضخّم.
4. ضعف أداء القطاع الذي يعمل به المحتكر.
5. زيادة ثروة المحتكر.
6. ضعف دور الجهات الرقابية والمساعدة في انتشار الفساد الإداري والرشاوى.
7. تكاليف إنتاج باهظة الثمن.
8. جودة متواضعة للسلع بسعر مرتفع.
9. عدم كفاية الإنتاج بفرض إحداث عجز مصطنع ورفع سعره.
10. عدم رغبة الشركة في تحسين منتجها بسبب عدم المنافسة.
المبحث الرابع : أسباب انتشار الاحتكار وآثاره على المجتمع:
تختلف أسباب انتشار الاحتكار في الدولة بحسب نظام الحكم فيها.
ففي الدول التي تعتمد النظام الاشتراكي، تكون مجالات الاحتكار ضيّقة جدًّا لأنّ الدولة الاشتراكية تضع يدها على أغلبية الأنشطة والمشاريع الحيوية، كما أنّها تضع سياسة صارمة للأسعار، ولمنع التحكّم بها إلى حدّ القول إنّ الدولة الاشتراكية هي المحتكر الأوّل لهذه المشاريع.
أمّا في الدول التي تعتمد النظام الرأسمالي القائم على الحرّية الفردية، فيكون للتجار الحرّية المطلقة في تحديد الأسعار للبضائع العائدة لهم وحرّية المنافسة المبنية على المبادرة الفردية ضمن بعض الحدود القليلة التي تفرضها القوانين ممّا يسمح بتوسيع مجالات الاحتكار.
فاليوم، الاحتكار لم يعد مثل السابق معتمدًا على فرد أو أفراد محدّدين بقصد تحقيق الربح، بل اتخذ شكل اتفاقيات ضخمة بين شركات كبرى وأقطاب التجارة في العالم مع دخول أهداف أخرى للإحتكار غير تحقيق الأرباح الطائلة، بل تحقيق السيطرة على الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلاد، وأبرز هذه الشؤون البترولية والتكنولوجية والبيولوجية.
ولم يقتصر ظهور الشركات العملاقة في كافة المجالات الاقتصادية والإمكانيات الهائلة المادية والتقنية التي تتمتّع بها على فرض سيارتها داخل البلد الواحد، بل امتدت إلى خارج الدول التي نشأت فيها عن طريق الشركات متعدّدة الجنسية أو العابرة للقارات، وظهور أيضًا الكتل الاقتصادية الكبرى في عصر العولمة الذي يدعو بدوره إلى إزالة الحواجز بين القارات، ما أدّى إلى ظهور آثار خطيرة على المجتمعات نذكر منها:
• اللجوء إلى الإجرام الاقتصادي لأنّه من أبرز المجالات التي تساعد على تحقيق أرباح خيالية بالنسبة للأنشطة الإجرامية.
• إمكانية استخدام الأعمال التجارية كواجهة لممارسة الأعمال الإجرامية غير المشروعة بواسطة تلك الكيانات.
• يساعد الإحتكار على توفير منفذ مشروع للعائدات المتحصلة عن الجرائم بواجهة مشروعة ويسهم في غسيل الأموال المتحصّلة عنها.
• الإستفادة من ضعف الإمكانات العلمية وضآلة المعلومات المتاحة لأجهزة المكافحة وقلّة عناصرها الفنّية المدرّبة في هذا المجال.
• استغلال العديد من الاقتصاديات الوطنية الساعية إلى الإستثمار وإمكان السيطرة عليها والتلاعب بها بغرض تحقيق الربح غير المشروع.
المبحث الخامس: العقوبات المفروضة على الاحتكار:
سنقوم بطرح العقوبات التي فرضها المرسوم الاشتراعي رقم 38/37.
ففي المادة الرابعة منه نصّ على أنّ:
• يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من عشرة آلاف إلى مئة الف ليرة لبنانية او بإحدى هاتين العقوبتين، كلّ من أقدم أو حاول الإقدام على عمل من أعمال الاحتكار، بالإضافة إلى مصادرة المواد والمنتجات المحتكرة. ويمكن الحكم بمنع المحتكر من مزاولة التجارة نهائيًا أو بوقفه عن مزاولتها مؤقّتًا.
• كما نصت المادة 43 أيضًا على: حدّدت عقوبة جرائم الاحتكار بالغرامة من عشرة ملايين إلى مئة مليون ليرة لبنانية، وبالحبس من عشرة أيّام إلى ثلاثة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين، وعند التكرار تضاعف العقوبة.
