علم وخبر
الإسم التجاري والعلامات التجارية/ناضر كسبار
ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
بحثت محكمة التمييز العليا-الغرفة السابعة الجزائية، والتي كانت مؤلفة من القضاة الرئيس جمال حجار والمستشارين هاني الحبال وصباح سليمان، مسألة مهمة تتعلق بالإسم التجاري وبالعلامات التجارية. فاعتبرت بعد نقض القرار الاستئنافي ان النيابة العامة لم تطعن بالحكم المستأنف لجهة إبطاله التعقبات في جنحتي المادتين 702 و 703 عقوبات، فيكون ما قضى به الحكم لهذه الجهة، بالنسبة للدعوى العامة، قد اضحى مبرماً وخارج اطار ما هو منشور امام هذه المحكمة بعد النقض.
كما اعتبرت المحكمة إذا كان يجوز للاشخاص استعمال الاسماء الشخصية او اسم عائلتهم من اجل ممارسة التجارة، فإنه في حال كان هذا الاسم مستعملاً في مجال تجارة مشابهة، يتوجب على من يستعمل اسمه لاحقاً، أن يتوخى عدم ايقاع الزبائن العاديين بالغلط، والقيام بما يلزم من تعديلات على هذا الاسم، لإزالة أي التباس محتمل يمكن أن يؤدّي الى المزاحمة او تحويل في عنصر الزبائن.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/1/24:
تبين انه بتاريخ 2015/1/29 اصدرت محكمة استئناف جبل لبنان القرار رقم 2015/19 القاضي بقبول الاستئناف شكلاً وفي الاساس رد استئناف المدعية شركة لا.ت. ش.م.م. وقبول استئناف المدعى عليهم ا. و ن. وشركة س. ش.م.م. وفسخ الحكم المستأنف ونشر الدعوى ورؤيتها انتقالاً والحكم مجدداً بكف التعقبات عن المدعى عليهم من جرم المادتين 714 و 716 عقوبات لعدم توافر عناصرهما ورد الادعاء الشخصي عنهم.
وتبين انه بناء على طلب النقض المقدم من النيابة العامة التمييزية والمدعية ش. لا.ت. ش.م.م. اصدرت هذه المحكمة القرار رقم 2018/101 تاريخ 2018/3/1 قضت فيه بقبول طلب النقض شكلاً واساساً ونقض القرار الاستئنافي رقم 2015/19 واجراء المحاكمة مجدداً.
وبنتيجة المحكمة العلنية بعد النقض وفي جلسة المحاكمة الاخيرة، حضرت المدعية بواسطة وكيلتها المحامية ن.ا. وطلبت رد استئناف الجهة المدعى عليها وتغيبت هذه الاخيرة فحوكمت اصولاً وطلب ممثل النيابة العامة رد استئناف الجهة المدعى عليها ايضاً وختمت المحاكمة.
– في مرحلة ما بعد النقض
تبين انه بتاريخ 14 و 2013/10/18 تقدمت الجهتان المدعية ش.لا. ش.م.م. والمدعى عليها ر. م. لا. و ن. و ش. س.لا. باستئنافين بوجه بعضهما طعناً بالحكم الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا والقاضي بإدانة المدعى عليهم ر.لا. و ش. س.لا. بجرمي المادتين 714 و 716 عقوبات و714 و 716 معطوفتين على المادة 210 عقوبات وتغريم كل منهم مبلغ مليون ليرة لبنانية بعد الادغام وبإبطال التعقبات الجارية بحقهم سنداً لاحكام المادتين 702 و 703 عقوبات لعدم توافر العناصر الجرمية وبإلزامهم بأن يدفعوا للمدعية مبلغ اربعين مليون ليرة بدل عطل وضرر وبإلزامهم بالتوقف عن استعمال الاسم التجاري L.S. تحت طائلة غرامة اكراهية مقدارها خمسماية الف ليرة لبنانية عن كل يوم تأخير تبدأ بالسريان من تاريخ صيرورة الحكم مبرماً وبإلصاق صورة عن الحكم على باب مطعمي L.S. في الاشرفية وفرن الشباك وبنشر الحكم في جريدتي النهار والاخبار على نفقة المدعى عليهم.
وعرضت الجهة المدعى عليها ما خلاصته:
– ان الحكم مستوجب الفسخ لمخالفته المواد 212 وما يليها من قانون اصول المحاكمات المدنية والمواد 1 و 3 و 5 من المرسوم 67/11 والمادة 76 من القرار رقم 1924/2385 والمواد 714 و 715 و 716 و727 عقوبات وادلت:
– ان والدي المدعى عليه ر. لا. وجدي ممثلتي الشركة المدعية، هما اللذان يتمتعان بأولوية استعمال الاسم التجاري لانهما اكتسبا الشهرة التجارية وليس والد ممثلتي المدعية.
