مقالات

دور “الموارنة” في بناء الشرائع والقوانين والقضاء في دولة لبنان منذ ١٧٠٠ سنة/سميح صفير

القاضي الدكتور سميح صفير:
في مناسبة عيد القديس مارون،
بعد التبريك،
أذكر دور أبناء “مارون” في بناء القانون والقضاء في لبنان:
المحطّة الأولى:
في القرن الرابع ميلادي، اعتماد ” الديدسقلّي” “Didascale” وهي مجموعة من الشرائع والقوانين الرومانية معطوفة على تعاليم آباء الكنيسة الأولى، في اللغة السريانية، ونشرها في سوريا، وذلك قبل ظهور الإسلام؛
المحطّة الثانية:
في القرن السابع ميلادي، مع البطريرك الأوّل يوحنا مارون وابراهيم القورشي (الذي أعطى اسمه لنهر ابراهيم)، بدء المجيء إلى جبال لبنان، وتبشير الشعوب الوثنية فيه إلى المسيحية، واعتماد كتاب ” السرياني – الروماني” “Livre syro- romain” وهو مجموعة قوانين سريانية رومانية عن الامبراطور قسطنطين Constantin الروماني وتيودوز Théodose في جبل لبنان، في اللغة السريانية؛
المحطّة الثالثة:
في القرن الحادي عشر ميلادي، اعتماد ” كتاب الهُدى” “Livre de la direction” في القانون وكدستور للجماعة المارونية، ويغلب عليه الشرع الروماني، في اللغتين السريانية والعربية؛
المحطّة الرابعة:
في القرن الثالث عشر، اعتماد كتاب “ابن العسال” “Nomocanon d’ibn el assal”، شرائع وقوانين رومانية، بعد مغادرة الحملة الأوروبية (الصليبيين)، في اللغات: سرياني – عربي – لاتيني؛
المحطّة الخامسة:
في القرن الثامن عشر، اعتماد كتابي: ” مختصر الشريعة” “L’abrégé de la loi” و” الفتاوى” “El fatawa” للمطران الماروني الحلبي عبدالله القراعلي، وشكّلا قوانين جبل لبنان في المواضيع كافة، وهما من الشرع الروماني والتقليد الكنسي، في اللغة العربية، وكان مسلمو لبنان يستندون إليهما لغزارة العلم القانوني؛
المحطّة السادسة:
في القرن التاسع عشر ميلادي، بناء أوّل معهد لتعليم الحقوق في لبنان، وهو معهد الحكمة في بيروت، عام ١٨٧٠، قبل إنشاء كلّية الحقوق “اليسوعية” في العام ١٩١٣، وكان الأوّل والوحيد في الشرق، ومنذ مدرسة بيروت الرومانية القديمة الذي يدرّس الشرع الروماني في اللغة العربية مقارنةً بالشريعة الاسلامية، وهو تابع لمطرانية بيروت المارونية؛
المحطّة السابعة:
عام ١٩١٩ إنشاء دولة لبنان على يد المكرَّم البطريرك “الحويك”، وبتفويض من جميع اللبنانيين،، بعد الإبادة/ المجاعة، ودوره في وضع صكّ الانتداب الفرنسي والبند ٦ منه حول إنشاء النظام القضائي في دولة لبنان، والسعي إلى سنّ القوانين اللبنانية في غالبيتها باللغة الفرنسية، بجذور رومانية/ فرنسية/ أوروبية، والتي لا تزال مطبّقة حتّى اليوم؛
المحطّة الثامنة:
في القرن العشرين، إنشاء ٣ كلّيات لتعليم الحقوق والقانون اللبناني وتزويد دولة لبنان بخيرة الرجال:
١- معهد الحكمة لتعليم الحقوق، التابع لأبرشية بيروت المارونية، إعادة إطلاقه بعد توقّفه مع إنشاء كلّية الحقوق “اليسوعية”،
٢-كلّية الحقوق التابعة للرهبانية اللبنانية المارونية، الكسليك،
٣- كلّية الحقوق التابعة للرهبانية الحلبية المارونية، اللويزة،
وجميعها أعطت للبنان العديد من رجالات القانون في القضاء والمحاماة،
ونذكر الدور الرائد للموارنة إلى جانب الفرنسيين وغيرهم في إنشاء كلّية الحقوق في الجامعة اليسوعية، كتقدمة الأرض والكتب والمخطوطات.
هم الذين سكنوا الجبال والوديان وعانوا الويلات والاضطهادات ليحافظوا على الإيمان المُستقيم، والعيش المشترك، ولبناء دولة الحقّ والقانون والعدالة منذ فجر التاريخ، (مثّلث الرحمات البطريرك مار نصرالله بطرس صفير)؛
ومنذ العام ١٩٠٨، لحظة افتتاح مزار “حريصا”، تكرّس لبنان إلى “قلب مريم الطاهر”، وكانت النتيجة إنشاء دولة لبنان وانتصار شعبه على الرغم من محاولة إزالته من الوجود؛
وفي العام ١٩٢٢ تكرَّس لبنان إلى “قلب يسوع الطاهر”، فلا تخافوا على زواله مهما اشتدت “قوى الظلام” “Les forces des ténèbres”، فالرجاء، فضيلة إلهية، و”العادل”، من أسماء الله الحسنى.
ومن ذكر الله بفضله كالقديس الناسك “مارون” زاده الله من فضله وحماه، وأعطاه أن يشهد للحقّ ويعيشه كما شَهِدَ ربّ المجد وعاشه وقال: “أنا هو الطريق والحقّ والحياة”.
“محكمة” – الخميس في 2023/2/9

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!