العطاء بمحبّة وفرح وإنسانية مباشرة/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
في هذه الحياة القاسية والصعبة، هناك عدّة طرق لفعل الخير:
1- فمن فاعلي الخير من يقومون به لا لسبب إلاّ للدعاية والشهرة وحبّ الذات والوصولية دون أيّ سبب آخر.
2- ومنهم من يقومون به للأسباب المعدّدة أعلاه، وفي الوقت عينه من أجل المساعدة. أيّ: عصفوران بحجر واحد.
3- ومنهم من يقومون بأعمال الخير لأنّهم يحبّون ذلك، ولكن لا ضرر من أن يعلم الآخرون بتلك الأعمال.
4- ومنهم من يقومون بها دون أن يعلم أحد ومن دون “طبل وزمر”.
5- إلاّ أنّ من أهمّ أعمال الخير هي تلك التي ترافقها تلك اللمسة الإنسانية لدى فاعل الخير. إذ إنّ على فاعل الخير أو من يقوم بأيّ عمل، أن يضمّنه المحبّة والإنسانية. وكما كنت أردّد دائمًا أمام أصدقائي:
Il faut tout faire avec amour
وبالفعل نسمع كثيرًا أنّ فلانًا ما أن تقاعد حتّى ابتعد عنه الجميع. وأنّ آخر لا يزال محاطًا بالأصدقاء. فلماذا؟ على هذا السؤال أجاب اللواء المتقاعد الصديق سهيل خوري والذي يردّد دائمًا أنّ من يريد أن يتعاطى مع الآخرين أو يخدمهم، عليه أن يفعل ذلك بمحبّة وبتعاطٍ مباشر معهم. أيّ أن يقوم بعمل الخير والخدمة شخصيًا. وهذا ما يعرف أيضًا بالشغل العام.
كتبت عني مرّة المحامية والتي أصبحت كاتبة بالعدل رنده عبود أنّني أحبّ الشغل العام. وعندما اتصلت بها وقلت لها: تقصدين الشأن العام. أجابت: كلّ، أقصد الشغل العام لأنّك تتابع الأمور شخصيًا.
نحن نعلم أنّ هناك حالات من نكران الجميل لدى البعض الذين ما ان يتقاعد الشخص حتّى يبتعدوا عنه. ولكنّ العبرة هي للأكثرية التي تبقى على تواصل معه حتّى ولو تقاعد إنْ بسبب الوفاء أو بسبب التواصل والعلاقة الشخصية بينهم وبين المتقاعد. وفي هذا المجال يقول أحد المتقاعدين إنّه طلب من زوجته التأكّد ما إذا كان خطّ الهاتف معطّلًا بعد أن تقاعد ولم يعد يرنّ.
والعلاقة الشخصية والإنسانية المقرونة بالمحبّة تمتدّ أيضًا إلى معظم القطاعات وليس فقط داخل الوظيفة. وفي هذا المجال يروي نقيب المحامين السابق الشيخ ميشال خطّار، أنّ حالات المرضى في إحدى الدول الغربية كانت تتدهور أحيانًا قبل العملية أو أثناءها أو بعدها. وبعد دراسات متعدّدة اكتشفوا أنّ المريض لا يرتاح قبل أو أثناء أو بعد العملية، وهو لا يعرف شيئًا عنها أو عمن سوف يجريها. فأجبرت المستشفيات الأطباء على الجلوس مع المريض وشرح بعض الأمور له بمحبّة وبهدوء، وتطمينه قدر المستطاع. وعندما طبّقوا هذا المبدأ بدأت النتائج تتغيّر.
وبالتالي، فإنّ أعمال الخير والتعاطي مع الآخرين يجب أن تسودها المحبّة والإلفة والإنسانية. وقديمًا كان المثل المعروف:”لاقيني وما تطعميني” ولا يظنّن أحد أنّ أعماله الخيرية تذهب سدى، بل إنّ الله يعوّض على القائم بها أضعاف الأضعاف. والأفضل أن ترافقها المحبّة والإنسانية والتعاطي المباشر مع الآخرين. إذ ليس أجمل من أن يعطي الإنسان بفرح.
“محكمة” – الأربعاء في 2021/2/10