• وكلّ ممانعة للموظّفين المكلّفين بتنفيذ أحكام هذا المرسوم أثناء قيامهم بوظائفهم يعاقب عليها بغرامة من مليونين إلى عشرين مليون ليرة لبنانية، والسجن من سبعة أيّام إلى ثلاثة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين وإذا رافق الممانعة، الإهانة أو التهديد أو الاعتداء تضاعف العقوبة.
• وكلّ من يخفي الوثائق والمستندات التي يحقّ لموظّفي مصلحة حماية المستهلك الإطلاع عليها أو يرفض تقديمها يعاقب بغرامة من مليونين إلى عشرين مليون ليرة والسجن من ثلاثة أيام شهر او بإحدى هاتين العقوبتين.
• وكلّ تذرع بعدم وجود الدفاتر التجارية الالزامية او الفواتير يشكّل سببًا لتشديد العقوبة.
• وتحجز المواد والسلع والحاصلات التي هي من نوع وصنف البضاعة التي ارتكبت بها المخالفة في أيّ مكان وجدت، ويمكن الحكم بمصادرة الكمية المحجوزة كلّيًا أو جزئيًا حسب الحالة ويوضع على المحجوزات خاتم رسمي وتودع أمانة لدى المخالف، إلّا أنّه إذا كانت الكمية المحجوزة غير ضرورية للتموين أو قابلة للتلف السريع، فيقتضي بيعها بمعرفة مصلحة حماية المستهلك التي تحفظ الثمن حسب الأصول القانونية على ذمّة بتّ المخالفة. وفي حال تكرّرت المخالفات خلال السنة الواحدة، يمكن الحكم بإغلاق المركز التجاري الذي ارتكبت فيه المخالفة ويمنع مرتكبها من مزاولة المهنة خلال مدة تترواح بين ثلاثة أيام وشهر.
• ويعتبر بمثابة المخالف الأصلي كلّ من تدخّل أو اشترك في ارتكاب جريمة او حرض عليها او أخفى المعلومات المتعلقه بها ويؤخذ من قيمة الغرامات التي استوفيت فعلًا، ومن محصول الصادرات المحكوم بها مبلغ لا يتجاوز 52% من مجموعها ويرصد كمكافأة للموظفين الذين ينظمون محاضر الضبط والذين يتولون اكمالها ومتابعتها حتى صدور الأحكام.
• ويحدد وزير الاقتصاد والتجارة بناء على اقتراح المدير العام للوزارة نسبة المبلغ الذي يقتضي اقتطاعه وطريقة توزيعه.
المبحث السادس: طرق المكافحة:
لجأت الكيانات الضخمة والتكتلات الاقتصادية إلى تكوين إجرام اقتصادي منظّم يسمح باستغلال أيّ ثغرة تشريعية أو أمنية سواء على المستوى الوطني أو الدولي، كما عملت على إفساد ذمم الموظّفين بهدف دفعهم إلى أداء عملهم أو الامتناع عن ذلك بطريقة تتنافى مع المصلحة العامة ما يسمح بالتلاعب وتهديد أمن الاقتصاد الوطني والدولي معًا، فكان لا بدّ من إيجاد سبل للمعالجة وطرق لمكافحة تساعد على القضاء على هذه الجرائم ومنع نموها والقضاء عليها في مهدها.
ومن طرق المكافحة على سبيل المثال لا الحصر:
1. إصدار قوانين حازمة ومراسيم اشتراعية عديدة لملاحقة المحتكرين وتشديد عقوبتها
2. العمل على تجريم كل ما يمس الحقوق والمصالح الجديدة التي تتولّد بشكل مستمر ومتواز بفعل التطور العلمي والاقتصادي، وتجريم كل ما يهدد الانشطة الاقتصادية المتعلقة بالتجارة.
3. إنشاء أجهزة خاصة على قدر عال من التدريب في مجال مكافحة الاجرام الاقتصادي ، تضطلع بضبط كلّ ما هو جديد في السلوك الاجرامي في هذا المجال وتزويدها بالعناصر البشرية المؤهّلة علميًا، مسلّحة في ذلك بكافة التطورات التي تطرأ على الاجهزة المدربة على أعلى مستويات في الدول المتقدمة ، سعيًا وراء أداء أمني متميّز في مواجهة ذلك النوع من الاجرام المنظّم.
4. إقرار الانظمة الأمنية المناسبة لتشفير البيانات المسجلة على شبكة الإنترنت حفاظًا على الأسرار التجارية والاقتصادية الهامة ، وذلك لمكافحة القراصنة وإفشاء الأسرار.
5. إيجاد قنوات رسمية للتعاون مع البوليس الدولي لمكافحة هذه الجرائم.
