“الشعب يريد إصلاح النظام”: تعميم عويدات مخالف للقانون!
صدر عن الدائرة القانونية في مجموعة”الشعب يريد إصلاح النظام” البيان التالي:
“أصدرَ مؤخراً حضرة النائب العام لدى محكمة التمييز تعميماً حمل الرقم ١١٧/ص/٢٠٢٠ توجّهَ بهِ إلى القضاة المنفردين وقضاة التحقيق ليعلمهم بموجبه بوجوب الإحالة للنيابة العامة الشكاوى المباشرة فورَ ورودها إليهم وقبل اتخاذهم أيّ إجراء فيها متى ما كانت مقامة ضدّ أيّ شخص يحوز صفة الموظّف العام بمفهوم المادة ٣٥٠ عقوبات واعتبارها حسب رأيه بمثابة “إخبار”.
إنَّ الدائرة القانونية التي تستهجن بشدّة هذا التعميم وترى فيه أنّ النائب العام التمييزي قد نصّبَ نفسه مجلساً للقضاء الأعلى واختزله بشخصه، تجزم بأنَّ هذا التعميم مخالف بصورة صارخة للقانون، إذ لا يحقّ إطلاقاً للنائب العام التمييزي إصدار تعاميم لقضاة التحقيق (سلطة الظنّ) أو لقضاة الحُكم (سلطة الأساس)، بل فقط للنيابات العامة (سلطة الملاحقة) باعتبار أنَّ النائب العام التمييزي يُمثِّل فقط الحقّ العام المؤتمنة عليه النيابات العامة الذي هو رأس الهرم فيها والتي هي دون أدنى شَكّ خصم أساسي في الدعوى المقامة لدى القضاة المنفردين أو قضاة التحقيق وبالتالي ليسَ للخصم سُلطة تعميم على القاضي الناظر بالدعوى يملي عليه فيهِ ما يجب أن يفعله في الشكاوى المباشرة المقدّمة أمامهُ تحتَ ذريعة صفة الموظّف العام أو غيرها منَ الأمور، وخاصةً أنَّ المشترع الإجرائي أوجدَ الدفوع الشكلية لمِثل هذه الحالات بما فيها الدفع بعدم القبول أو عدم السير بالدعوى لهذه العلّة حيثُ يُصار إلى البتّ بها من قِبَل القاضي الناظر بالدعوى بعدَ الوقوف على جواب الخصوم بما فيهم النيابة العامة كخصم أصيل يُمثِّل الحقّ العام وسلطة الملاحقة التي لا يحقّ لها قبل ذلك طلب إحالة الشكوى المباشرة إليها لتقرير مصيرها وذلك عملاً بمبدأ الفصل بينَ سلطات الملاحقة والتحقيق والحكم وإعمالًا أيضاً لأحكام المادة ٦٩ من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي فقط توجب على قاضي التحقيق الواضع يدهُ على الشكوى المباشرة باستطلاع رأي النيابة العامة قبلَ مباشرة التحقيق فيها دونَ التقيّد برأيها إذا تضمّنَ رفض السير بالدعوى السابق تحريكها بالادعاء الشخصي، والأهمّ لا وجوب إطلاقاً لمِثل هذا الإلزام قانوناً على القاضي المنفرد الجزائي الذي كرَّسَ لهُ القانون حقّ مباشرة إجراءاتهِ بالشكوى المباشرة دون حتّى استطلاع رأي النيابة العامة بشأنها لكونهِ يُمثِّل قانوناً خلال مرحلة تأسيسها الحقّ العام وبدليل عدم إلزام المشترع الإجرائي لهُ بهذا الإستطلاع قبلَ السير بها في أيّ نصّ من نصوصه على الإطلاق.
كما أنّهُ ما يُثبِت بشكل قاطع عدم قانونية تعميم النائب العام التمييزي ودحض حجّته القانونية هو القانون الناظم لأصول المحاكمات الجزائية وتحديداً نصّ المادتين ٦٨ و١٥٥ منهُ واللتين لم تجعلا بتاتاً من الشكوى المباشرة -المقدّمة إلى قاضي التحقيق أو تلكَ المقدّمة إلى القاضي المنفرد- بمثابة إخبار إلاَّ في حالتيّ عدم دفع المدعي للسلفة المعجّلة أو عدم اتخاذه صفة الادعاء الشخصي وليسَ كما اجتهدَ مخطئاً النائب العام وفي معرض النصّ الواضح، حيثُ لا مجال قانوناً للإجتهاد على الإطلاق في هذه الحالة.
إنّ الدائرة القانونية التي أثارَ حفيظتها هذا التعميم الباطل يساورها الشكّ في أن يكون الهدف منه تدارك الأمور قبل بدء موعد الجلسة الأولى لمحاكمة حاكم مصرف لبنان أمام القاضي المنفرد الجزائي في بيروت إستناداً إلى شكوى مباشرة قدّمتها هذه الدائرة والتي تجزم بعدم انطباق صفة الموظّف العام عليه لعشرة أسباب قانونية قاطعة ستفصِّلها في حينه.
وعليه، تلتمس الهيئة من السادة القضاة المنفردين وقضاة التحقيق عدم التقيّد بالتعميم لبطلانه القانوني من جهة أولى ولتوجيهه إليهم من غير ذي صفة بالنسبة لهم من جهة ثانية وهي في هذا الصدّد تثني على إرادة كلّ قاضٍ شجاع حرّ لا يلتفت سوى للحقّ والقانون والعدالة المولج حمايتها ووضع حدّ لكلّ محاولة التفاف عليها بلعبة حصانات وهمية.”
“محكمة” – الخميس في 2020/8/20