الطعن بعدم التطرّق إلى طلب شطب العبارات المسيئة ومراعاة مهلة اصدار الحكم/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الناظرة في دعاوى الايجارات والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري عدة نقاط تتعلق بطلب المستأنف فسخ الحكم المستأنف الذي لم يتطرق الى مسألة شطب العبارات المسيئة بحقه، فاعتبرت ان العبارات لم تتضمن اي اساءة بحق المستأنف وانه على فرض الاخلال بتلك الاحكام فهو يشكل موضوع مساءلة مسلكية ويعود امر البت به لنقابة المحامين.
كما بحثت في طلب المستأنف فسخ الحكم المسـتأنف لعدم مراعاة مهلة اصدار الحكم المحددة بستة اشهر، وكذلك لعدم ذكر الحكم اسباب الدفاع والدفوع المطالب التي تقدم بها بداية.
وقضت برد هذين السببين بتعليل مفصل.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2017/1/5:
خامساً: في الاساس
حيث ان الدعوى الراهنة المقدمة من المستأنف عليهم ورثة المرحوم ح. د. ترمي الى الزام المستأنف المحامي (…) باخلاء المأجور الكائن في الجهة الشرقية من الطابق الرابع من البناء القائم على العقار رقم /703/ الرميل لانتهاء مدة الاجارة المحددة في العقد الموقع بين هذا الاخير ومورثهم بتاريخ 2001/8/20 كما والزامة بدفع البدلات المستحقة وتلك التي ستسحق لغاية الاخلاء الفعلي.
وحيث ان الحكم الابتدائي قد انتهى الى قبول الدعوى في شقيها المذكورين.
وحيث ان المستأنف يطلب فسخ الحكم المذكور لمخالفة الاصول وقانون تنظيم مهنة المحاماة لعدم تطرقه الى مسألة شطب العبارات المسيئة بحقه الواردة في الاستحضار الابتدائي، والمتمثلة بـ “ومنذ ذلك التاريخ امتنع المدعى عليه (المستأنف) عن تسديد بدلات ايجار المأجور الجديد بتواريخ استحقاقها وقد وصلنا منه لغاية تاريخه ما مجموعه فقط /2500/د.أ. آخرها كان بتاريخ 2004/7/19 بعد ان تذرع بالضائقة المالية وبأسباب واهية، وبتاريخ 2004/8/30 اي تاريخ انتهاء مدة عقد الايجار لم يسلم المدعى عليه المأجور رغم مطالبتنا المتكررة له وبشكل يليق بآداب مهنة المحاماة وبالتعامل بين الزملاء.
وحيث ان بحسب المادة /495/ أ.م.م. للمحكمة ان تأمر من تلقاء نفسها او بناء على طلب احد الخصوم بشطب العبارات الجارحة او المخلة بالآداب والنظام العام من اية ورقة من اوراق المحاكمة او ان تكلف من صدرت عنه سحب الورقة التي وردت فيها واستبدالها بورقة خالية من تلك العبارات…
وحيث ان المحكمة، وبما لها من سلطة تقدير في هذا المجال، ترى ان العبارات المشكو منها لم تتضمن اية اساءة او تشهير بحق المستأنف وإنما بقيت ضمن اطار الدفاع المشروع كما انها لم تتعد حدود اللياقة والتهذيب.
وحيث انه على صعيد آخر، لا يعود لهذه المحكمة البت بمدى التزام وكيل المستأنف عليهم (المدعين) بأحكام قانون تنظيم مهنة المحاماة تجاه زميله المستأنف (المدعى عليه) اذ ان هذا الامر-وعلى فرض الاخلال بتلك الاحكام-يشكل موضوع مساءلة مسلكية ويعود امر البت به لنقابة المحامين.
وحيث ان القاضي المنفرد وان لم يبت بهذه الادلاءات صراحة الا انه يعتبر انه ردها ضمناً حين قضى برد كل ما زاد او خالف، فترد اقوال المستأنف المخالفة.
وحيث ان المستأنف يطلب فسخ الحكم الابتدائي لمخالفة احكام المواد /4/ و /498/ و 531/ و /532/ أ.م.م. ان لناحية عدم مراعاة مهلة اصدار الحكم المحددة بستة اسابيع او لناحية التأخر في اصدار الحكم في الموعد المحدد او لناحية عدم اتباع اصول اصدار الاحكام المتأخرة.
