التحقيق مع كامل أمهز ينتهي.. برشوة
كتب علي الموسوي:
ما إن يحكى عن عالم الهواتف الخليوية في لبنان حتّى يتصدّر المشهد رجل الأعمال كامل أمهز الذي استطاع أن يجعل من مؤسّسته، الأولى من حيث الأسعار الرخيصة، فاستحقّ أن يُطلق عليه وصف “الرقم المميّز” تيّمناً بأرقام الهواتف المميّزة والغالية الثمن، وهو الذي وصلت شهرته إلى العالم ممّا دفع الولايات المتحدة الأميركية إلى وضعه على اللائحة السوداء لاعتقادها بأنّه يموّل “حزب الله”.
وفجأةً ومن دون سابق إنذار، أُدخل أمهز نظارة المحكمة العسكرية بناء على دسيسة قدّمها إبن بلدته نبحا البعلبكية، وإبن عائلته (من جبّ آخر) العنصر في قوى الأمن الداخلي ع. أمهز الذي ألصق به تهمة التغرير به ورشوته لتمرير حقائب ممتلئة بالهواتف الخليوية عبر مطار بيروت الدولي من دون المرور بإدارة الجمارك ودفع المستحقّات الضريبية عليها، وذلك لقاء مبلغ مالي زهيد.
بدأت القصّة، عندما كانت القوى الأمنية تجري تحقيقاً مع العنصر في قوى الأمن الداخلي ع. أمهز والعسكري في الجيش اللبناني مارون ب. إثر ورود معلومات لها عن قيامهما بتقديم تسهيلات كثيرة خلال عملهما بفحص مدرج الطائرات في مطار بيروت، منها التغاضي عن حقيبة مخدّرات لأحد التجّار الكبار، فاعترفا بقبض رشوة مالية للسماح بإدخال حقيبة المخدّرات ممّا يدلّل على وجود أسبقيات في هذا المجال دفعت المحقّقين في وزارة الدفاع إلى الاستفسار من هذين العنصرين عن الشخصيات التي سبق لهما التعامل معها، فأقرّ ع. أمهز بأنّه أدخل في الماضي حقيبتين تحتويان على عدد من الهواتف الخليوية لمصلحة كامل أمهز.
وكان ع. أمهز ومارون ب. يتولّيان مهمّة يومية في المطار، إذ يقومان، بمعاونة كلاب بوليسية مدرّبة، بفحص المدرّجات والتحقّق ممّا إذا كانت توجد متفجّرات أو مخدّرات وممنوعات أخرى، وذلك من أجل ضبطها ومصادرتها وإبلاغ المعنيين بالأمر لكي تجري الملاحقة القضائية المعتادة في مثل هكذا حالات.
واللافت للنظر أنّه لم يعثر على أيّة ممنوعات أو مخدّرات عند توقيف العنصرين الأمنيين ع. أمهز ومارون ب. ممّا يستدعي السؤال هل في الأمر “دزّة”؟ بحسب مصادر متابعة للتحقيق.
بعد وصول ملفّ التحقيق إلى “فرع المعلومات”، إتصل المسؤولون فيه برجل الأعمال كامل أمهز للحضور إلى المقرّ في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في محلّة الأشرفية في بيروت، وتزامنت مع إرسال عنصر أمني إلى محلاّت أمهز في منطقة الضاحية الجنوبية لإبلاغه بوجوب الحضور إلى مقرّ المديرية، فاستمهل أمهز بعض الوقت أجرى خلاله سلسلة اتصالات هاتفية مع شخصيات أمنية وسياسية تربطه بها صداقات وثيقة وهو المعروف بخدماته على شتّى الصعد وخصوصاً لأبناء منطقته بعلبك- الهرمل، ثمّ انتقل من تلقاء نفسه إلى المديرية المذكورة.
لم يكن القاضي صقر موجوداً، فتمّ الإتصال بمعاونه القاضي فادي عقيقي وإطلاعه على مآل التحقيق مع كامل أمهز الذي أنكر وجود علاقة بينه وبين ع. أمهز، ونفى أن يكون ثمّة شخص يدعى علي أمهز هو صلة الوصل بينهما، ومع ذلك أعطى عقيقي الإشارة بتوقيف أمهز، وكان ذلك بعد ظهر يوم الإثنين الواقع فيه 14 تشرين الثاني 2016.
أحيلت محاضر التحقيق إلى القاضي عقيقي الذي ادعى بموجب “ورقة طلب”، على كامل أمهز والآخرين بجرم الرشوة والإخلال بواجبات الوظيفة سنداً للمادة 352 من قانون العقوبات التي تصل عقوبتها في حال تحقّقها إلى الأشغال الشاقة المؤقّتة، ثمّ أحيل الملفّ برمّته على قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا الذي أبقاه في دائرته، واستجوب المدعى عليهم الثلاثة، وأجرى مقابلة بين كامل أمهز وع. أمهز الذي تراجع عن إفادته في التحقيق الأوّلي وعن قبضه مبلغ ثلاثة آلاف دولار أميركي لإدخال الحقيبتين المشار إليهما.
تقول المعلومات الخاصة بـ”محكمة” إنّ خبر تراجع ع . أمهز عن إفادته الأوّلية، تناهى إلى مسمع القاضي عقيقي الذي استدعاه من مكان توقيفه للوقوف منه عن أسباب هذا التراجع المفاجئ له!.
ولم يكتف التحقيق بذلك، بل قامت دوريات من “فرع المعلومات” والجمارك” بدهم محلاّت كامل أمهز وتحديداً في محلّة بئر العبد في قلب منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت حيث تقع المؤسّسة الأمّ “Stars Communications” التي تأسّست في العام 2004 وتوسّعت حتّى صارت لها عشرة فروع على مساحة الوطن، من دون أن تعثر هذه الدوريات على مخالفات وممنوعات، بل وجدت كلّ شيء قانونياً.
بموازاة ذلك، ادعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم على كامل أمهز بجرم التهرّب من الضرائب والرسوم الجمركية ومخالفة الأنظمة الإدارية المنصوص عليها في المادة 770 من قانون العقوبات والتي تصل عقوبتها إلى السجن ثلاثة أشهر مع غرامة مالية.
وعلمت”محكمة” أنّ لدى ع. أمهز محلاً لبيع الهواتف الخليوية ممّا يستدعي طرح سؤال جوهري مفاده لماذا لم يهرّب الهواتف لمصلحته الشخصية طالما أنّ فيها استفادة مالية كبيرة!.
وقبل فترة زمنية، سافر كامل أمهز إلى كندا من أجل لقاء محامين أميركيين يتابعون ملفّه في الولايات المتحدة الأميركية بعد وضعه على اللائحة السوداء على غرار شخصيات ورجال أعمال لبنانيين آخرين قاموا بالأمر نفسه. وهو شكّل مع عدد من وجهاء وفاعليات بلدته نبحا لائحة في الانتخابات البلدية في العام 2016 فاز منها ثلاثة عشر مرشّحاً على اللائحة المنافسة المكوّنة من مرشّحي “حزب الله” و”حركة أمل” والتي فاز منها مرشّحان إثنان منها فقط، ويرأس البلدية شقيق أمهز، هشام أمهز.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 12 – كانون الأوّل 2016).