القرار التأديبي بحقّ المحامي لا يصبح نافذاً إلاّ بعد أن يصبح مبرماً/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
في تأكيد على القرار الشهير الذي سبق واتخذته محكمة الاستئناف المدنية في بيروت – الغرفة الحادية عشرة، الناظرة في استئناف القرارات النقابية، في قضيّة المحامي محمّد المغربي ضدّ النقابة تاريخ 2012/6/25 رقم 2012/282، والذي اعتبرت فيه أنّ القرار التأديبي لا يصبح نافذاً فوراً (استناداً للنظام الداخلي للنقابة)، إنّما يجب أن يصبح مبرماً حتّى يصبح نافذاً.
وبذلك، فقد اعتبرت محكمة الاستئناف المؤلّفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري والعضوين المنضمّين الأستاذين بيار حنّا وندى تلحوق، أنّ المحامي الممنوع مؤقّتاً من مزاولة المهنة بسبب عقوبة تأديبية، لا يفقد حقّ مزاولة المهنة، إلاّ عند صيرورة القرار التأديبي مبرماً وإبلاغه أصولاً، الأمر الذي لم يثبت تحقّقه في النزاع موضوع الدعوى.
وقضت بفسخ قرار مجلس النقابة وباعتبار الفعل موضوع الإذن بالملاحقة ناشئاً عن ممارسة المهنة وردّ طلب الإذن بالملاحقة.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2020/10/15:
ثالثاً: في الأساس
حيث إنّ القرار المطعون فيه الصادر عن مجلس نقابة المحامين في بيروت قد قضى باعتبار الفعل المنسوب إلى المحامي المستأنف غير ناشئ عن ممارسة مهنة المحاماة ولا بمعرضها.
وحيث يتبيّن أنّه قد حصلت نزاعات متعدّدة بين المستأنف وبين موكّله السابق الشاكي في طلب الإذن موضوع النزاع الراهن منها بعض الشكاوى والنزاعات التي نظر فيها مجلس النقابة والمحكمة الراهنة.
وحيث يتبيّن أنّ السبب الذي استند إليه القرار المستأنف لترتيب النتيجة التي توصّل إليها هي أنّ المستأنف ممنوع من ممارسة مهنة المحاماة.
وحيث يتبيّن أنّ المستأنف قد لوحق تأديبياً أمام المجلس التأديبي لنقابة المحامين في بيروت ونتيجة لذلك ألقيت عليه عقوبة المنع من ممارسة مهنة المحاماة وليس الشطب من جدول المحامين، بحيث يكون ما زال محامياً إنّما ممنوع من ممارسة المهنة لمدّة محدّدة بموجب قرار تأديبي لم يثبت أنّه أضحى مبرماً، لاعتباره نافذاً وفق اجتهاد هذه المحكمة الثابت (قرار هذه المحكمة أساس رقم 2012/282 تاريخ 2012/6/25 المحامي محمّد المغربي ضدّ نقابة المحامين في بيروت) إذ إنّ ما يستند إليه للقول بنفاذ الأحكام هو النصوص التشريعية وليس القرارات الإدارية.
وحيث إنّ المحامي الممنوع مؤقّتاً عن مزاولة المهنة بسبب عقوبة تأديبية لا يفقد حقّ مزاولة المهنة إلاّ عند صيرورة القرار التأديبي مبرماً وإبلاغه أصولاً الأمر الذي لم يثبت تحقّقه في النزاع الراهن.
وحيث كذلك فإنّ المنع المؤقّت من مزاولة مهنة المحاماة يطال مسألة الممارسة المهنية، ولكنّه لا ينزع صفة رجل القانون عن المحامي المحكوم بهذه العقوبة التأديبية وذلك لأنّ لقب المحامي اكتسب طبقاً لأحكام المادة 5 محاماة، ولأنّ العقوبة التأديبية لا تطال سوى المزاولة وهي بمثابة جزاء لإخلال المحامي بواجباته المهنية ومعاقبته مؤقّتاً على إتيانه عملاً يستدعي المحاسبة التأديبية دون أن تمسّ لقبه وصفته كمحامٍ كحقّ مكتسب بفعل قانون تنظيم مهنة المحاماة.
وحيث يكون القرار المستأنف باستناده لعقوبة المنع من مزاولة المهنة فقط لتقرير أنّ الفعل لا يعتبر ناشئاً عن ممارسة مهنة المحاماة أو في معرضها، واقعاً في موقعه غير الصحيح، إذ تبيّن أنّ التقرير الطبّي قد أبرز من المستأنف في أحد النزاعات التي أصدرت النقابة قراراً به طعن به أمام هذه المحكمة التي أصدرت قراراً قضى بعدم إعطاء الإذن لملاحقة المستأنف في الشكوى التي طلب الإذن في معرضها.
وحيث يتبيّن كذلك أنّ التقرير الطبّي الذي نظّم من قبل الطبيب الشرعي المعيّن من المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان للكشف على المستأنف بعد اعترا ض الشاكي على التقرير المبرز من المستأنف موضوع الشكوى الراهنة، قد جاء متضمّناً أنّ الحالة والعوارض تتناسب مع مضمون تقرير الطبيب موضوع شكوى التزوير، بحيث يظهر أنّ الشكوى موضوع طلب الإذن إنّما تعتبر غير جدّية بشكل جلي، الأمر الذي يحتّم عدم منح الإذن بملاحقة المستأنف بموضوع الشكوى المطلوب منح الإذن بالملاحقة موضوع هذا الملفّ الراهن.
وحيث إنّه تبعاً لذلك، ترى المحكمة أنّ قرار مجلس نقابة المحامين باعتبار أنّ الفعل موضوع الشكوى غير ناشئ عن ممارسة مهنة المحاماة ولا بمعرضها واقعاً في موقعه القانوني غير الصحيح، الأمر الذي يتوجّب معه قبول الاستئناف أساساً وفسخ القرار المستأنف، ورؤية النزاع انتقالاً والتقرير مجدّداً باعتبار الفعل موضوع الشكوى المطلوب إذن الملاحقة بشأنه ناشئاً عن ممارسة مهنة المحاماة، وردّ طلب الإذن بملاحقة المستأنف بموضوع الشكوى التي على أساسها طلب الإذن موضوع هذا الملفّ.
وحيث بنتيجة الحلّ المساق، تغدو سائر الأسباب أو المطالب الزائدة أو المخالفة مستوجبة الردّ إمّا لكونها لاقت ردّاً ضمنياً أو لعدم تأثيرها على النزاع، بما في ذلك طلب وفق التنفيذ.
لذلك
تقرّر بالإجماع:
1- قبول الإستئناف شكلاً.
2- إعتبار الخصومة منعقدة بين المستأنف المحامي ع.ر.م. والنيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان.
3- قبول الإستئناف أساساً وفسخ القرار المستأنف، ورؤية النزاع انتقالاً والتقرير مجدّداً باعتبار الفعل موضوع الشكوى المطلوب إذن الملاحقة بشأنه في الملفّ الراهن ناشئاً عن ممارسة مهنة المحاماة، وردّ طلب الإذن بملاحقة المستأنف بالشكوى المذكورة.
4- ردّ سائر الأسباب أو المطالب الزائدة أو المخالفة.
5- تعليق الرسوم والمصاريف كافة.
قراراً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2020/10/15
“محكمة” – الخميس في 2020/10/29