الحسيني: “الطائف” صنع في لبنان ومداولاته ستبقى سرّية بطلب من المشاركين
رأى الرئيس حسين الحسيني أنّ “اتفاق الطائف ومداولاته ستبقى سرّية بطلب من المشاركين في اجتماعات الطائف، إلى أن يقرّروا هم عكس ذلك”.
كلام الحسيني جاء خلال لقاء نظّمه قسم التاريخ – العلاقات الدولية في كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة القديس يوسف في بيروت، في ذكرى مرور 30 عاماً على توقيع اتفاق الطائف، في حرم العلوم الإنسانية – طريق الشام، في حضور الرئيس ميشال سليمان، رئيس الجامعة الأب البروفسور سليم دكّاش اليسوعي، عميدة الكلية البروفسورة كريستين بابكيان عساف، رئيس قسم التاريخ الدكتور كريستيان توتل وعدد من نوّاب رئيس الجامعة والعمداء وشخصيات سياسية ودينية والطلاّب ومهتمين.
وشرح الحسيني بإسهاب المحطات التي أوصلت إلى وثيقة الوفاق الوطني سنة 1990، وقال: “الطائف أتى نتيجة للحرب التي نشبت سنة 1975، لكن بالموازاة استمر الحوار بين اللبنانيين. بداية بمبادرة من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي أصدر ورقة عمل باسم الطائفة الشيعية حول كيان لبنان ووحدة شعبة وأرضه وهويته، والتي اعتبرتها الورقة من الأمور غير المتفق عليها وكان من نتائجها تعليق البحث بالهوية العربية سنة 1943 عبر اعتبار لبنان “ذو وجه عربي”، ريثما يتم الإتفاق على الهوية الوطنية. هاتان الثغرتان ولدتا ثغرة ثالثة الإبهام حول نظام الحكم في لبنان”.
وتابع: “المثل الثاني عن استمرار الحوار بالموازاة مع الحرب، كان بعيد حرب الجبل، إذ اجتمع المسلمون سنة وشيعة ودروز وأصدروا وثيقة “ثوابت الموقف الإسلامي” التي تنص على أن لبنان سيد وحر ومستقل لكل أهله على كامل أرضه وهو عربي الهوية والإنتماء ونظام الحكم فيه ديموقراطي برلماني يحترم الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد. والمحطة الثالثة أتت بعد انتخابي رئيسا لمجلس النواب، إذ عملت على وضع ورقة أسميتها “مبادئ الوفاق الوطني” وأنجزناها بإجماع المجلس النيابي في 10 آذار 1985. لكن في 12 آذار حصلت الانتفاضة بوجه الرئيس أمين الجميل التي منعتنا من إعلان الورقة من مجلس النواب، لكن صودف لحظنا أن تتم دعوتنا من قبل الفاتيكان لزيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، فأتت الزيارة في 29 آذار. ترجمنا الوفاق بين النواب اللبنانيين بمذكرة رفعناها الى قداسة البابا التي أيدها وتمت ترجمتها الى 33 لغة وتوزيعها على الكنائس الكاثوليكية في العالم، باعتبارها رؤية لحل الأزمة اللبنانية. صودف أيضا في سنة 1987 قيام اتفاق روسي أميركي بوقف الحرب الباردة وحل النزاعات الإقليمية بالوسائل السلمية، فكان هذا عاملا مفيدا شجعنا على المضي في تقديم رؤيتنا لحل الأزمة اللبنانية كحل لأزمة المنطقة. يرتكز هذا الحل على ثلاث قواعد، أولا تحرير الأرض بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة حتى الحدود المعترف بها دوليا، وبالتالي بسط سلطة الدولة على الجنوب وتنفيذ اتفاقية الهدنة التي تبسط الأمن على جانبي الحدود. ثانيا ترسيخ العلاقات اللبنانية السورية الفلسطينية على قواعد ثابتة وراسخة في إطار سيادة واستقلال كل من لبنان وسوريا والإلتزام بحقوق الشعب الفلسطيني، ثالثا ترسيخ النظام الديموقراطي البرلماني القائم على احترام الحريات العامة والمساوات في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين”.
ونتيجة لكل هذا المسار، اعتبر الحسيني أن “اتفاق الطائف صنع في لبنان وليس في السعودية. في الطائف توفر الإجماع العربي والدولي، إذ فور الإعلان عنه وقبل إقراره دستوريا، التزمت به جامعة الدول العربية والمجموعة الأوروبية والمجموعة الأفريقية ومجلس الأمن بالإجماع. لكن للأسف اجتياح العراق للكويت سنة 1990 غير المعادلة، عوض أن يكون حل أزمة لبنان هو المدخل لحل أزمة المنطقة، أصبح انهاء الحرب اللبنانية جزءا من الحل لكل مشاكل الشرق الأوسط. لذلك أصبح الفراغ هو سيد الموقف وما زال حتى الآن”.
“محكمة” – الجمعة في 2019/3/1