الشيخ حسن مرمر كان ضمانة لكلّ متقاض/حسن الشامي
القاضي حسن الشامي:
رحل عن هذه الدنيا، القاضي الشرعي الجعفري الشيخ حسن مرمر، بعد معاناة مع مرض خبيث أصابه فقط قبل ستّة أشهر.
من حقّه عليّ أن أخبر الجميع، بصدق تام خال من أيّ مجاملة:
الشيخ حسن مرمر واحد من أنزه وأكفأ القضاة الشرعيين. عصامي إلى أقصى الحدود وفي أصغر التفاصيل.
أزعم أنّه ممن لم يقبل هديّة في حياته، وممن لم تنفع معه “واسطة” مهما كان مصدرها.
عرفته منذ زمن كصديق، وعن قرب منذ أن تولّيت مهامي كمفتّش في المحاكم الجعفرية، كان من أوائل من التقيت بهم بحكم الجيرة في المكاتب، لفتني أنّه صريح، شجاع، لا يعرف النفاق له طريقًا…ولا يملك أدنى ذرّة من موهبة التملّق، وهذا ما زاد إعجابي به.
لكنّه في ذات الوقت متواضع، صاحب منطق، من أهل العلم فعلًا.
زرته في المستشفى بعد تشخيص مرضه..أقسمت بعدها ألاّ أفعل.. لم أتحمّل رؤية هزالة جسمه.. ولا سماع تأوّهاته من الألم.
أعرف عن كثب كيف كان يحمل هموم عائلته وهو الذي لم يترك لهم شيئًا..أعرف أنّه في إحدى المرّات أحرقوا سيّارته انتقامًا أمام مبنى محكمة الشيّاح، فلم يحرّك ساكنًا..والأهمّ: لم يطالب بتعويض.
كسبته المحكمة العليا مستشارًا وركنًا فيها، بعدما تنقّل بين محكمتي الشيّاح وبيروت.
أشهد أنّه من الضمانات لكلّ متقاض.
أشهد أنّه كان من الصالحين..إذا كان يحقّ لمثلي أن يقول ذلك.
لكنّها كلمة حقّ في ليلة رحيله.
وداعًا أيّها الطيب، العادل العامل.
سبحان الله: قدر من هم على سيرتك أن يخسرهم أهلهم، أن يخسرهم الناس، أن يخسره زملاؤه الذين يشهدون له جميعًا.
إلى جنان الخلد.
“محكمة” – الجمعة في 2021/2/5