القاضي حسن الشامي لـ”محكمة”: هنيبعل القذّافي متورّط ونحن مقتنعون بأنّ الإمام الصدر ورفيقيه أحياء/علي الموسوي
أجرى الحوار علي الموسوي:
كشف مقرّر لجنة المتابعة الرسمية لقضيّة الإمام موسى الصدر ورفيقيه القاضي حسن الشامي عن إجراء فحص الحمض النووي(DNA) لجثث منذ شهرين حيث جاءت النتائج سلبية ليتبيّن أنّها ليست للإمام الصدر ورفيقيه، بل تعود لشخصيات ليبية محدّدة، مؤكّداً عدم وجود دليل أو رواية متكاملة على حصول الوفاة، بل هناك روايات دلّت على إمكانية وجود الإمام الصدر في سجن في منطقة سبها حتّى عام 2011.
وقال القاضي الشامي في حديث مع “محكمة” إنّ “التعاون الليبي غير مرضٍ بالنسبة لنا” لأسباب مختلفة منها “عدم الوفاء بالوعود التي أطلقوها بأنّ هذه القضيّة أولوية وطنية لديهم”، معلناً عن ملاحقة بعض المسؤولين الليبيين الذين كانوا في عهد معمّر القذّافي ممن يعيشون خارج بلادهم، لأنّهم متورّطون بعدما جرى اللقاء بهم، “فمنهم من أصرّ على الكتمان، ومنهم من أفصح جزئياً عن بعض المعلومات”.
وجدّد القاضي الشامي التذكير بأنّه التقى الساعدي القذّافي في سجن الهضبة في طرابلس الغرب “وبـدا لا يعرف شيئاً عن القضيّة، بخلاف شقيقه هنيبعل الذي أباح بالكثير وكتم الباقي”، مشدّداً على أنّ هنيبعل يُلاحق بجرمي كتم المعلومات والتدخّل اللاحق في الخطف الذي تورّط فيه بعدما صار مسؤولاً أمنياً في نظام أبيه.
وهنا وقائع الحوار:
• هل من معلومات جديدة في قضيّة إخفاء الإمام السيّد موسى الصدر ورفيقيه؟ وإلى أين وصل التحقيق حالياً؟.
– المعلومات الجديدة في القضيّة لا زالت تتوالى، فنحن نتتبع عدّة مصادر في دول متعدّدة ومن أفراد وأجهزة وحكومات ومنظّمات.
وبكلّ صدق ودون مواربة أؤكّد ما يلي:
أ- ليس هناك أدنى دليل أو قرينة أو شاهد أو حتّى رواية متكاملة على وفاة الإمام ورفيقيه (لا سمح الله).
ب- بالعكس، هناك روايات عدّة، منها التي دلّت على إمكانية وجود الإمام في سجن في منطقة سبها حتّى عام 2011.
ج- لا نخفي شيئاً عن الناس، وكلّ ما أُشيع كان كذباً بكذب، ومن خيال بعض الأقلام أو الأصوات المشبوهة، ولا أحد منهم يعمل بالمجان.
• هل من عراقيل محدّدة في مجريات التحقيق تقف حجر عثرة أمام الوصول إلى الحقيقة؟
إنّ العراقيل تحصل في ليبيا، لعدّة أسباب: هي الأوضاع الأمنية والسياسية المتردّية جدّاً هناك، وعدم فعالية واستمرارية التحقيقات وعدم إكمالها وفق الأصول، وعدم الوفاء بالوعود التي أطلقوها بأنّ هذه القضيّة أولوية وطنية لديهم. وإن كنّا نتفهّم بعض الظروف ونحصر تصرّفات بعض المسؤولين، إلاّ أنّنا نصرّ على تعاون جدّي سريع ومنتج.
• تحدّثت معلومات مراراً عن وجود جثث وجرى نفيها من قبلكم. ماذا حصل بالضبط؟ ومن له مصلحة في زعزعة التحقيق؟.
