الطعن بمرسوم تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات النيابية يكون أمام “الشورى” وليس”الدستوري”
كتب علي الموسوي:
بعد لحظات على إعلان مجلس الوزراء في جلسته في 14 أيلول 2017، تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات النيابية المقرّرة سابقاً في أيّار 2018، سارعت بعض الأصوات إلى إعلاء الصوت تشكيكاً باستقلالية بعض أعضاء هذه الهيئة والحديث عن وجود صلات قربى وعلاقات صداقة و”مونة” بينهم وبين عدد من الرؤساء والمرجعيات والزعماء والوزراء والنوّاب والسياسيين.
وقد يكون هذا الأمر صحيحاً وواقعياً، وهو يتعارض كلّياً مع ضرورات سلامة العملية الإنتخابية وما يسبقها وما يتخلّلها لجهة النزاهة والشفافية، لذلك فإنّ اختيار شخصيات حياديين ويتمتّعون بالإستقلالية التامة ضرورة ملحّة ومطلوبة لإسباغ الطمأنينة على العملية الديموقراطية المنتظرة.
لكنّ هذا الكلام التشكيكي ترافق مع دعوة صريحة إلى وجوب الطعن بمرسوم تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات النيابية أمام المجلس الدستوري من دون أن يعي من الناحية القانونية أنّ هذا التصرّف إنْ ذهب باتجاه المجلس الدستوري وتقديم الطعن به أمامه، فإنّه لن يحقّق المرتجى منه، لأنّ المجلس الدستوري في لبنان، وبكلّ صراحة، غير مختص للنظر في هكذا طعون تمسّ ما يسمّى في القانون العام الهيئات المستقلّة، أو الهيئات ذات السلطة المستقلّة مثل هيئة الإشراف على الإنتخابات النيابية، والمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، والمجلس الإقتصادي والإجتماعي، ولجنة رئاسة بورصة بيروت.
وهذه الهيئات واللجان والمجالس لا تخضع لسلطة المجلس الدستوري على الإطلاق، فاختصاص هذا الأخير محدّد في قانون إنشائه ونظامه الداخلي ومحصور في مراقبة دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوّة القانون، بالإضافة إلى البتّ في النزاعات والطعون الناشئة عن الإنتخابات النيابية، وبالتالي، فإنّ رقابة المجلس الدستوري على هيئة الإشراف على الإنتخابات النيابية منعدمة كلّياً، ولا وجود لها من الأساس.
وتأسيساً على ما تقدّم، فإنّ الطعن بمرسوم تشكيل هذه الهيئة الذي صدر اليوم الجمعة في 15 أيلول 2017، حاملاً الرقم 1385 وتواقيع الرئيسين ميشال عون وسعد الدين الحريري، ووزير المالية علي حسن خليل، ووزير الداخلية نهاد المشنوق، يجري أمام مجلس شورى الدولة، لأنّ هذا المرسوم يعتبر بمثابة القرار الإداري الذي تقدّم مراجعة إبطاله أمام مجلس شورى الدولة حصراً وليس المجلس الدستوري، ولا يمكن لأيّ أحد التذرّع بأنّه من صلاحية المجلس الدستوري.
وإذا ما اعترت طريقة تأليف هيئة الإشراف على الإنتخابات، عيوب ما، أو شوائب ما، فإنّ آلية الطعن بالمرسوم واضحة أمام مجلس شورى الدولة الذي يدرس المراجعة ويرى ما إذا كانت الإدلاءات والنقاط المثارة صحيحة وسليمة أو لا تتوافق والقانون، ويعطي جوابه الحاسم بشأنها سلباً أو إيجاباً.
يذكر أنّ الهيئة المذكورة تشكّلت من القاضي المتقاعد نديم عامر عبد الملك رئيساً، ونقيب المحامين الأسبق في الشمال جورج موراني نائباً له، والأعضاء: رئيس ديوان المحاسبة السابق القاضي عوني رمضان، ورئيس سابق لغرفة في مجلس شورى الدولة القاضي المتقاعد إندره صادر، ونقيب المحامين الأسبق في بيروت نهاد جبر، ومدير عام وزارة الداخلية ثمّ مدير عام الشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية بين العامين 1994 و2005 عطا الله غشّام، والرئيسة السابقة لاتحاد المقعدين اللبنانيين والناشطة الحقوقية سيلفانا اللقيس، والصحافي فيليب أبي عقل، والرئيس السابق لنقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان موفّق اليافي، وكارين جعجع وآردا اكمكجي، وهذان الأخيرن مختصان بأمور متصلة بالإنتخابات إدارة وتمويلاً ودعاية.
ووحده غشّام بين كلّ الأعضاء لدية خبرة طويلة في الإشراف على الإنتخابات النيابية والبلدية بحكم موقعه السابق في وزارة الداخلية، وهو أشرف على الإنتخابات النيابية العامة والفرعية في السنوات التالية: 1995، 1996، 1997، 2000، 2003، 2004، 2005، والإنتخابات البلدية والإختيارية في العامين 1998 و2004.
وسبق أن اختير غشّام وموراني واكمكجي أعضاء في أوّل هيئة للإشراف على الإنتخابات النيابية جرى تعيينها في كانون الأوّل من العام 2008، تحضيراً للإنتخابات التي نظّمت في العام 2009، وهي تشكّلت يومذاك من: القاضي العدلي المتقاعد غسّان أبو علوان رئيساً، والقاضي الإداري المتقاعد إسكندر فيّاض نائباً للرئيس، والأعضاء: القاضي في ديوان المحاسبة حنيفة صبرا، ونقيب المحامين الأسبق في بيروت سليم الأسطا، ونقيب المحامين الأسبق في الشمال جورج موراني، ومدير عام الشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية عطا الله غشّام، والدكتور في الإعلام عماد بشير، وبيار عازار، وآردا أكمكجي، وخليل جبارة.
“محكمة” – الجمعة في 15/09/2017.
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.