– ان الحق الارثي لممثلتي المدعية لا ينتقل الى الشركة المدعية دون التفرغ اصولاً عن الاسم التجاري “مطعم لا.” واستعمالهما فعلاً لهذا الاسم وتدوينه ونشره في السجل التجاري.
– ان الاسم المدعى اغتصابه غير جدير بالحماية لانه اسم عائلة المدعى عليه ايضاً ر.لا. المؤسس في الشركة المدعى عليها وكلمة “ت” تدل على الصنف.
– ان اتفاقاً ضمنياً نشأ بين الاخوين ر. و ا. لا. ليستعمل كل منهما لاسمه التجاري دون اية منازعة وقد تعايش الاسمان بصورة هادئة وعلنية ومستمرة طيلة اكثر من عشرين سنة.
– ان الاسم التجاري الاساسي “م.لا” اختفى بعد وفاة ا. لا. بينما الشركة المدعية اسستها ابنتاه باسم لا.ت.
وطلبت قبول استئنافها شكلاً واساساً وفسخ الحكم المستأنف ما عدا الفقرة الرابعة منه واصدار القرار بكف التعقبات عنها والا اعلان براءتها.
وتبين ان الشركة المدعية طلبت باستئنافها تشديد العقوبة ورفع التعويض المقضى بهما بالحكم المستأنف وهي تطلب في استدعائها التمييزي الحكم على الجهة المدعى عليها بجرائم المواد 702 و 717 و 716 عقوبات والمادة 105 من القرار 1924/1285.
وحيث ان النيابة العامة لم تطعن بالحكم المستأنف لجهة إبطاله التعقبات في جنحتي المادتين 702 و 703 عقوبات فيكون ما قضى به الحكم لهذه الجهة، بالنسبة للدعوى العامة، قد اضحى مبرماً وخارج اطار ما هو منشور امام هذه المحكمة بعد النقض.
وحيث انه لجهة الدعوى المدنية، طلبت الشركة المدعية في الاستدعاء التمييزي ادانة المدعى عليهم بجرم المواد 702 و 714 و 716 عقوبات والزامهم بالتوقف عن استعمال الاسم والشعار ووقف المزاحمة الاحتيالية وابطال تسجيل العلامتين المقلدتين وابدال الاسم التجاري “لا.” ونشر خلاصة الحكم والزامهم بدفع مبلغ 200000 د.ا. بدل عطل وضرر.
وحيث ان الشركة المدعية سبق وان استأنفت الحكم الابتدائي وطلبت في استحضارها الاستئنافي تشديد العقوبة المقضى بها بموجب الحكم المستأنف ورفع قيمة التعويض وبالتالي هي لم تطعن بالحكم الابتدائي لجهة جرم التقليد بل اقتصر استئنافها على تشديد العقوبة المقضى بها سنداً على الادانة بالمادتين 714 و 716 عقوبات ورفع العويض المحكوم به على اساس الضرر الناجم عن الجرمين المذكورين وبالتالي تكون ايضاً المطالب الشخصية المسندة الى جرمي المادتين 702 و 703 عقوبات خارج اطار ما هو منشور من الدعوى المدنية بعد النقض ويقتضي رد كافة المطالب الشخصية للجهة المدعية المتعلقة بجرم تقليد العلامات التجارية.
– في استئنافي الجهتين المدعى عليها والمدعية
حيث ان الجهة المدعى عليها تدلي بوجوب فسخ الحكم المستأنف بسبب تشويه شهادة تسجيل المؤسسة وافادة المدعى عليه ر.لا. خلال التحقيق الاولي ولأنّ الحقوق الناشئة عن التغيير في المطعم منذ العام 1967 تعود لوالدي ا. و ر.لا. وان التنازل عن المؤسسة يخضع لشروط واصول لم تتم مراعاتها واضافت ان الاسم غير جدير بالحماية لانه ليس مميزاً وان سوء نيتها منفياً ولم ترتكب جرم المزاحمة الاحتيالية.
وحيث انه تبين من حيثيات الحكم الابتدائي المستأنف انها جاءت في محلها الواقعي والقانوني وتعتمدها هذه المحكمة في قرارها الراهن اذ انها تشكل بحد ذاتها جواباً برد اسباب الاستئناف المدلى بها.
وحيث انه وتأكيداً على ما تقدم فقد ثبت من مجمل التحقيقات، لاسيما من اقوال المدعى عليه ر.لا. في الصفحة 8 من محضر التحقيق الاولي، ان م. لا. وزوجته اسسا في منطقة الاشرفية مطعماً تحت اسم”م.لا.” مخصص لبيع الفلافل وقد مارسا العمل فيه مع ولدهما ا. بينما كان شقيقه ر. يتردد احياناً الى المطعم لمساعدتهم وان ا. هو الذي ادخل لاحقاً على المحل تجارة الفروج المشوي على الفحم وقد اشتهرت تجارته في الدجاج واستمر بإدارة المطعم بعد والديه تحت اسم مطعم “لا.ت.” وفروج مشوي على الفحم وسندويش وقروج لا. ومشاوي على الفحم.
