خاص “محكمة”:الحضانة… رؤية جديدة/الشيخ يوسف علي سبيتي
بقلم الشيخ يوسف علي سبيتي:
سوف يبقى موضوع الحضانة محلّ جدل وسجال بين ناشطي المجتمع المدني، وبعض الأمهات المطلّقات اللواتي يشعرن بالظلم والإجحاف، أو يتعرّضن للإبتزاز، وبين المحاكم الشرعية الجعفرية، حيث إنّ هذه المحاكم تلتزم فتوى بعض الفقهاء التي تحدّد سنّ الحضانة كحقّ للأم بالسنتين للذكر، والسبع سنوات للأنثى.
مقابل هذه الفتوى ما يراه العلاّمة المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله (رض) من أنّ سنّ الحضانة حقّ للأمّ إلى عمر السبع سنوات للذكر والأنثى.
بعيداً عن الفتوى الثانية، ومع تفهّمنا لما تطبّقه المحاكم الشرعية، على اعتبار أنّ هذا الأمر يحتاج إلى اجتهاد جديد، قد لا يستطيع القضاة في المحاكم الشرعية القيام به خوفاً من مخالفة فتوى المرجع الذي يرجعون إليه، مع أنّ أهل الفضل منهم يعلمون أنّ النصوص الدينية حول موضوع الحضانة ليست على نسق واحد، وهذا واضح من خال وجود رأي آخر، قديماً وحديثاً، هناك من يذهب من الفقهاء إلى أنّ حقّ الأمّ بالحضانة ينتهي إلى تسع سنوات، وهناك من كان يرى أنّ هذا الحقّ ينتهي إذا تزوّجت الأمّ.
إذاً، بعيداً عن اختلاف الفتاوى في ذلك، سوف نبقى مع ما تطبّقه المحاكم الشرعية.
لماذا لا يصار إلى وضع هذا الأمر في إطار قانون نضع له بنوداً ومواداً؟ ولا نبقي الأمر في إطار مزاجية الطرفين أو أحدهما، مع ما يحصل أحياناً من إبتزاز من طرف الزوج بربط هذا الأمر بموضوع الطلاق مثلاً، مع أنّ حصول الزوجة على الطلاق، إذا أرادت ذلك وكان الطلاق خلعياً، لا علاقة له بالحضانة، لأنّ بعض الأزواج لا يقبل بالطلاق إلاّ بعد أن يضغط على الزوجة بالتنازل عن حقّ الحضانة، فتقبل الزوجة مرغمة لأنّها أمام خيارين أحلاهما مرّ.
ثمّ إنّ الزوج قد يأخذ الولد بحجّة أنّ حقّ الحضانة قد انتهى والصبي عمره سنتان، وقد يكون الزوج لديه زوجة ثانية، أو أن يضع الولد عند الجدّة. في الحالة الأولى، من يضمن أن تتعامل زوجة الأب مع الولد كأنّه أحد أولادها؟ فضلاً عن أن تعامله معاملة سيّئة، وهذه حالة موجودة، ففي هذه الحالة أليس من الأولى إبقاءه مع الأمّ حفاظاً على وضعه النفسي؟.
وفي الحالة الثانية، هل تستطيع الجدّة أن تقوم برعاية حفيدها وتربيته مرّة ثانية بعد أن قامت بتربية أبيه؟ هل تملك القدرة النفسية والجسدية لإعادة التربية؟ هل تملك الوقت لذلك مع وجود أولادها الذين قد يحتاجون إلى رعايتها واهتمامها؟ وهذا يحتاج إلى دراسة كلّ حالة بشكل منفرد.
أيضاً إذا سافر الزوج وأخذ الولد معه، هل من حقّه حرمانه من أمّه لسنوات طويلة؟ ألا يمكن إيجاد آلية لعدم الوقوع في محذور الحرمان الطويل أو المستمرّ، بالإضافة إلى أنّ الزوج عادةً يكون خارج المنزل لساعات طويلة، فلا وقت لديه للحضانة، وهو سوف يعطيه إمّا لأمّه أو لعمّته.
وبالمقابل إذا أخذت الأمّ حقّ الحضانة، يجب أن يكون هناك بند في القانون المقترح أنّ الأب له حقّ الرؤية، وحقّ الولاية، بمعنى أنّ حقّ الحضانة لا يتعارض مع حقّ الولاية، فلا يحقّ للأمّ التصرّف بالقضايا الأساسية التي لها علاقة بالتربية والتعليم من دون مشاورة الأب وأخذ رأيه.
والنتيجة، لا أرى مانعاً من وضع قانون في دائرة الحقّ المعمول به في المحاكم الشرعية يلحظ الحالات التالية:
1- إذا كان الأب متزوّجاً، فالأوْلى تركه مع أمّه.
2- إذا أراد الأب أن يبقيه مع الجدّة أو العمّة، إذا كان لديه ساعات عمل طويلة، أو لأنّه عادة يفعل ذلك بغضّ النظر عن ارتباطه بعمل أم لا، فالأولى تركه مع أمّه.
3- إذا أراد الأب السفر وأخذ الولد معه، فلا بدّ من ملاحظة مصلحة الولد، أن يسافر مع أبيه، أم يبقى مع أمّه، وفي الحالة الأولى، لا بدّ من ملاحظة حقّ الأمّ ولو بالعطلة الصيفية، أن يبقى معها طوال هذه الفترة.
4- إنّ الأبّ هو المسؤول الأوّل والأخير عن النفقة على الولد، وإنْ أخذت الأمّ حقّ الحضانة.
5- إنّ الأب هو المسؤول عن القضايا الأساسية التي يحتاجها الولد على المستوى التربوي والتعليمي، فلا يحقّ للأمّ التصرّف إلاّ بعد مشورة الأب.
6- عدم ربط موضوع الحضانة بالطلاق، إذا كانت الزوجة هي التي تطلب الطلاق.
(نشر في “محكمة” – العدد 19 – تموز 2017).