6. عقد الندوات واللقاءات العلمية التي تهدف إلى دراسة الجرائم المرتبطة بالنشاط الاقتصادي، وتشجيع الأبحاث والدراسات العلمية في هذا المجال بما يسمح بالكشف عن كلّ ما هو جديد فيه، والسماح بالفرصة لكلّ مجتهد لإبراز ما قد ينتج عن ذهنه من أفكار تساعد في تطوير الحلول وتزيد من فعاليتها.
7. وجود التعاون الدولي لمنع هذه الجرائم، ذلك أنّها أضحت في معظم صورها جرائم منظّمة عبر الحدود، ولها آثار ضارة على الاقتصاد الدولي أيضًا. ومن المتفق عليه اليوم ان الاتفاقات الدولية هي الطريق الامثل في مجال تعزيز التعاون الدولي في أيّ من المجالات.
8. كما ينبغي تحقيق التعاون الدولي في مجال تنمية وتدريب العاملين في مكافحة ومنع الجريمة بمفهوم موحد يسمح برفع كفاءة العاملين في هذا المجال، ويكون ذلك بعقد دورات تدريبية للعاملين على منع الجرائم الاقتصادية، وتبادل المنح والدراسات العلمية، وذلك على المستويين الوطني والدولة.
9. إيجاد آليات ضخمة ومنظّمة لحلّ المشكلات المترتّبة على سرقة المعلومات وإفشائها والإتجار بها، حيث بدأت الشركات المتعدّدة الجنسية في الظهور ومن خلفها الكيانات الاقتصادية الجبّارة، وأصبحت ظاهرة التوحّد الإقتصادي عاملًا هامًا لرخاء الدول، ومن ثمّ أصبحت أسرار تلك الكيانات في حاجة إلى الحماية الجنائية لردع كلّ من يحاول العبث بها.
10. العمل على تدعيم كافة أوجه المساعدات القضائية والقانونية، بما في ذلك تسليم المجرمين وتنفيذ الأحكام القضائية، درءًا لكلّ أنماط الاجرام الاقتصادي على المستوى الدولي ومحاربة مرتكبيه، وسدّ الثغرات في مواجهة إفلاتهم من العقاب.
الخاتمة
خلاصة القول إنّه لا بدّ من تجريم كافة الأفعال والتصرّفات أيًّا كانت وأيًّا كان مصدرها أو محلّها التي من شأنها أن تؤثّر على الاقتصاد الوطني وأن تؤدّي إلى انهيار، فهذا النوع من الجرائم يعتبر نوعًا مستحدثًا وجاء نتيجة التغيّرات الثقافية والاجتماعية والسياسية وتقدّم التكنولوجيا والصناعات التي هي أساس التغيّرات السابقة، إضافة إلى ظهور العولمة في الأفكار والنظريات والعلوم الحديثة والتقنية، كما أنّها امتدت إلى عولمة علم الإجرام وساعدت على انتشار الجريمة في كلّ المجتمعات لا سيّما الجريمة المنظّمة.
وما أثار اهتمامنا في هذا البحث، هو تسليط الضوء على الجرائم الاقتصادية، وخاصة الاحتكار وتباين آثاره وميزاته وطرق مكافحته في محاولة بسيطة من أجل إيجاد حل للطمع والجشع الذي أصاب العديد من أصحاب رؤوس الأموال ومحاولاتهم الدائمة للسيطرة على اقتصاديات العالم غير مهتمين لما يؤدّي ذلك من إفقار للدول وانهيار اقتصادهم وأجيالهم.
المراجع المعتمدة:
1. د. معين فندي الشناق- الإحتكار والممارسات المقيّدة للمنافسة في ضوء قوانين المنافسة والاتفاقيات الدولية – عام 2014 ص 14 لغاية 175.
2. أ. قحطان عبد الرحمان الدوري. الاحتكار وآثاره في الفقه الإسلامي. عام 2010 ص 59 وما يليها.
3. أ. أمل محمد شلبي – التنظيم القانوني للمنافسة ومنع الاحتكار- دراسة مقارنة- عام 2008 ص 97-101.
4. أ. حسين علي منتظري. رسالة في الإحتكار والتسعير. عام 2007 ص 18 وما يليها.
5. أ.حمدي الجمل. ثلاثية الشرّ في مصر: الاحتكار. مافيا التجّار. صندوق النقد الدولي. عام 2019 ص210 وما يليها.
6. المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية. جامعة الدول العربية. الندوة العلمية حول الجريمة الاقتصادية بيروت في 9-4-2001.
“محكمة” – الثلاثاء في 2022/5/10