الحصانة الصحفية/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
إذا كان توقيف الصحفي نتيجة ارتكابه جرماً ملاحقاً عليه في قانون المطبوعات غير جائز، لأنّ التوقيف يتعارض من حيث المنطق مع حرّية التعبير والحرّيات المتصلة بالفكر والكتابة والإعلام بشكل عام، من دون إسقاط حقّ الملاحقة في حال ثبوت الجرم المحدّد بالقدح والذمّ والتشهير والتحقير ونشر الأخبار الكاذبة، إلاّ أنّه لا يجوز لأحد الاعتراض على توقيف الصحفي عند اقترافه جرماً خارج نطاق عمله الصحفي ويعاقب عليه في قانون العقوبات.
وثمّة فارقٌ كبير بين الجرم المرتكب بفعل المهنة وخلال ممارستها، والجرم المرتكب خارج إطارها، ولذلك فإنّ المطالبة بعدم توقيف الصحفي عند ارتكابه جرماً لا يدخل ضمن ممارسة مهنته كأنْ يقتل، أو يسرق، أو يحتال، أو يعطي شيكاً دون رصيد، أو إلى ما هنالك من جرائم وأفعال يعاقب عليها القانون وتقتضي توقيفاً، ليست واقعةً في مكانها القانوني السليم ويجب التعامل مع هذه الحالات بحزم ووفقاً لما ترتضيه مصلحة العدالة الحقّة.
أمّا إذا حصل التوقيف بفعل ممارسة الصحفي واجبه، فهو أمر مرفوض بالمطلق، ولا يجوز أن يفكّر فيه القاضي مهما علا شأنه وكبر وزنه وموقعه، ومن يُقْدم عليه لن يكون بمنأى عن الملاحقة الكلامية في مختلف وسائل الإعلام حتّى ولو كان “عنتر” زمانه، والكتابة ضدّه والتصويب على أخطائه والتشهير بها دون الخروج، طبعاً، عن لياقة التعبير وأصول التخاطب وهي زينة فنّ التواصل مع الإنسان العادي الآخر فكيف إذا كان قاضياً؟!
إنّ الدفاع عن الصحافيين لا يكون بخرق القوانين لإرضائهم عند ارتكابهم جرماً لا يتصل بمهنتهم لا من قريب ولا من بعيد، وإنّما يكون بإسباغ الحصانة المعنوية على عملهم كتسهيل حقّ الوصول إلى المعلومات ونشرها تعميماً للفائدة وتنويراً للرأي العام وصوناً للوطن وشعبه، ويكون أيضاً في تسهيل مهامهم وليس استئصالهم وعرقلة عملهم وإقفال باب الخَبَر عنهم.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 29 – أيّار 2018 – السنة الثالثة)