“الدستوري” أنصف القضاة فهل ينصف”بي الكلّ” العسكريين المتقاعدين؟/سامي الرماح
العميد المتقاعد سامي الرماح:
فخامة رئيس البلاد العماد ميشال عون المحترم،
قرأنا ما تفضّلتم به أخيراً حول دعوتكم رؤساء المؤسّسات القضائية للتحلي بالنزاهة، وهذا كلام عظيم، لكن تطبيقه أعظم. سؤالي لفخامتكم: لو أن أحد القضاة أو إحدى المؤسّسات القضائية لم تلتزم بقسمها وبما أقسمتَ عليه منذ ثلاث سنوات فماذا ستفعل وكيف ستحاسبها؟
بين أيديكم فضيحة قضائية طازجة وربما يكون تصرفكم إزاءها مصداقاً لما أقسمتم عليه، وإليك التفاصيل:
فخامتك تعرف أن وظيفة المجلس الدستوري هي أن يبتّ في دستورية المواد. لكن هذا المجلس، وهو إحدى المؤسسات القضائية التي لكم فيها حصة وازنة برئيسه أو ببعض أعضائه، قام بمخالفة واضحة لما أقسمتم عليه وتجاوز صلاحياته بشكل خطير. وسؤالي لفخامتكم هو:
1- هل اطلعتم على قرار المجلس المتعلق بالطعن المقدم من العسكريين المتقاعدين والقضاة في الموازنة؟
2- هل أخبرك مستشاروك بأن المجلس وقع في مغالطة تصل إلى حد الفضيحة عندما أعلن أن ضريبة الدخل المفروضة على المتقاعدين غير مؤتلفة وغير منسجمة مع الدستور لمخالفتها مبدأ المساواة بين المواطنين، ومع ذلك أبقاها ولم يسقطها، وذلك “حرصاً على الإنتظام المالي العام والمالية العامة”، ونصّب نفسه مدققاً مالياً ومراقباً لعقد النفقات، وتجاوز حد السلطة المناطة به وطلب من المجلس النيابي تصحيح الخلل الناجم عن عدم المساواة في موازنة 2020. إلا أنه في الوقت نفسه أسقط المادة 26 المتعلقة بالقضاة لجهة إستيفاء رسوم الميكانيك والتسجيل بغية إعفاء القضاة من هذه الرسوم خلافاً لمبدأ المساواة مع غيرهم من المواطنين؟
3- هل أخبرك مستشاروك أن المجلس أسقط المادة ٢٧ لأن القضاة طعنوا بها لأنها تحرمهم من وضع حرف J على لوحات سياراتهم، وفي هذا ضرب للمساواة مع بقية السلطات والمواطنين؟
4- هل أخبرك مستشاروك أن المجلس قَبِل طعن القضاة بالمادة 81 التي تمنع تقاضي الموظفين إضافات مالية تفوق ٧٥٪ من حقوقهم السنوية وأبقى على تعويضات القضاة في المجلس الدستوري والمحاكم المدنية والدينية مفتوحة بما يرهق خزينة الدولة التي حرص عليها القضاة عندما درسوا ضريبة الدخل على المتقاعدين؟
5- هل أخبروك بالفضيحة الكبرى حول إسقاط المادة ٨٤ التي تمنع الجمع بين راتبين من المال العام وتقاضي تعويضات تصل إلى عشرين ضعفاً إلى حد 13 مليون ليرة أي 20 ضعف الحد الأدنى للأجور؟
6- وهل أخبروك بأن المجلس أسقط المادة ٨٩ التي تمنع إنتداب القضاة إلى ملاكات الإدارة ومؤسسات الدولة العامة وتقاضي تعويضات خيالية في وقت يرزح القضاء تحت نقص رهيب في أعداد القضاة بما ينعكس على سير العمل القضائي؟
7- وهل أخبروك بأن الإبطالات التي أنجزها المجلس تشكل عبئاً كبيراً على مالية الدولة في حين أبقى المادة المتعلقة بالضريبة المفروضة على طبابة العسكريين المتقاعدين والضريبة على معاشاتهم التقاعدية رغم اعترافه أنها غير منسجمة وغير متآلفة مع الدستور؟
8- عندما يعترف المجلس الدستوري بأن المواد الموجودة في الموازنة والتي تضرب حقوقنا غير مؤتلفة مع الدستور، ويرمي كرة النار على المجلس النيابي والحكومة طالباً منهما تصحيح الخلل في موازنة 2020 فهل هذا من صلب عمله؟ واذا سلمنا جدلاً ان هذا من صلب عمله، فأين يُصرف هذا الطلب؟ ومن يجبر الحكومة والمجلس على تصحيح الخلل؟
فخامة الرئيس: عندما يقوم أحد الأولاد في الضيعة بعملٍ شائن يذهب المتضررون إلى أهله للشكوى عليه، وإذا لم ينفع ذلك يقصدون “أوادم الضيعة” علَّهم يحصّلون حقهم. نحن ظلمنا من قِبل الدولة فذهبنا إلى المجلس الدستوري، وإذا به يقع في مغالطات فادحة وكارثية تشكل نقطة سوداء فيي سجلّه، فظلمنا وقَبِلَ طعن القضاة. وبما أن قرارات المجلس “إلهية” ولا يمكن الشكوى عليه قررنا اللجوء الى “أوادم الضيعة”، وهم في هذه الحال فخامتكم “بي الكل”، فهل تنصفنا؟
(نشر هذا المقال اليوم في جريدة “الأخبار”)
“محكمة” – الاثنين في 2019/9/23