التغذية وتأثيرها على العقل المتقدّم في العمر/رنا نحلة
رنا نحلة:
تعتبر التغذية من العوامل الأساسية التي تؤثّر بشكل كبير على صحّة الدماغ ووظائفه مع التقدّم في العمر. فمع شيخوخة الإنسان، يواجه الدماغ تحدّيات متزايدة تتطلّب العناية الخاصة من خلال اتباع نظام غذائي متوازن يدعم صحّة العقل. لهذا السبب، أصبح موضوع “التغذية وتأثيرها على العقل المتقدّم في العمر” محطّ اهتمام كبير في الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة.
التغذية وصحة الدماغ : علاقة وثيقة
تشير الدراسات إلى أن الدماغ، مثل باقي أعضاء الجسم، يحتاج إلى مجموعة من العناصر الغذائية الأساسية التي تساعد في الحفاظ على وظائفه المعرفية وتقليل تأثيرات التدهور العقلي المرتبط بالعمر. فالتغذية السليمة يمكن أن تحسّن الذاكرة، وتعزّز القدرة على التركيز، وتقلّل من مخاطر الإصابة بأمراض مثل الزهايمر والخرف.
العناصر الغذائية الأساسية لصحّة الدماغ
1- الأحماض الدهنية أوميغا-3
تلعب الأحماض الدهنية أوميغا-3 دورًا مهمًا في الحفاظ على صحة الدماغ. توجد هذه الأحماض في الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين، وكذلك في بذور الكتان والمكسرات. تشير الدراسات إلى أن أوميغا-3 يمكن أن تحسن الذاكرة وتقلل من الالتهابات التي قد تؤدي إلى تدهور الدماغ.
2- الفواكه والخضروات الغنية بمضادات الأكسدة
تعتبر الفواكه والخضروات مثل التوت، والسبانخ، والبروكلي، والطماطم، مصادر غنية بمضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الدماغ من الضرر الناتج عن الجذور الحرة. تساعد هذه المواد على تقليل الالتهابات وتحسين تدفّق الدم إلى الدماغ، مما يعزز من الذاكرة والتركيز.
3- الفيتامينات والمعادن
الفيتامينات مثل فيتامين B12 وفيتامين D تلعب دورًا كبيرًا في الحفاظ على صحة الدماغ. يساعد فيتامين B12 في تحسين الوظائف العقلية والذاكرة، بينما يساعد فيتامين D في الوقاية من التدهور العقلي المرتبط بالعمر. من جهة أخرى، يلعب المغنيسيوم والزنك دورًا في دعم وظيفة الدماغ وتعزيز الانتباه والتركيز.
4- البروتينات
البروتينات ضرورية لبناء وإصلاح خلايا الدماغ. الأطعمة مثل اللحوم الخالية من الدهون، والبيض، والعدس، والفاصوليا توفّر البروتينات التي تدعم وظيفة الدماغ وتحسّن الذاكرة والتركيز.
التأثيرات السلبية للتغذية غير السليمة
على الرغم من أهمية التغذية السليمة، فإنّ العادات الغذائية السيّئة قد تؤدّي إلى تدهور العقل مع تقدّم العمر. قد تؤدّي الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون المشبعة أو السكّريات إلى زيادة الالتهابات في الدماغ، مما يسرع من تدهور وظائفه. كما أن نقص بعض العناصر الغذائية الأساسية، مثل فيتامين B12، قد يؤدي إلى مشاكل في الذاكرة والتركيز، وقد يزيد من خطر الإصابة بالأمراض العصبية.
دراسات وأبحاث علمية
أظهرت دراسات متعددة أن الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا غنيًا بالأطعمة الصحية والمغذية يكونون أقل عرضة للإصابة بالأمراض العقلية المرتبطة بالعمر مثل الزهايمر والخرف. على سبيل المثال، أظهرت دراسة نُشرت في مجلة “Neurology” أنّ النظام الغذائي المتوازن والذي يتضمن تناول كميات كافية من الأحماض الدهنية أوميغا-3 يمكن أن يقلّل من خطر الإصابة بضعف الإدراك مع تقدم العمر.
التغذية والوقاية من الزهايمر
تعتبر الوقاية من مرض الزهايمر أحد أبرز أهداف الأبحاث المتعلّقة بالتغذية. تبيّن أنّ تناول أطعمة معيّنة يمكن أن يحسّن صحّة الدماغ ويؤخّر ظهور أعراض الزهايمر. على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجرتها جامعة هارفارد أن الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا يحتوي على الكثير من الخضروات الورقية، والتوت، وزيت الزيتون، والبقوليات، يكون لديهم مخاطر أقل للإصابة بالزهايمر.
خاتمة
إنّ التغذية السليمة تلعب دورًا رئيسيًا في الحفاظ على صحة الدماغ وتعزيز قدراته على التكيف مع التحديات المرتبطة بالشيخوخة. فاتباع نظام غذائي متوازن يتضمن العناصر الغذائية الضرورية مثل الأحماض الدهنية أوميغا-3، الفواكه والخضروات الغنية بمضادات الأكسدة، الفيتامينات والمعادن، والبروتينات يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الذاكرة والتركيز والصحة العقلية بشكل عام. كما أن التغذية السليمة قد تساعد في الوقاية من الأمراض العقلية المرتبطة بالسن، مثل الزهايمر والخرف، مما يساهم في تحسين جودة حياة كبار السن.
“محكمة” – الثلاثاء في 2025/3/11