وحيث انه لا يجوز للقاضي تحت طائلة اعتباره مستنكفاً عن احقاق الحق ان يتأخر بغير سبب عن اصدار الحكم (م4) ويحدد القاضي عند اختتام المحاكمة موعد النطق بالحكم في مهلة لا تتجاوز ستة اسابيع، وفي حال عدم اصداره في الموعد المحدد يجب عليه تعيين موعد آخر لذلك يبلغ من الخصوم (م498) اي انه اذا اقتضت الحال تأجيل اصدار الحكم مرة ثانية صرح القاضي بذلك في الجلسة مع تعيين اليوم الذي يكون فيه النطق به مع بيان اسباب التأجيل في المحضر (م532).
وحيث انه من الثابت فقها واجتهاداً ان مخالفة تلك الاصول ليس من شأنها ان تعيب الحكم نفسه ولا يترتب عليها اي بطلان ولا يمكن بالتالي ان ينتج عنها اي سبب للطعن بالحكم عن طريق الاستئناف او عن طريق النقض على ان تبين المحكمة اسباب التأجيل.
– د. ح. ا. الوسيط في اصول المحاكمات المدنية، الجزء الثاني، ص 233 وبالفعل فإن القانون لم يرتب البطلان على مخالفة تلك الاحكام هذا فضلاً عن ان تأخير اصدار الحكم وعدم ابلاغ الموعد الجديد لاصداره لا يلحق عادة ضررا بالخصوم لان مهلة الطعن في الحكم الصادر لا تبدأ، وبوجه عام، الا من تاريخ تبليغ هذا الحكم اليهم.
– د. ا. ع. موسوعة اصول المحاكمات، الجزء الرابع، ص 257.
وحيث انه بالعودة الى محضر المحاكمة الابتدائية يتبين ان القاضي المنفرد قد برر تأخير افهام الحكم بكون الملف بحاجة الى مزيد من التدقيق، وقد نظم محضراً لاثبات النطق بالحكم موقع منه ومن الكاتب، فيكون الحكم ولئن صدر متأخراً غير قابل للبطلان لهذه العلة، وترد اقوال المستأنف المخالفة لهذه الوجهة.
وحيث ان المستأنف يطلب فسخ الحكم لمخالفة احكام المواد /7/ و / 365/ و /366/ و /537/ ا.م.م. اذ لم يذكر الحكم اسباب الدفاع والدفوع والمطالب التي تقدم بها المستأنف بدايةً ولم يورد خلاصة اقواله وادلاءاته واغفل البت ولم يبين الاسباب والحجج التي استند اليها.
وحيث انه بمقتضى احكام المادة /537/ ا.م.م. على الحكم ان يتضمن في جملة ما يتضمنه “9-خلاصة ما قدمه الخصوم من طلبات واسباب لها ومن اسباب دفاع او دفوع 10-خلاصة ما استند اليه الخصوم من الادلة والحجج القانونية… ويجب ان يتضمن الحكم ايضاً، تحت طائلة البطلان حلاً لجميع المسائل المطروحة من الخصوم وان يبين الاسباب الملائمة لذلك”، وبحسب المادة /537/ا.م.م. على القاضي ان يفصل في حكمه بكل ما هو مطلوب وفقط ما مطلوب”.
وحيث وان كان النص يوجب ذكر الطلبات والاسباب والحجج فإنه لا يفرض الرد عليها جميعها اذ ان النص لا يوجب على المحكمة الا حل المسائل المطروحة بأسباب كافية للاسناد، بحيث يعد بما يتوصل اليه انه رد ما زاد عنها ضمناً.
وحيث يتبين بالتدقيق في الحكم المستأنف انه وفي تلخيصه لوقائع الدعوى قد اورد المطالب والاسباب والحجج التي قدمها الخصوم بشكل كافٍ ولا يتوجب عليه ايرادها بإسهاب وتفصيل، هذا فضلاً عن انه وفي اطار بته باساس الدعوى قد اعتمد تعليلاً واضحاً ومفصلاً تأييداً للنتيجة التي توصل اليها، بصرف النظر عن مدى صحة هذه النتيجة وقانونيتها، فلا يكون قد خالف النصوص المشار اليها آنفاً فترد اقوال المستأنف المخالفة لهذه الناحية.
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/2/19