السيّدة المتهمة بخطف إبنها تروي لـ”محكمة” من خلف القضبان حقيقة ملاحقتها: هذا ما قاله القاضي لي
خاص “محكمة”:
“لا أريد أن أخسر عيني. لا يمكنني أن أعيش بعين واحدة. لا تحرموني من أن أحيا حياة طبيعية كسائر أقراني. لا تقتلوا فيّ الأمل. إفعلي المستحيل لأجلي أمي”
لو كان طفلي يتكلم، لكان قال لي هذه الكلمات. هذا مؤكّد. هذه هي جريمتي. أنا أم تكلمت بلسان طفلها ذي العام وأربعة أشهر.
حضرة السيد علي الموسوي المحترم،
أشكر اهتمامك وإنسانيتك وتعاطفك مع قضيّتي. نعم هي قضيّة وليست ملفاً. قضيّة أمّ تتمسّك بالأمل لأجل طفلها. حقّه بالأمل في أن يشفى وأن يحيا بعينين إثنتين. حقّه في أن لا يستسلم لرأي طبيب مهما علا شأنه. حقّه في أن يستشير طبيباً واثنين وعشرة وعشرين قبل أن يفقد الأمل.
سيّدي العزيز،
أودّ من خلال صفحتك أن أتوجه إلى كل إنسان أولاً، وإلى كل أب وأم ثانياً، لأسألهم: هل إذا نصحك بروفسور في أحسن مستشفيات المدينة باستئصال عينك، تتوجه مباشرة إلى إجراء العملية؟ أو أنك تستشير غيره وغيره، حتى إذا أخبرك طبيب آخر غير معروف بأنك لا تحتاج أبداً لاستئصال عينك بل يلزمك علاج لذلك، فهل إنك لا تتمسك بهذا الطبيب لأنه أقل درجة من بروفسور؟؟
أعرف الجواب لدى الجميع وهو أن أعضاءنا عزيزة علينا جميعاً ولا بل من المستحيل أن نتخلى عنها ببساطة.
أنا اليوم متهمة بخطف طفلي. ورغم أنهم حاصروني وأخذوه مني إلا أنني لا زلت أقبع في السجن منذ ستة أشهر وتزيد. وإليكم القصة.
منذ حوالي ثلاثة أعوام، أكد لي مركز سرطان الأطفال أن طفلي يعاني من ورم في عينه وأنه عليه أن يتابع علاجاً كيميائياً مكثفاً، وأن شفاءه أكيد بنسبة 95%، وهو لا يحتاج إطلاقاً لاستئصال عينه فوافقت. وخلال مدة العلاج، طلب مني في المركز الموافقة على إجراء الأبحاث على حالة طفلي فرفضت. وهكذا كان الطفل يتحسن في كل مرة إلا أنه وبعد علاج دام ستة أشهر طلب الأطباء تجديد العلاج لثلاثة أشهر، بعدها هنأوني بسلامته وأكدوا شفاءه تماماً.
لكن وفجأة وبعد مرور سبعة أشهر، قرر المركز أنه علينا إجراء عملية عاجلة لإستئصال عين الطفل لأن المرض سوف ينتشر ويمتد إلى عينه الأخرى ومن ثم إلى رأسه، لكني توجست خيفة من الأمر فقد أكدوا لي سابقاً أنه لا يحتاج إطلاقاً لهذه العملية وأن نسبة نجاح العلاج 95% ولم أعد أثق بالمركز، فرفضت بشدة هذا الأمر. وقررت عرضه على أطباء آخرين. وبالفعل فقد أكد لي أكثر من طبيب أن إبني لا يحتاج إلى هذه العملية.
لكن والده (زوجي) الذي كان مسافراً في أستراليا طيلة فترة علاج الطفل، حضر مباشرة إلى لبنان وقرر إجراء العملية ولم يستمع لي وبدأ بتقديم الدعاوى ضدي. وبعد تدخُّل رئيس بلدية الضيعة، قررنا أخذ الطفل إلى عدة مستشفيات لعرض حالته. وبالفعل طلب زوجي أن نجري فحوصات أولاً في مركز متخصص بسرطان الأطفال على أن نذهب إلى “أوتيل ديو” في يوم آخر. وفعلاً حضرت مع طفلي إلى المركز وكان زوجي يحمله، فتقرّر أو كان مقرّراً كما يبدو إجراء العملية في هذا اليوم. فانتشلت طفلي وركضت نحو الباب وحاول زوجي أخذ الطفل مني، لكن رجل الأمن نهره وطلب منه أخذه في المنزل لأني لا زلت زوجته. فتقدّم زوجي بادعاء ضدي بخطف الطفل بالقوة وادعى على أهلي، وبالطبع لم أحضر الجلسة خوفاً على طفلي أن يتضرر من العملية. فأصدرت قاضية التحقيق(…) مذكرة توقيف غيابية بحقي وطلبت إحالتي أمام محكمة الجنايات بالمادة 395ع.
وبعد توقيفي، تقدّم زوجي بادعاء آخر ضدي بجرم التسبب بإيذاء طفلي بالإمتناع عن علاجه وقدم تقريراً يثبت أن المرض منتشر في رأسه. وهو أمر مستغرب، فطيلة سنتين كان الطفل بحالة جيدة جداً معي رغم أن المركز أكد لي قبل نحو سنتين أنه في حال لم تُجرَ العملية فإن المرض سينتشر سريعاً في رأس الطفل!!!
وبعد سنتين، يأتي زوجي والمركز ليقولوا إنّ المرض منتشر وإنّ حالته صعبة وهو أمر مستغرب جداً!!!
إلّا أنّه وبالرغم من ذلك فقد قرر قاضي التحقيق ج. ع. تركي فوراً واستغرب إصرار المدعي على توقيفي وقال له بالحرف الواحد: “حتى لو جبتلي هي موقوفة مرة وتنين وعشرة لأنها خاطفة إبنها بس أنا رح إتركها بكل مرة لأنو اللي عملتو طبيعي وأي أم وأي أب بيعملوا متلها!”
وهنا أسأل لماذا يصر القاضي(…) ومحكمة الجنايات على توقيفي ولماذا يرفض تخلية سبيلي؟ فالجرم الذي أُلاحق به أمامه هو خطف إبني بالقوة ولا وجود لأي دليل في الملف على القوة المستخدمة!!!
وأخيراً أطلب منك سيد علي سؤال محكمة الجنايات بالنيابة عني وعن طفلي: لماذا يصرّون على إبعادي عن طفلي وإبقائي رهن التوقيف لا بل رهن الإعتقال؟؟ وأشكرك سلفاً وأتشرّف بالتعرّف إليك عن قرب.”
“محكمة” – السبت في 2022/11/26