وحيث انه يتضح مما صار بيانه، من نحوٍ اول، ان ر. لا. لم يمارس التجارة مع والديه بل ان شقيقه ا. والد ممثلتي المدعية، هو الذي مارس التجارة وصولاً الى اجراء تغيير في المؤسسة التجارية نتيجة تحويلها من بيع الفلافل الى بيع الدجاج وما نجم عن ذلك من تغيير في عنصر الزبائن وذلك تحت الاسم التجاري “مطعم لا.ت.” وما تبعه من عبارات دالة على الاصناف والسلع. وبالتالي اذا كان والدا المدعى عليه ا. لا. قد مارسا التجارة تحت اسم “مطعم لا” فإن هذا الاسم لم يبقَ للمؤسسة التجارية عينها التي كانت تبيع الفلافل بل اضحت للمؤسسة العائدة لبيع الفروج المشوي والسندويش العائدة لها. وحده بعد والديه ومن بعده لابنتيه غ. و ب. اللتين استمرتا بممارسة التجارة عينها عبر الشركة المدعية.
وحيث انه، من نجو ثانٍ، لا تكون الشركة المدعية باستعمالها وتسجيلها اسم “شركة لا. ت.” قد تخلت عن الاسم التجاري “مطعم لا.ت.” نتيجة ان هذا الاسم مع ما يتبعه من توضيحات عن الاصناف (فروج…سندويش..) هو الذي كان مستعملاً سابقاً من مورث المفوضتين بالتوقيع عن المدعية.
وحيث ان الاسم التجاري يكتسب بالاستعمال خلافاً للعلامة التجارية التي يقتضي تسجيلها اصولاً وفقاً للمادة 76 من القرار 1924/2385 المعدل والتي حصرت التسجيل صراحة بالعلامات التجارية دون الاسم التجاري وان المادة 714 خلافاً للمادة 702 من قانون العقوبات لا تشترط تسجيل الاسم التجاري ليكتسب الحماية الجزائية.
وحيث اذا كان المدعى عليه ر. لا. قد اسس ايضاً في العام 1985 مطعماً في الاشرفية لبيع الدجاج دون معارضة شقيقه ا. حينها، فإن هذا المطعم كان يحمل اسم ل”لا. وباسيل” ولم يكن “سندويش لا.” الذي كان مستعملاً من ا. سابقاً وفقاً لصراحة اقوال المدعى عليه ر.
وحيث اذا كان يجوز للاشخاص استعمال الاسماء الشخصية او اسم عائلتهم من اجل ممارسة التجارة، فإنه في حال كان هذا الاسم مستعملاً في مجال تجارة مشابهة، يتوجب على من يستعمل اسمه لاحقاً، ان يتوخى عدم ايقاع الزبائن العاديين بالغلط والقيام بما يلزم من تعديلات على هذا الامس لازالة اي التباس محتمل يمكن ان يودي الى المزاحمة او تحويل في عنصر الزبائن.
بناء عليه،
أوّلاً في الشكل:
حيث ان ما قضى به الحكم الاستئنافي رقم 2015/19 لجهة قبول الاستئنافين شكلاً قد اضحى مبرماً لعدم الطعن به تمييزاً لهذه الجهة.
ثانياً: في الاساس
– في اعادة تكوين الاستنئاف المقدم من الجهة المدعية:
حيث ان المحكمة بقرارها تاريخ 2018/10/25 كلفت المدعية ابراز نسخة عن الاستنئاف المقدم منها لانه لم يعثر على هذا الاستئناف بين اوراق الملف.
وحيث ان المدعية ابرزت في الجلسة الاخيرة نسخة عن الاستنئاف المشار اليه اعلاه وتركت وكيلة الجهة المدعى عليها الامر للمحكمة في ما يتعلق بهذا المستند اي نسخة الاستئناف المقدم من المدعية.
وحيث في ضوء ما تقدم يقتضي اعادة تكوين الاستئناف المقدم من الجهة المدعية واعتماد النسخة المبرزة منها في الجلسة الاخيرة واعتبارها مطابقة للنسخة الاصلية.
– لجهة ما هو منشور من الاستئناف بعد النقض:
حيث ان القرار الاستئنافي قضى، لجهة الدعوى العامة، بكف التعقبات عن المدعى عليهم من جرمي المادتين 714 و 716 عقوبات ورد الادعاء الشخصي عنهم وان النيابة العامة طعنت بالقرار المذكور تمييزاً.
