العجز عن المحاسبة قضائياً وشعبياً/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
في بلاد الغرب يأتي المسؤول إلى مكان عمله ممتطياً درّاجة هوائية.. يصل بكامل هندامه، لأنّ الطرقات لا تعرف الغبار وليس الأوساخ.. ولا تعبق برائحة مياه المجارير أو بالأحرى الصرف الصحّي كعبارة أرقى.. ويقود بليونة ولا يهرب منها خوفاً من الإرتطام بها أو الإنزلاق عليها..
في لبنان يجيء المسؤول إلى مقرّ “عمله” مستقلاً سيّارة فارهة وفاخرة يزيّنها زجاج داكن، خوفاً من أن تتبلّل ثيابه الغالية الثمن، وخشية أن يرى مناظر الزبالة والحفريات”فينتزع” يومه.
في بلاد الغرب يمنع على المسؤول أن يتصرّف بمال الدولة لحسابه الشخصي.. وإذا ما سوّلت له نفسه فعل ذلك يخسر مركزه ويُحاكم..
في لبنان يذهب مال الدولة إلى جيوب المسؤولين والحاشية.. مستغلّين غياب المحاسبة والمساءلة من الشعب أقلّه، وهو بالإسم، مصدر السلطات وملهمها!
القضاء في بلاد الغرب بخير.. وأقلّه المساواة أمام القانون موجودة، لا بل ركيزة أساسية تجري قُدُماً وتنمو وتنتصر..
في لبنان.. ثمّة هوّة كبيرة بين القضاء والناس، لا يفكّر أحد في معالجتها.. في تضييقها.. في القضاء عليها نهائياً.. لا السلطة، ولا أهل القضاء، ولا الشعب الذي تصدر بعض الأحكام والقرارات باسمه زُوراً وبهتاناً..
إذا ما صدر قرار جريء نكتفي بالتصفيق.. وإذا ما افترق عن تطلّعاتنا وأمنياتنا وأحلامنا والغايات نكيل الإتهامات.
ذات يوم، أحيل أحد المدراء العامين على القضاء بجرم استخدام سيّارة تابعة للوزارة والمديرية وموضوعة بتصرّفه… كان هذا في زمن”النكايات السياسية الموصوفة” وهو مسلسل قلّما يتوقّف عرضه على شاشة الحياة اللبنانية..
ذات يوم، عرفنا أنّ سيّارة وضعت لخدمة المستشار..
هكذا يبقى العجز في الخزينة وفي الموازنة.. وعن المحاسبة أيضاً.
لماذا نرضى بأن نكون عاجزين عن تلبية نداء المحاسبة؟
الإنتخابات النيابية على الأبواب، فلنقرعها بقوّة التغيير لئلاّ نبقى نقرّع أنفسنا بتأنيب الضمير.
“محكمة” – الثلاثاء في 2018/02/13