لم نقم بنفي الإشتباه بجثث، بل أعلنا أنّنا أجرينا فحص الحمض النووي DNA عدّة مرّات، آخرها منذ شهرين بعيداً عن الأضواء وبوساطة دول صديقة أو شقيقة، وكانت كلّ النتائج (Negative) أيّ أنّ الجثث لا علاقة لنا بها، بل إنّها تعود لشخصيات ليبية محدّدة كما تبيّن لاحقاً.
• كيف تصف التعاون الليبي معكم؟ وهل سمح لكم بالتواصل مع كلّ شخصية ليبية ضالعة بجريمة الإخفاء؟
سبق أن قلت إنّ التعاون الليبي غير مرضٍ بالنسبة لنا. وقـد استطعت حضور بعض التحقيقات، ومقابلة بعض الشخصيات في ليبيا تطبيقاً لمذكّرة التفاهم بين البلدين الموقّعة في 14/3/2014. لكنّ الأمور لم تكتمل لديهم للأسف، إذ نتفاجأ دائماً بإيقاف العمل دون مبرّر، ثمّ نعود من جديد.
• ماذا عن المسؤولين الليبيين الذين كانوا في عهد معمّر القذّافي وهم يعيشون خارج بلادهم، هل التقيتم أحداً منهم؟ وهل قدّم معلومات سخية تنير التحقيق أم حصلت تحفّظات معيّنة؟ وكيف يمكن ملاحقة هؤلاء خارج الأراضي اللبنانية؟
لقد التقينا الكثير أو غالبية أركان نظام معمّر القذافي البائد في سائر أنحاء المعمورة، وأذكر منهم: عبد الله السنوسي، وأحمد قذّاف الدم، وموسى كوسا، ونوري المسماري، والريفي علي الشريف، وغيرهم… منهم من أصرّ على الكتمان، ومنهم من أفصح جزئياً عن بعض المعلومات، ومنهم من هو فعلاً متورّط وباشرنا إجراءات ملاحقته في لبنان أمام المحقّق العدلي في القضيّة الرئيس زاهر حمادة، ومنهم من هو مجرّد شاهد، أو مصدر للمعلومات. ونحن عملنا ونعمل على الإستفادة ممّا قالوه، ولكـنْ يجب الأخذ بعين الإعتبار أنّ “لقاءً” ما مع شخصية في منزلها، يختلف عن تحقيقٍ جدّي في مكتب قاضي التحقيق، وهذا أمرٌ معروف.
لـذا، من يقول لنا هنا في لبنان ويكرّر معزوفة: لماذا لم تنتزعوا معلومات من فلان وفلان، إنّما يُطلق شعارات لا منطق فيها، إذ كيف أُجبِرُ “مضيفي” في دولة ثالثة على الكفّ عن الكتمان والكذب؟.
• هل صحيح أنّ لجنة المتابعة إلتقت الساعدي القذّافي كما نشرت بعض وسائل الإعلام؟ وما هي المعطيات التي أفاد بها التحقيق؟.
نعم، إلتقيت أنا شخصياً الساعدي معمّر القذافي في سجن الهضبة في طرابلس الغرب منذ فترة، بناء لطلب سجّانيه، وطلب الإطمئنان المتبادل بينه وبين شقيقه هنيبعل. وتمنّى عليّ التوسّط لدى سجّانيه ليضعوا له شاشة تلفاز ليشاهد مباريات كرة القدم!!.
وبـدا بالفعل لا يعرف شيئاً عن القضيّة، بخلاف شقيقه هنيبعل الذي أباح بالكثير وكتم الباقي.
• قيل إنّ هنيبعل القذّافي موقوف سياسياً بتخريجة قانونية، فهو كان طفلاً عند حصول جريمة الخطف ولا يملك معطيات تفيد التحقيق، كيف تردّ على ذلك؟.
إنّ الكلام عن أنّ هنيبعل “موقوف سياسي بتخريجة قانونية” مردود، بدليل أنّه يُلاحق بعدّة دعاوى من عدّة جهات وأمام عدّة محاكم في لبنان. كمـا أنّه مطلوب في بلاده بجرائم إبادة واختلاس أموال هائلة.