وحيث انه بموجب قرار النقض تاريخ 2018/3/1 رقم 2018/101 قبلت هذه المحكمة طلبي النقض المذكورين ونقضت االحكم الاستئنافي المطعون فيه رقم 2015/19 تاريخ 2015/1/29 وذلك في شقيه المدني والعام فتكون الدعوى منشورة امام هذه المحكمة بعدالنقض لجهة الدعوى العامة ودعوى الحق الشخصي.
وحيث انه بالنسبة للدعوى العامة، تطلب النيابة رد الاستنئاف وتصديق الحكم المستأنف الذي قضى بإدانة الجهة المدعى عليها بجنحتي المادتين 714 و 716 من قانون العقوبات وبإبطال التعقبات عنها بالنسبة لجنحتي المادتين 702 و 703 عقوبات.
وحيث ان عناصر المؤسسة التجارية لا تختفي الا باختفاء عنصر الزبائن واستحالة تعويضه وبالتالي ان انتقال المؤسسة التجارية باسمها التجاري الى عقارٍ مجاور بعد انتهاء عقد الايجار يؤكد على استمرارية هذه المؤسسة بعناصرها الاساسية كافة وارتباط عنصر الزبائن بالاسم التجاري دون ان يكون ايجار المؤسسة من العناصر الاساسية المؤثرة فيها.
وحيث ان الاسم التجاري المميز هو الذي يميز مؤسسة تجارية اخرى تتعاطى في المجال التجاري عينه او بضاعة او منتوجات عن منتوجات اخرى مشابهة وان اسم “لا.ت.” هو الذي يميز تجارة الجهة المدعية عن اية تجارة اخرى في مجال المأكولات المرتبطة بالدجاج.
وحيث انه تبعاً لما تقدم تكون الاسباب المدلى بها من الجهة المدعى عليها مستوجبة الرد كلها لعدم صحتها.
وحيث ان الجهة المدعى عليها، باستخدامها اسم “لا.فروج مشوي على الفحم وسندويشات” منذ العام 1990 ولاحقاً تسجيلها اسم “سندويش لا. في العام 1994 مع علمها المسبق بأن هذا الاسم مستعملاً قبلها في مجال التجارة عينها قد اغتصبت الاسم التجاري للمرحوم ا.لا. ومن بعده للشركة المدعية فيما ان ما قيد في القضية الراهنة هو المشابهة الاجمالية الاسم التجاري الذي تعمل تحته الجهة المدعية وذلك الذي استخدمه المدعى عليهم في تجارتهم وهذه المشابهة الاجمالية متوفرة في البدء.
وحيث انه على صعيد مطالب الشركة المدعية، فإن هذه الاخيرة لم توفر الدليل الكافي على ان الضرر الذي اصابها جراء افعال الجهة المدعى عليها تفوق قيمته التعويض المقرر في الحكم الابتدائي المستأنف.
وحيث انه على ضوء ما تقدم يقتضي رد الاستنئافين وتصديق الحكم الابتدائي المستأنف في جهاته كافة.
لذلك
وعطفا على قرار النقض رقم 2018/101
تقرر بالاتفاق:
1- اعادة تكوين الاستئناف المقدم من الجهة المدعية واعتماد النسخة المبرزة منها في الجلسة الاخيرة واعتبارها مطابقة للنسخة الاصلية.
2- اعتبار ما قضى به القرار الاستئنافي رقم 2015/19 لجهة قبول استئنافي المدعية شركة لا.ت. ش.م.م. والمدعى عليهم ر.لا. ون.ش. وشركة س. لا. ش.م.م. شكلاً قد انبرم تبعاً لعدم الطعن تمييزاً بهذه المسألة.
3- اعتبار ما هو منشور امام هذه المحكمة بعد النقض بتعلق بالدعوى العامة بجنحتي المادتين 714 و 716 عقوبات وبالشق المدني تبعاً لهما.
4- اعتبار المطالب المساقة من الجهة المدعية المتعلقة بالمادتين 702 و 703 عقوبات والمطالب الشخصية المرتبطة بهما وبالعلامات التجارية مردودة عن اطار ما هو منشور امام هذه المحكمة.
5- في الاساس رد الاستئنافين المساقين من الجهتين المدعية والمدعى عليها وتصديق الحكم المستأنف وابرامه مع اعتماد حيثياته كجزء من هذا القرار.
6- رد كل ما زاد وخالف
7- تضمين كل من الجهتين المستأنفتين وعليهما رسوم ومصاريف استئنافها.
قراراً صدر وافهم علناً بحضور ممثل النيابة العامة التمييزية بتاريخ 2019/1/24.
“محكمة”- الاثنين في 2024/9/2