السلطة الدستوريّة/جمال الحلو
القاضي م جمال الحلو:
يُحكى في خبايا الزمن وخفايا المحن أن أحد الخلفاء أستشهد برجل في دعوى له، فرفض القاضي شهادته، فغضب الخليفة وعاتب القاضي مستفسرًا، فأجابه القاضي:
سمعت هذا الشّاهد بالأمس يقول لك: أنا عبدك، فإن كان صادقًا فلا تقبل شهادة العبد، وإن كان كاذبًا فلا تقبل شهادة الكاذب.
حضرة السّادةِ القضاة:
سلامٌ مطيَّبٌ بنسائمِ العدالةِ.
قيل في السّابق:”مَن وُلّي القضاء فقد ذبحَ بغيرِ سكين”.
وقال النّبيُّ العربيُّ:”القضاةُ ثلاثةٌ؛ قاضٍ في الجنّةِ وقاضيان في النارِ”.
وقد جاءَ في الكتابِ المقدّسِ:”فمن خلالِ ملكوتِ الله، سيتحقّقُ العدلُ في كلِّ الأرض”.
نحن مع تنقيةِ القضاءِ من الشّوائبِ، والقُضاةُ المُسيئون لرسالتِهم قلّةٌ، والغالبيّةُ من القضاةِ هم فخرُ العدلِ والعدالةِ ويتميّزون بالحسِّ العالي من المسؤوليّةِ المُلقاةِ على عاتِقِهم، ويتّصفون بالنزاهةِ والعلمِ والفهمِ بما يتلاءمُ مع منطقِ العدالةِ وحسنِ تطبيقِ القانونِ.
ففي البلدانِ المتقدّمةِ، للقضاءِ الحيّزُ الأكبرُ من الاهتمامِ، ولن ننسى ما قاله تشرشل عن القضاءِ البريطانيِّ إبّانَ الحربِ العالميّةِ الثّانيةِ: “إذا كان القضاءُ بخيرٍ يكونُ الوطنُ بخيرٍ”.
فلنحافظْ على هذه السّلطةِ الدّستوريّةِ ولنقوِّ بنيانَها وندعم أُسسَها.
وعليه، فلنتكاتف جميعًا من أجل التّأكيد على ضمان حقوقِ القضاةِ ومكتسباتِهم، وعلى التّقديماتِ المادّيّةِ والمعنويّةِ والاجتماعيّةِ بما يليقُ بتعزيزِ الحصانةِ القضائيّةِ، ودعمِ الصندوقِ الذي يؤمِّنُ الطبابةَ والتّعليم. وبعد ذلك كلّه فليُحاسَب المسيء وليُثاب المُحسن لنفسه وللعدالةِ على حدّ سواء.
ولكي نعرفَ الوطنَ السّليمَ المعافى فلننظرْ إلى قضائِه، فإذا كان القضاءُ بخيرٍ، فإنّ الوطنَ والبلدَ كلّه بخيرٍ. وليسمع القاصي والدّاني، إنَّ للعدالةِ اليدَ الطولى في تحقيقِ العدلِ والاستقرارِ على كلّ الصُعدِ والمستويات الحياتيّة والبنيويّة والاقتصاديّة والأمنيّة والاجتماعية والتّربوية والصّحية والنّفسية.
“فالعدل أساس الملك”!
“محكمة” – الجمعة في 2024/1/19