أمّـا أنّه كان طفلاً عام 1978، فمن قال إنّنا نلاحقه بجرم اشتراكه أو تحريضه على الخطف آنذاك؟ هـو يُلاحق بجرم كتم المعلومات، ثمّ تمّت ملاحقته بجرم آخر هو التدخّل اللاحق في الخطف، بعدما تبيّن للمحقّق العدلي تورّطه في ذلك بعد أن شبّ وأصبح مسؤولاً أمنياً في نظام والده حتّى سقوطهم جميعاً عام 2011.
وقـد أدلى بإفادة خطّية من عشرات الصفحات لعدّة ساعات لأكثر من مرّة، فكيف لا يعلم، ولا يكون مفيداً، وليس متورّطاً؟.
وللعلـم أيضاً، هو مُلاحق من طبيب لبناني أمام قاضي التحقيق في بيروت بجرم التحريض على خطف ذلك الطبيب في ليبيا في العام 2016 للضغط على القضاء اللبناني لإخلاء سبيله.
• قيل إنّ المحقّق العدلي القاضي زاهر حمادة إفتعل الإشكال مع هنيبعل القذّافي بغية إيجاد وسيلة قانونية لمواصلة توقيفه بسبب خفوت جرم “كتم المعلومات” المنسوب إليه؟ ما هي الحقيقة في هذا الشأن؟.
لم يفتعل المحقّق العدلي أيّ إشكال، وهذا ثابت بالمحاضر الخطيّة والشهود. بالعكـس، وكلاء هنيبعل المتلاحقون هم من قدّموا دفوعاً شكلية وطلبات نقل، أنتجت تجميد الدعوى لأشهر طويلة، وهذا ما أدّى إلى تأخّر استكمال التحقيق معه، والذي تبيّن لاحقاً، أنّه يؤلّف بحقّه عناصر جرم التدخّل اللاحق في الخطف.
• هل صحيح أنّ إخراج المحامية بشرى الخليل من الملفّ بعزلها أضعف موقف القذّافي الإبن بعدما كانت كفّتها القانونية هي الراجحة بدليل قرار محكمة التمييز برئاسة القاضي جوزف سماحة؟!.
هنيبعل القذافي هو من عزل وكيلته الأولى في آب عام 2016 بقرار مفاجىء منه في اليوم التالي لإخلاء سبيل النائب السابق حسن يعقوب، على ما أقرّت به هي في حلقة تلفزيونية. أمّا ما أشاعته عن أنّني قابلت هنيبعل وطلبت منه عزلها، فالثابت أنّني لم أزره إلاّ في كانون الثاني 2016 بحضور ضبّاط “شعبة المعلومات” بينهم رئيس الشعبة الحالي العقيد خالد حمود، وهو رجلٌ على قدر من الكفاءة والنزاهة.
كمـا أنّنا أصلاً لا نعير إهتماماً لمن سيوكل، ومن سيعزل، ومن سيعتزل.
أمّـا موضوع قرار إحدى المحاكم، فقد تمّ الطعن به وفق الأصول من قبل عائلة الإمام الصدر أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز المؤلّفة من كبار قضاة لبنان، وأنت تعرف ذلك، وصدر القرار أخيراً لمصلحة العائلة بعدما ثبت أنّ المحقّق العدلي لم يجانب الصواب وقراراته أصلاً لا تقبل الطعن وفق قانون أصول المحاكمات الجزائية. وللعلم، عائلة الإمام تتبع الأصول في اللجوء للقانون، كوسيلة حضارية لتحصيل وتثبيت الحقّ، وهذا ما حصل وسيحصل دائماً، فنحن في لبنان دولة قانون، بخلاف ما كانت عليه الأمور في ليبيا أيّام معمّر القذّافي.
فـي الختام، أؤكد لكم وللجميع: نحن ما زلنا- بقناعة تامة – ننطلق من مبدأ حياة الإمام ورفيقيه، والجانب الليبي ذاته يضع كلّ الإحتمالات على الطاولة، وبالتالي لا صحّة لما يتمّ بثّه في أذهان الناس من يأس وحسم لا وجود لهما إلاّ في مخيّلة وتمنّيات البعض.
(نشر في “محكمة” – العدد 21 – أيلول 2017).
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.